إعداد سعيد الهياق//
من دون شك أن أوربا تعيش أزمة وبائية لم تشهدها منذ عدة قرون. وضع وبائي عصيب ضرب جميع مراكز البنيات الاقتصادية و المالية الاجتماعية، وكشف عن عورة هشاشة الأنظمة الأوربية العتيدة في التعامل السليم و الموضوعي مع أزمة وباء كورونا. و مع الحسن أبو ستة أحد الأطر المغربية المتمرسة في دواليب السياسة الأوربية، و المقيمة بفرنسا في حوار عن بعد: إلى أي حد ساهم وباء كورونا في فضح واقع هشاشة المواثيق الأوربية في مواجهة المخاطر الوبائية و الأزمات الاقتصادية؟
” ماوقع في القارة العجوز”أوروبا بالنسبة لوباء كورونا المستجد أمر غريب، فشل آخر يضاف إلى سلسلة الإخفاقات التي سجلتها سياسة الاتحاد الأوروبي و بريطانيا المنفصلة، و هذا يرجع بالأساس إلى التعامل مع الوباء بأنانية و غرور و إنعزالية. و كذلك وتيرة تجاوب دول الإتحاد الأوربي بطريقة بطيئة في محاربة الوباء أثر بطريقة سلبية على ثقة المواطن الأوربي وطرحه السؤال:
* لماذا الإتحاد و ما هو جدواه ؟ و ماذا عن إعادة ترتيب أوراقه مع وباء كورونا خصوصا بعد وضوح انحسار روح التضامن فيما بين الدوّل الفاعلة في الإتحاد، و رفض ألمانيا و دول شمال أوروبية أخرى مناشدة دول عصفتها الجائحة من بينها إيطاليا الأكثر تضرراً، من أجل الاقتراض الجماعي من خلال “سندات كورونا” للمساعدة في تخفيف الضربة الاقتصادية للوباء ؟
لما وصل الوباء إلى أوربا تحول إلى “فوبيا” يُذكرني بأفلام الرعب، حيث يتحكم الإعلام بالرأي العام الأوربي و يرسمه في وقت استطاعت ماليزيا و أندونيسيا و اليابان و كوريا وغيرها من دول آسيا المجاورة للصين من السيطرة على الفيروس و الحد من خطورته بكل مهنية طبية بعيدا عن الهوس الإعلامي وبدون كبريّاء و غرور تكنولوجي أو علمي. كما أن أزمة كورونا أثبتت امتلاك تنظيمات متخصصة بالجريمة كالمافيا الإيطالية مسؤولية أكبر من حكوماتها وأرقى .
وكذلك المملكة المغربية التي أشاد بها الإتحاد الأوربي حيث قال أن المغرب عرف كيف يتصرف بسرعة و فعالية، من خلال الانكباب على معالجة مختلف جوانب محاربة فيروس كورونا بكيفية منسقة. فهذا الإعتراف لا يُعبر إلاّعن مدى ضُعف دوول الإتحاد الأوربي في تسيير الأزمة و مدى قُدرة دول بالأمس كانت مُستعمرات لها. و اليوم كثير من طاقاتها و كفاءتها العلمية و الطبّية تعيش و تمارس مهاممها داخل دول الإتحاد العاجز. لكن إذا كان الوباء جدّ قاسيا و عنيفا على الدول العملاقة علميا و إقتصاديا و تكنولوجيا، و كان رؤوفا رحيما على الدول الأخرى فإن مخلفاته ستؤثر على الفرد و المجتمع و المؤسسات و الشركات العامة في العالم. بل أن جائحة كورونا ستغير وجه العالم و لن يكون حتما مثلما كان قبلها.
لكن لا محالة أن العالم العربي المشحون بالأزمات السياسية و الاقتصادية أصلا سيكون أكبر ضحايا مخلّفات الوباء سياسيا و إقتصاديّا في وقت يتعافى فيه إقتصاد الدول المتقدمة و تتقوى هندستها المالية فى إعادة هيكله المشروعات الاستراتيجية من جديد.”
توقيع الحسن أبوستة
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.