فشل النموذج التنموي السابق فشل للحكومة
بقلم : مصطفى المتوكل الساحلي//
حينما نقول ونقر جميعا بفشل المشروع التنموي الحالي الذي نتساءل عن بداياته .. هل تعود بصفة أساسية ل10 سنوات الأخيرة ؟.. أو في ارتباط بالموروث من سلبيات ومعيقات وأخطاء لأزيد من 60 سنة ،، في علاقة بمجالات تهم الإدارة والحكامة والعدالة الإقتصادية والإجتماعية والمجالية ، وفي ارتباط بمدى توظيف واستثمار الثروة من أجل التنمية المتحدث والمروج لها في البرامج الانتخابية وبالمؤسسة التشريعية ،، وفي صلة بالآليات الإدارية والتدبيرية والتشريع الذي كان جزءا من الفشل بدليل الدعوة والمبادرة لتحديثه وإصلاحه المتدرج لجعله عادلا وديموقراطيا ومحفزا وحاميا للحكامة واالشفافية و للحركية والتطور الإقتصادي والإجتماعي والمجالي ،، ولضمان الحد من الفوارق الطبقية والهشاشة والفقر ،، وليؤطر ويقنن وينظم الثروة والإغتناء ، وما زالت المطالب الحقوقية والسياسية الداعية للإصلاح مطروحة ومازل العمل المتدرج ببطء متواصلا من أجل تحديث وتجديد وبناء منظومة قانونية في جميع المجالات مواكبة لمتطلبات العصر والتطورات العالمية في مجال العدالة والحكامة وحقوق الانسان والنزاهة والمساواة والشفافية والنجاعة والفعالية والمردوية المحققة للثقة والضامنة للطمانينة التي تشمل الانسان والاقتصاد وحركة الراسمال الشرعي ، مع السعي لجعل مصادر الإغتناء هي العمل والإجتهاد والإبداع والجودة في مختلف ميادين الاستثمار ، والإرث المشروع بعيدا عن كل أشكال الريع والإمتيازات والإنتهازية الموجهة والاحتكار والغش …
إن القول بفشل النموذج التنموي هو عبارة عن خلاصة تقيمية تشكل حكما على مرحلة و سياساتها غير الموفقة التي بلغت أضرارها وانعكاساتها مستوى حرج في جل المجالات ، وطالت التوازنات الإجتماعية والإقتصادية ، وأصبحت تؤثر بشكل جلي على الطبقات الفقيرة و امتدت لتضعف البورجوازية الصغرى والمتوسطة
إن الفشل يحيلنا مباشرة على واضعي السياسات والمصادقين عليها والمكلفين بتنفيذها وطنيا وقطاعيا وجهويا وترابيا ،، وهذا يعني الأغلبية السياسية المشكلة للحكومة بالدرجة الأولى قبل غيرها ، فإن حصرناها في عقد من الزمن فهذا يعني ما بعد التعديل الدستوري 2011 والنخبة الحاكمة التي أفرزتها الإنتخابات التشريعية ، والتي عوض أن تعالج بتجاوب مع دواعي التعديل الدستوري أي التجاوب مع المطالب الأساسية لحراك 20 فبراير في علاقته بما أطلق عليه بالربيع الديموقراطي الذي شهدته دول بشمال افريقيا وأخريات بالشرق الأوسط ،،قامت بنقيض المطلوب والمطالب لتزيد الأمور والأوضاع سوءا حتى لازمها التوصيف الملائم لها أي ” الفشل” الذي نجمت وستنجم عنه انعكاسات سلبية ومعطلة للتنمية والتطور ،، لنجد أنفسنا بعد ما يقارب عشر سنوات أمام إعلان سياسي جد هام لوضع نموذج تنموي جديد لوقف النزيف والفشل ، وهنا نثمن الخطاب الملكي الذي عبر عن حقيقة يحسها الشعب المغربي ويعاني منها تسببت في إنهاكه وإضعافه وهشاشته وتهميشه وتفقيره وتعطيل شبابه و…
ومن هنا نتساءل هل الحكومة المشكلة من أحزاب و التي فشلت ببرنامجها المعلن عنه في التصاريح الحكومية قادرة على وضع برنامج تنموي جديد مغاير لما تقوم به ولم تقترحه بل ولم تنجح حتى في تنفيذ برنامجها ووعودها ؟ وهل الأحزاب التي شاركت في الحكومة ما بعد 2011 والتي قبلت وتوافقت على تصريح حكومي بمثابة أرضية عامة وخطوط برامج وسياسات مالية لولاية الحكومة سنويا ، بما في ذلك اعتمادها على سياسة الإقتراض التي تعطل فعالية مالية الدولة اجتماعيا وتنمويا ، وما يعنيه ذلك من قبولها لنصائح بمثابة أوامر من صندوق النقد الدولي ومؤسسات الإقتراض الأجنبية التي تلحق الضرر بالشعب وبالتشغيل وبالقدرة الشرائية و…
وتبعا للكل هذا هل الحكومة والبرلمان والأحزاب المشكلة للغرفتين أصبحوا شبه عاجزين إن لم نقل فاشلين في تدبير الحلول ووضع برنامج لنموذج تنموي جديد وفعال وديموقراطي وحداثي و.. ؟
إنه وبسبب التجاذبات السياسوية وبعض المرجعيات الأصولية المتحجرة سواء كانت من اليمين أو الوسط و الذين يفسرون وجود الأزمات والكوارث بسبب السماء ومنهم من يصدر فتاوى بسوء نية لتعطيل برامج تنموية ، ويتخذ مواقف معلنة ومسكوت عنها لتجميد تشريعات حداثية وللتشكيك في كل اصلاح حقيقي حتى يحافظوا على مصالحهم ويراكموا ثروات لم يكونوا حتى يفكرون فيها ، إنهم يتجنبون اعلان فشلهم وإفلاسهم الذي حصل بسبب سوء تقديرهم وعملهم بالحكومة والأحزاب وفساد تدبيرهم للأمور وعلاقاتهم بالناس ..
