عرض مسلسل “فتح الأندلس” في المغرب وفي شهر رمضان غباء ما بعده غباء

بقلم ذ. الحسن زهور

ان تقوم التلفزة المغربية باشهار المسلسل ” فتح الاندلس” لمخرجه الكويتي الذي ستعرضه في رمضان، فهذا ما نسميه بالغباء السياسي، اي عرض هذا المسلسل في المغرب في وقت غيرت فيه اسبانيا من موقفها من قضيتنا الوطنية واعترفت لأول مرة بالطرح المغربي اي بمشروع الحكم الذاتي.
فلو تم اشهار التلفزة المغربية عرض هذا المسلسل قبل هذا التغير في الموقف الاسباني لقلنا إنه من انواع الضغط السياسي على اسبانيا، وبما ان الأخيرة تراجعت الآن وتبنت الموقف المغربي، فالغباء كل الغباء ان نعرض هذا المسلسل في هذا الوقت بالضبط اي وقت رجوع اسبانيا الى الصواب.
أ بمثل هذا المسلسل نرد لاسبانيا مبادرتها الإيجابية اتجاه بلدنا؟
ألا يمثل هذا استفزازا مجانيا لها؟
ألا يقوي عرض المسلسل في المغرب الاتجاه المتطرف في إسبانيا و المناوئ لقضيتنا الوطنية؟
لماذا نبش التاريخ في هذا الوقت بالذات؟ لعرض المسلسل في دول الخليج والشرق الاوسط شيء عاد جدا لان هذه الدول بعيدة عن اسبانيا جغرافيا وثقافيا … أما نحن المغاربة فلا.
هل سننتظر من محمد العنزي الكويتي ان يكتب عن تاريخنا؟
سبق لمحمد سامي العنزي ان أخرج مسلسلات تصب في خانة الصراع السياسي بين الدول الخليج وبين ايران، من بينها مسلسلات” الامام” , و” الحسن والحسين”, و” خالد بن الوليد”، و ” خالد بن الوليد” وكلها تدخل ضمن هذا الصراع من وجهة نظر الخليجيين، لكن ان ينتج مسلسلا عن فتح الاندلس- وفتح الاندلس له علاقة متميزة تاريخية بين المغرب والاندلس- هنا موضع النقاش. فهل تتساوى كفة العلاقات الثقافية والسياسية والتاريخية بين دول الخليج (ومنها الكويت) الآن واسبانيا مع الكفة العلاقات بين المغرب واسبانيا ثقافيا وتاريخيا وسياسيا؟
شتان ما بين الكفتين: العلاقات الثقافية والتاريخية بين المغرب واسبانيا تاريخية وثقافية ما زلنا نعيشها ممثلة في الغناء الاندلسي والزخرفة, والتاريخ المشترك..
فالمسلسلات التي ينتجها هذا المخرج او شارك فيها هي مسلسلات ترتبط بتلك المنطقة التي يتواجد فيها المخرج اي منطقة الخليج الفارسي العربي، وتجسد تلك المسلسلات الصراع السياسي بين ايران( الفرس) ودول المنطقة( العرب) ليكون التاريخ هو مجال من مجالات هذا الصراع، لكن ان يتحدث هذا المخرج عن الاندلس بمنظور شرقي في هذا الوقت الذي شهدت فيه العلاقات المغربية الإسبانية تحسنا كبيرا لصالح قضيتنا الوطنية فهذا شأنه وهو حر في ذلك( حرية التعبير ولو من موقف منحاز ومضلل أحيانا ولنا أمثلة في المسلسلات التي تتحدث عن التاريخ الاسلامي)، لكن ان تعرض التلفزة المغربية هذا المسلسل في هذا الظرف بالضبط فهو قمة الغباء السياسي الذي لا يراعي مصلحتنا الوطنية.
المسلسل التاريخي” فتح الاندلس” في هذا الظرف الايجابي بالنسبة للمغرب هو نظرة سياسية تتخذ التاريخ مجالها للاضرار بالعلاقة بين المغرب واسبانيا، لذلك فالتلفزة المغربية باشهارها لعرض هذا المسلسل في المغرب هو غباء سياسي، فهي هنا مثلها مثل المداويخ المغاربة الذين أخرجوا ما في قواميسهم من السباب والشتم الايديولوجي يسبون به بلدهم لأنه أعاد علاقته باسرائيل في وقت نحن في أمس الحاجة إلى حلفاء أقوياء من أجل قضيتنا الوطنية.
فهل سنصنف مسؤولي التلفزة المغربية بدورهم ضمن هؤلاء المداويخ؟
اتقوا الله في وطننا, ودعوا عنكم الايديولوجيات الشرقية التي دمرت بلدانها. فنحن مغاربة ولسنا مشارقة.

اترك رد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد