توفي الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو يوم 25 نوفمبر 2016 عن سن تناهز 90 سنة، ويرحل بعدما تحول الى رمز من رموز اليسار في القرن العشرين وترك بصماته واضحة في السياسة العالمية امتدت حتى الى المغرب بسبب تحوله الى العراب السياسي دوليا لجبهة البوليساريو.
وتولى الرئيس الكوبي راوول كاسترو فجر اليوم السبت (ليلة الجمعة بتوقيت كوبا) قراءة بيان مقتضب حول وفاة الرئيس السابق فيدل كاسترو. ويعتبر راوول شقيق الراحل. وكان راوول كاسترو قد تولى رئاسة كوبا بعد انسحاب فيدل سنة 2006، ومنذ ذلك التاريخ ووسائل الاعلام تتحدث عن قرب وفاته بسبب المرض حتى فارق الحياة اليوم، أي عشر سنوات بعد تخليه عن منصب الرئاسة.
وتعتبر حياة فيدل كاسترو بمثابة فيلم وأحيانا تتجاوز السوريالية، فقد نجح في تحويل بلد كان بمثابة نادي للترفيه بالنسبة للأمريكيين الى دولة تعتبر رقما صعبا في السياسة العالمية ومن أبرز حلقاتها الحرب الباردة وتحديه التاريخي للولايا المتحدة.
ولا تقل وفاته إثارة، فهو غادر الدنيا في يوم الذكرى الستين التي انطلقت فيه سفينة غرانما المحملة بالسلاح والمقاتلين اليساريين وعلى رأسهم فيدل شخصيا لبدء الثورة الكوبية التي تحولت الى مشعل لليسار في أمريكا اللاتينية والعالم.
وترك فيدل كاسترو بصماته على السياسة العالمية، من الحرب الباردة الى نزاعات إقليمية ومنها نزاع الصحراء. وارتبط بالمغرب بطريقة أو أخرى في محطات سياسية عديدة طيلة النصف الثاني من القرن العشرين.
في هذا الصدد، كان فيدل كاسترو شغوفا بتاريخ المغرب وخاصة منطقة الريف ومنها ثورة محمد عبد الكريم الخطابي. فقد كان في الخمسينات يتحدث عن كيف كان الكوبيون يواجهون الاستعمار الإسباني في التسعنيات من القرن التاسع عشر، وكيف انتقل نفس الجنود الإسبان الى مقاتلة الريفيين شمال المغرب في معارك في نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين بل وحتى ثورة الخطابي.
وبعد نجاح الثورة الكوبية، انفتح فيدل كاسترو على دول العالم ومنها المغرب، حيث زار وزير الصناعة الشهير في حكومته، الثائر تشي غيفارا المغرب صيف 1959، ووقع على اتفاقيات منها تصدير كوبا السكر للمغرب، وربط علاقات متينة مع اليسار المغربي وخاصة الزعيم المهدي بن بركة. وكان المهدي بن بركة يلتقي قادة الحزب الشيوعي كثيرا، وكان اتفاقه الشهير مع فيدل كاسترو عل احتضان مؤتمر القارات الثلاث. ويستمر الحزب الشيوعي، عبر المكتب التنفيذي لمنظمة التضامن لشعوب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية المنبثقة عن مؤتمر القارات الثلاث، يقف دقيقة صمت ترحما على روح المهدي بن بركة كلما حلت ذكرى اختطافه واغتياله.
ولا يمكن فهم تطور قضية نزاع الصحراء بدون الدور الذي لعبته بعض الدول في دعم جبهة البوليساريو وهي أساسا الجزائر وليبيا ثم كوبا. وتعتبر الأولى الممولة والمحتضنة للجبهة، بينما ساهمت نظام معمر القذافي في تسليح الجبهة لسنوات طويلة، بينما لعبت كوبا دور العراب الدولي لجبهة البوليساريو.
وتتجلى مساهمة فيدل كاسترو في نزاع الصحراء عبر مستويين، الأول وهو تكوين أطر جبهة البوليساريو في شتى المجالات العسكرية والطبية والإدارة، حيث استقبلت مدارس وجامعات كوبا مئات الطلبة الصحراويين الذين أصحبوا عماد البوليساريو.ويتجلى الدعم الثاني في الدعم الدبلوماسي الذي قدمته الى البوليساريو في أمريكا اللاتينية. فقد عملت كوبا على إقناع الكثير من دول المنطقة الاعتراف بالجمهوري التي أعلنتها البوليساريو، وكانت تنظم رفقة الجزائر مؤتمرات ولقاءات الدعم.
التعليقات مغلقة.