إن طغيان التعصب الأعمى” للعشيرة “و”الحزب” و”المذهب ؟؟ ” على حساب مصالح الوطن والشعب لن ييسر للعقول الراشدة المعنية بالتفكير العملي لوضع أسس تغيير حقيقي يطلق مسيرة تنموية مستدامة تسير بمتوالية هندسية سياسية ديموقراطية عادلة تعليمية ثقافية و اقتصادية واجتماعية ومجالية ،، لهذا وجب القطع مع النفاق السياسي والتقية التي توظف لابقاء الأمور وفق هواهم ، وكانهم لايعلمون ولايعملون بقواعد اجمع عليها علماء السياسة والاقتصاد ،وعلماء الدين والتي نجملها في ترجيح مصلحة الشعب والوطن على مصالح المذهب والحزب ، وعلى النفس الساعية للاغتناء المشروع وغير المشروع أي الأمارة بالسوء لاتعنيها الرعية ومصالحها إلا عند السعي للحصول على أصوات الناخبين والناخبات بتوظيف المال والدين او هما معا …
إن الشعب يعرف مقدساته ولا يحتاج إلى من يزايد بها عليه لأغراض في أنفسهم ، ويعرف ربه ودينه قبل تشكل الأحزاب والمذاهب ، ولا يحتاج إلى من يتخفى وراء الدين ليتحكم في السياسة وليتسبب في التفرقة وتمزيق المجتمع ونشر الكراهية وإشاعة التوجهات التكفيرية التي تنتج الإرهاب بكل أنواعه …
إن الشعب يريد نموذجا تنمويا جديدا يجيب على تساؤلاته ويتجاوب مع انتظاراته بالسهل والجبل بالمدن الكبرى والمتوسطة والصغرى ، بالقرى والمداشر ، بالمناطق المعزولة والمهمشة ،، نموذجا يستجيب لانتظارات الشباب ويجعهلهم في صلب آليات التنمية ، نموذجا يضع حدا لسياسات التفقير والهشاشة ويخرج الفقراء من ظلمات الخصاص والعوز والاستجداء والألم .. إلى دائرة المساهمة في الإنتاج والعمل التشاركي الوطني -” التويزة “- كل حسب طاقته وقدراته ، وضمان مستوى من العيش السليم والسوي بعيدا عن الركوب على حاجتهم من المستغلين للثروة التي يمتلكونها لأهداف سياسية غير نبيلة ، والمستغلين للمال العام بالجماعات الترابية للإبتزاز من أجل الحصول على أصوات انتخابية …إلخ
إن فشل النموذج التنموي الحالي يعني الحكومة و الأحزاب التي تشكلها وتساندها والتي لم تنجح حتى في أحزابها بوضع وتنفيذ نموذج تنموي لها ، ناهيك عن أن ينجحوا في تحقيق المطلوب من أجل تنمية حقيقية بالوطن ، …
أعتقد أن الوضع يحتاج الى رجة قوية للقطع مع مرحلة ، والسعي الحثيث لانطلاق مرحلة جديدة تتوفر فيها كل وسائل وأدوات النجاح بتفوق ، أي نحتاج الى حل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة انتقالية قوية عملية مهمتها التكامل مع اللجنة الوطنية للنموذج التنموي ،، قادرة على تطبيق الإصلاحات القوية الضرورة لبناء التنمية ، وعلى استرجاع وتقوية الثقة في المستقبل عند الشعب بكل فئاته وطبقاته من أجل مشاركة قوية في الإنتخابات المقبلة ، وأن تكون الإنتخابات المقبلة مرحلة للفصل المنهجي السياسي لوضع حد للخلط والغموض والتضليل السياسوي الذي أصبح جزءا كبيرا من أسباب العزوف والشك والياس والقنوط ..
إن من الواجب أخلاقيا أن تقزم الأحزاب والنقابات و..بمراجعات نقدية لنفسها وسياساتها وأن تقف على أسباب فشلها الداخلي و بالمجتمع ، وأن تعيد ترتيب وصياغة أفكارها ومبادئها وبرامجها ، وأن تعيد بناء مؤسساتها عل أسس ديموقراطية عادلة تؤطر وتنظم التنافس والإختلاف الداخلي في علاقة مع تنظيم وحماية الحق في التعبير والرأي مع كل القوى المجتمعية والشعب ،،
إن واجب مكونات المشهد السياسي والحزبي العمل لتتقوى أحزاب اليمين من جهة ، والأحزاب الوطنية التقدمية وأحزاب اليسار من جهة أخرى والقطع مع المشهد السياسي الحكومي المتناقض والغريب الذي يزيد السياسة ميوعة وعبثا ،، وان يتبع ذلك تشكيل أقطاب وتحالفات منسجمة سياسيا وفكريا قادرة على تنفيذ برامجها والتزاماتها في إطار النموذج التنموي الجديد الذي لايجب أن يؤول إلى ما آل إليه سابقه …
تارودانت : الإثنين 24 فبراير 2020.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.