على هامش الجمع العام للجامعة الصيفية: في حاجتنا إلى مركز ثقافي بسوس الكبرى

ريناس بوحمدي//rinasbouh

على بعد أيام معدودة ستكون جمعية الجامعة الصيفية  قد استكملت إجراءاتها الإدارية لتجديد هياكلها وضخ دماء جديدة في شرايينها، وهي الإطار الجمعوي الامازيغي الوحيد الذي  استطاع الحفاظ على وحدته منذ نشأته سنة 1979 ، كما تعد الحضن الذي يجتمع حوله كل أمازيغ المغرب الذي يتمخض عنه الحد الأدنى للمشترك بينهم إلى جانب ندواتها الفكرية الرفيعة على مدى 36 سنة  التي أغنت المكتبة المغربية بتجميعها، كما أغنت المشهد السياسي بشعارات تكون الجامعة الصيفية السباقة إلى استنباتها في التربة السياسية المغربية كشعار ” الوحدة في التنوع ”  في زمن كان مفهوم التعدد موسوما بالصراع الصفري ” يا أنت معي ترس أحميك وتحميني ، يا أنت ضدي أقتلك أو تقتلني ” .

على غرار الصرح العلمي الذي أسست له الجامعة الصيفية على مدى 37 سنة، أرى من موقعي كمتتبع، بلى أحد خريجيها، الذي واكب جل أشغالها منذ الدورة الأولى، أنه آن الوقت للقائمين على شئونها وكل مؤسسيها والمتعاطفين معها الانتقال بها من الحضور الرمزي إلى الحضور الفعلي واليومي من خلال إنشاء مركز ثقافي قار يفتح أبوابه للباحثين،ويساهم في تأطير  التنشئة بالانفتاح على كل الفنون وخلق الحاجة إليها عند الجمهور كدعامة لاستمرار مركز مصدر لمنتوجات  تلبي تلك الحاجة.

ِوالمركز لن تكون له قيمة مضافة ما لم ينغرس في الدفاع عن هويتنا الثقافية بمستوياتها الثلاثة الفردية والجمعية ثم الوطنية ،وذلك  باكتساب الأسس والأدوات التي لا مناص منها لدخول عصر العلم والتقانة، وفي مقدمتها العقلانية والديموقراطية .والعلمانية ، وذلك عبر تحديث هويتنا واختراق الحضارة كذوات فاعلة مستقلة.

ولا تكتمل الهوية الثقافية، ولا تبرز خصوصيتها الحضارية، ولا تغدو هوية ممتلئة قادرة على نشدان العالمية، على الأخذ والعطاء، إلا إذا تجسدت مرجعيتها في كيان مشخص تتطابق فيه ثلاثة عناصر: الوطن والأمة (nation) والدولة.

الوطن: بوصفه “الأرض والإنسان الممتد عبر الزمان منذ ماقبل التاريخ “، وقد أصبحا كيانا روحيا واحدا، يعمر قلب كل مواطن. الجغرافيا وقد أصبحت معطى تاريخيا. والتاريخ وقد صار موقعا جغرافيا.

الأمة: بوصفها النسب الروحي الذي تنسجه الثقافة المشتركة: وقوامها ذاكرة تاريخية وطموحات تعبر عنها الإرادة الجماعية التي يصنعها حب الوطن، أعني الوفاء  والولاء لـ “الأرض و الإنسان”، للتاريخ الذي ينجب، والأرض التي تلد وتحتضن. ولا غير

الدولة: بوصفها التجسيد القانوني لوحدة الوطن والأمة، والجهاز الساهر على سلامتهما ووحدتهما وحماية مصالحهما، وتمثيلهما إزاء الدول الأخرى، في زمن السلم كما في زمن الحرب. ولا بد من التمييز هنا بين “الدولة” ككيان مشخص ومجرد في الوقت نفسه، كيان يجسد وحدة الوطن والأمة، من جهة، وبين الحكومة أو النظام السياسي الذي يمارس السلطة ويتحدث باسمها من جهة أخرى. وواضح أننا نقصد هنا المعنى الأول.

وإذن، فكل مس بالوطن أو بالأمة أو بالدولة هو مس بالهوية الثقافية, والعكس صحيح أيضا: كل مس بالهوية الثقافية هو في نفس الوقت مس بالوطن والأمة وتجسيدهما التاريخي: الدولة.

والذي يهددنا ليس العولمة التي يجري الحديث عنها الآن فالعولمة نظام  système ، والنظام لا يقاوم من خارجه إلا بنظام مكافئ له أو متفوق عليه. ونحن أردنا أم أبينا هذا النطام آلية من آليات التطور “التلقائي” للنظام الرأسمالي في العالم ، ولكن الخطر الذي يهددنا هو هذا الوحش العربي الذي يعتقد أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، هذا الذي لا يعترف بالوطن ولا بالأخر المخالف إلا عدوا بالضرورة يجب تصفيته ونهبه.

فنحن ساهمنا في هذه الحضارة منذ فجر التاريخ من خلال أعلام وأنظمة اجتماعية أريد لها تغييبها في فترة ما تعد الاستقلال، فإنه آن الأوان لنفض الغبار عليها وتكون عوننا للاختراق الحضاري بثقة في أنفسنا وعودة إلى موقعنا الجغرافي وعمقنا الجيوسياسي بعد أن تاهوا بنا في وطن الوهم نفسه لم يؤسس يوما لمفهوم الوطن  خارج الترحال والتمدد والتقلص حسب الحاجة إلى النهب والسبي


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading