علي صدقي ءازايكو…باختصار مجحف

الا"كتشاف" الغريب للدكتور عبد الخالق كلاب

رشيد نجيب

استقبل عموم متتبعي الملف الأمازيغي “اكتشافا” غريبا أخيرا للدكتور عبد الخالق كلاب – في تقديرنا لن يكون الأخير- بالكثير من الاستغراب والدهشة. “الاكتشاف” روج فيه السيد كلاب بكونه التقى شخصا ما يقول إنه مسن، هو الذي كتب للراحل ءازايكو مقاله العلمي المشهور: ” في سبيل مفهوم حقيقي لثقافتنا الوطنية”، والذي بمقتضاه منعت مجلة “أمازيغ” التي نشر فيها، وتمت محاكمته واعتقاله في إحدى محاكمات الرأي بداية الثمانينات.

أظن أن السيد كلاب قد وضع نفسه في وضع لا يحسد عليه. فالجميع يعرف قيمة ونضالية ورمزية المرحوم علي صدقي أزايكو لدى كل أجيال الحركة الأمازيغية سواء بالمغرب وبالعالم أجمع. وذلك نظير تضحياته ومبادراته في سبيل القضية الأمازيغية بالمغرب دفاعا عن الهوية والثقافة واللغة الأمازيغية، في سياق زمني تاريخي كان دقيقا في كل تفاصيله وعناصره.

ءازيكوا الذي كان ضمن جيل عصامي كون نفسه بنفسه، يكفي فقط أن نتذكر زمالته بالمدرسة الإقليمية للمعلمين بمراكش لكل من أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية (زميله في شعبة التاريخ بجامعة محمد الخامس بالرباط) وعبد الغني أبو العزم (صاحب الدراسات اللغوية المعجمية والقيادي في صفوف اليسار المغربي) وعبد الله بونفور (الأكاديمي المتخصص في الثقافة والأدب الأمازيغي بمعهد الإنالكو والجامعات الفرنسية).

ءازايكو الذي انتقل مهنيا من مدرس بالسلك الابتدائي إلى أستاذ للتاريخ في الثانوي بسلكيه، ثم أستاذا جامعيا متخصصا في التاريخ في جامعة محمد الخامس بالرباط، باعتبارها من أعرق الجامعات الوطنية. مسار مهني متنوع سجل فيه أطروحة أكاديمية تحت إشراف الأكاديمي الفرنسي جاك بيرك (الذي اشتغل كذلك مراقبا مدنيا بالمغرب خلال الفترة الاستعمارية)، وما أدراك ما جاك بيرك كقامة أكاديمية وعلمية معروفة.

ءازايكو الذي كان ضمن الرعيل المناضل المؤسس لأول جمعية ثقافية أمازيغية بالمغرب: “الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي” سنة 1967 بمعية مناضلين أخرين كبار أمثال المرحوم إبراهيم أخياط والدكتور أحمد بوكوس (عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية) والدكتور عبد الله بونفور وغيرهم من الطلبة والأساتذة الذين اختاروا بكل شجاعة وجرأة تأسيس أول إطار وطني يعمل على الاهتمام بالأمازيغية بكافة أبعادها.

ءازايكو الذي ألف الكتب ونشر المقالات والدراسات حول التاريخ والأمازيغية بالعربية والفرنسية، وضمنها المقال الذي توبع به وجعل منه أول معتقل سياسي للقضية الأمازيغية بالمغرب. والمئات من الإبداعات بالأمازيغية بعضها منشور فيما لازال الكثير منها مخطوطا.   

ءازايكو الذي درس لعقود في الجامعة المغربية مكونا أجيالا من الطلبة في تخصص، ومشرفا على أبحاث العديد منهم.

ءازايكو الذي حضي بالعناية الملكية السامية حين عينه جلالة الملك محمد السادس عضوا في مجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مباشرة بعد إحداثه، وكذا باحثا بمركز الدراسات التاريخية بنفس المعهد.

السؤال: أينتظر رجل عالم ومثقف بكل هذه المواصفات من يكتب له مقالا؟ يصعب جدا أن نبني مسارا أكاديميا وحضورا فاعلا في المشهد العمومي بالكذب، لاسيما الكذب على الموتى.  فحبل الكذب قصير كما يقال.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد