عبد الرحمن طنكول: المنشورات الجامعية ورهانات الثقافة والتنمية بالمغرب
أزول بريس – في إطار فعاليات المعرض الافتراضي للكتاب الجامعي، ألقى الأستاذ عبد الرحمن طنكول محاضرة، استغلها بالقول : نحن أمام تحديات بناء نموذج اكاديمي قادر عل تجديد الثقافة الجامعية. ولكن ما معنى الثقافة؟ يقف تعريف اليونسكو على تعدد أشكال التعابير والعادات والعمران وتميزها، إذ لا تحتكر الثقافة فئة دون أخرى، لأن الثقافة مجال لنشاط القيم. وفي مجال القيم لا وجود لتراتبية، إذ الحاكم هو التعدد والاختلاف، وسيادة عناصر الكونية، كما هو واضح في تصنيفات اليونسكو. وهو التعريف الذي يذكرنا بأهمية الثقافة لدى مختلف الفئات. محاضرة طنكول على الرابط التالي :
فالمعرفة تبنى على أسس معرفية وتشتغل على الطابع التجريبي أو على الطابع العملي. وبذلك فإن الثقافة تتموقع في التنمية، لأن ربط الثقافة بالتنمية يجعلها في صلب هذه الأخيرة. والثقافة بهذا المعنى هي مختلف الفنون والمدوّنات التي تنتجها الجامعة للمساهمة في الدفع بعجلة التنمية داخل المجتمع.
ثم إن المجالات الفكرية تشكل سلطة نقدية تتبنى فيه الجامعة مساحة فكرية نقدية بالضرورة. وبذلك تختلف ثقافة الجامعة في إنتاج المعرفة لأنها تراهن على تحفيز
التنمية من خلال النبش في أشياء لا يتم البحث فيها خارج أسوار الجامعة. أي أن الجامعة تمارس الثقافة للإحاطة بتنمية المجتمع.
وقد انفصلت الجامعة عن أصلها القروسطي، إذ لم تعد تركز على التلقين وحده، بل تجاوزت ذلك لتقف عند مدى التعقيد الذي يطبع العالم. وكانت فكرة التخصص هي التي أدت إلى عزل الفكر عن العلم وعزلت الخيال عن الواقع. ثم إن تطور المجتمع الصناعي الذي اثر على جعل التقني التَقاعة Technicité، تحل محل الفكر. مما خلق سلطة التَقانة باعتبارها أداة ووسيلة لتجسيد غايات الإنسان، مما أنْسانا الوجود وغذى الشعور بالفقد، وكذلك الشعور بالغرابة.
ولذلك، وجب الارتقاء إلى مدارج مجتمع المعرفة، لأن التطور يستوجب استحضار مختلف الأبعاد، بما في ذلك، دور العلوم الإنسانية، عملا بمبدإ العمل التشابكي. لأن الإنسان يظل في أمس الحاجة لتنسيب التقنية.
وقد صنف طنكول المنشورات الجامعية، إلى:
- منشورات ذات حمولة إيديولوجية، عبارة عن باراديكَمات ماكرو تحليلية، تقوم على استقراء المجتمع المغربي في قطيعة مع الفكر الكولونيالي (العروي، عزيز بلال، باسكون، الخطيبي مثلا؛
- منشورات ركزت على التحليل القطاعي، وقامت على المقاربات المتخصصة (التاريخ، اليهود المغاربة، الفلاحة،الصناعة، التراث، الصحافة، الأدب، الفنون …)، كما جسدته كتابات الحبيب المالكي وفتح الله وعبد الله ساعف ومحمد القبلي، وأحمد بوكوس واحمد اليابوري وعبد الفتاح كيليطو، ومحمد برادة وفريد الزاهي وعمر حلي، ونجيب العوفي وكنبيب، و حسن رشيق ومحمد الوزير ومحمد الناجي مثلا…).
- المنشورات التي تهتم بقضايا مثل المجتمع والجنس والنوع والمرأة والمجتمع والشباب والمستقبل (حميش وساعف وأومليل وجسوس وعائشة بلعربي والمصطفى بنشيخ ورحمة بورقية، وفاطمة الزهراء ازريويل ونور الدين أفاية، والمزكَلدي وكريمة اليتريبي وغيرهم).
- المنشورات التي نحت منحى التشخيص والتحليل: الأدب وإشكالية اللغة، والأدب التخييل الذاتي، والمغرب وإفريقيا، مثلما هو الحال عند عبد الأحد السبتي ورشيد بوستة وعبد المجيد قدوري وغيرهم.
ثم الاهتمام بالحرية والأدب الشذري، مثلما هو الحال في كتابات عائشة بلعربي وسناء غواتي ومشيشي العلمي ومصطفى الشاذلي وغيرهم.
وهذا التراكم المعرفي في الجامعة المغربية بمختلف المجالات، يسمح ببناء قيم تقطع الطريق على التيارات الدوغمائية، من خلال تقديم تحليلات خاصة لوضع اليد على مكامن قوة المجتمع المغربي، بعيدا عن لغة الخشب من خلال وجهة نظر نقدية.
وبذلك، فالجامعة المغربية تشتغل على بناء المجتمع المغربي الشبكي لربح المعارك التي يخوضها المغاربة، وعلى رأسها معركة التنمية.
التعليقات مغلقة.