كلف الملك محمد السادس اليوم الثلاثاء شكيب بنموسى برئاسة اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، وستكون مهمته صعبة لإعداد نموذج جديد للبلاد.
وستكون هذه اللجنة بمثابة هيئة استشارية مهمتها محددة في الزمن، أي إنها ستنتهي حين يصل أعضاؤها إلى بلورة مشروع نموذج تنموي جديد.
ويأتي هذا التكليف من طرف الملك بعدما أقر في خطاب سابق له بفشل النموذج التنموي الحالي، لكونه لا يواكب الحاجيات المتزايدة لفئة من المواطنين.
وما يعاب على النموذج التنموي المعتمد في المغرب أيضاً عدم قدرته على الحد من الفوارق الاجتماعية ومن التفاوتات المجالية.
والنموذج التنموي كمفهوم يعبر عن مجهودات الدولة لتحقيق التنمية والتقدم والرفاه، ورفع الطاقة الإنتاجية، وزيادة حجم الناتج الداخلي الخام.
ويبقى الهدف المتوخى من أي نموذج تنموي هو وضع آليات إنتاج الثروة والقيمة الاقتصادية المضافة، وآليات توزيع الثروة وثمار النمو الاقتصادي على جميع المواطنين بدون استثناء.
هذا الأمر يجعل مهمة بنموسى، الذي يشغل منصب سفير المغرب في فرنسا، صعبة للغاية، على اعتبار أن ما طلب منه يتوجب أن يحظى بموافقة الملك ويوجه سكة المغرب نحو تنمية شاملة؛ لكن لديه تجربة في إعداد النماذج التنموية، فقد سبق أن ساهم في إعداد النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية الذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سنة 2013، باعتباره رئيساً سابقاً لهذه المؤسسة.
من فاس إلى كامبريدج
ورأى بنموسى النور في فبراير 1958 بمدينة فاس، وتخرج سنة 1979 مهندساً من مدرسة البوليتكنيك بباريس، ثم مهندساً من المدرسة الوطنية للقناطر والطرق بباريس سنة 1981.
ويحمل صاحب المهمة الصعبة في جعبته أيضاً شهادة الماستر في العلوم سنة 1983 من “ماشاسوشيت إنستتيوت أوف تكنولوجي”، بجامعة كامبريدج الأمريكية، ودبلوم الدراسات العليا في تدبير المشاريع من معهد إدارة المقاولات سنة 1986.
وشغل بنموسى من سنة 1981 إلى سنة 1983 مهمة باحث مساعد بمختبر المياه بـ”ماشاسوشيت إنستتيوت أوف تكنولوجي”، بجامعة كامبريدج، ثم تولى من سنة 1983 إلى 1985 مهمة مسؤول مصلحة مناهج التدبير بمديرية الطرق، وكذا مهمة مهندس مستشار بمكتب الدراسات بمجلس الهندسة والتنمية من سنة 1985 إلى 1987.
وما بين سنة 1987 و1989 تولى بنموسى منصب مدير التخطيط والدراسات بوزارة التجهيز، ثم منصب مدير الطرق والسير الطرقي بالوزارة نفسها من سنة 1989 إلى 1995، ليرتقي بعد ذلك إلى منصب الكاتب العام للوزارة الأولى من سنة 1995 إلى 1998.
من القطاع الحكومي انتقل بنموسى إلى المقاولات، حيث عين رئيساً منتدباً لشركة “صوناصيد”، ورئيساً للمنطقة الحرة بطنجة، كما أصبح سنة 2000 عضواً للجنة التنفيذية لمجموعة “أونا” التي غيرت اسمها في ما بعد، والمتصرف المدير العام لمجموعة “براسري دي ماروك”.
بعد هذه المسيرة، عاد بنموسى إلى دائرة المناصب الحكومية، إذ عينه الملك محمد السادس سنة 2002 والياً كاتباً عاماً لوزارة الداخلية، ثم وزيراً للداخلية في فبراير من سنة 2006، وهو المنصب الذي ظل يشغله إلى غاية يناير 2010.
بعد سنة 2010 انتقل بنموسى إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي كرئيس، ومن هناك طار إلى سفارة المملكة في باريس، حيث لازال في هذا المنصب.
تركيبة اللجنة ومهامها
بعد تكليف الملك بنموسى برئاسة هذه اللجنة يرتقب إعلان تركيبتها، بحيث ستضم مختلف التخصصات المعرفية، والروافد الفكرية، من كفاءات وطنية في القطاعين العام والخاص.
وسبق للملك، في خطاب العرش في يوليوز الماضي، أن حدد شروط هذه العضوية، وهي ضرورة التوفر على معايير الخبرة والتجرد، والقدرة على فهم نبض المجتمع وانتظاراته، واستحضار المصلحة الوطنية العليا.
أما عمل اللجنة فحدده الملك بضرورة الأخذ بعين الاعتبار التوجهات الكبرى للإصلاحات التي تم أو سيتم اعتمادها، في عدد من القطاعات، كالتعليم والصحة، والفلاحة والاستثمار والنظام الضريبي؛ وعليها أن تقدم اقتراحات بشأن تجويدها والرفع من نجاعتها.
وينتظر من اللجنة أن تباشر عملها بكل تجرد وموضوعية، وأن ترفع إلى الملك الحقيقة، ولو كانت قاسية أو مؤلمة، وأن تتحلى بالشجاعة والابتكار في اقتراح الحلول، كما ورد في خطابه.
ولا يتعلق الأمر، حسب الملك، بإجراء قطيعة مع الماضي، وإنما بإضافة لبنة جديدة في المسار التنموي في ظل الاستمرارية.
يوسف لخضر
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.