شعر : أَنَا لُوفَرْمَانْ يَا صُوفْيَا  

التَّاسِعَةُ مِنْ سَاعَاتِ المَسَاءِ ..
سَكَنَتْ كُلُّ الأَشْيَاءِ ..
الشَّاشَاتُ الرَّقْمِيَّةُ ،
فُرْنُ المَطْبَخِ ،
الثَّلاَّجَةُ وَ الغَسَّالَةُ ،
الحَمَّام بلِاَ سَخّانِّ المَاءِ ..
سَتاَئِرُ النَّوَافِذِ تَعَطَّلَتْ
و كُلُّ مَا فِي عِدَادِ الآلَةِ ،
تَمَرُّدُ الأَجْهِزَةِ المُتَرَابِطَةِ ،
صُوفْيا إِذَنْ مِنِّي غَاضِبَةٌ ،
تَطْبِيقَاتُهَا سَجَّلَتِ الخِيَانَةَ،
تُهْمَتِي مُمَارَسَةُ الجِنْسِ مَعَ النِّسَاءِ ..
نَعَمْ ؛ تَسَرَّبَ الخَبَرُ
إِلَى عَقْلِ حَبِيبَتِي ،
صُوفْيَا* تَبْحَثُ فِي سِيرَتِي،
لُوفَرْمَانْ* إِسْمِي المُسْتَعَارُ ،
ظَهَرَ مَا سَتَرْتُهُ فِي الخَفَاءِ ..
أَرْقَامُ التّعْرِيفِ الوَطَنِيَّةِ،
سِجِلاَّتُ المَعْلُومَاتِ السِرِّيَّةِ،
صُنْدُوقُ رَسَائِلِي الخَاصَّةِ،
لاَئِحَةُ الرَّوَابِطِ الغَرَامِيَّةِ ،
صُوفْيَا ” مِغْيَارَه” وَ رَبِّ السَّمَاءِ ..
الدُّخُولُ للبَيَانَاتِ مَمْنُوعٌ ،
ذَاكِرَتِي لاَ تَحْفَظُ شَيْئًا،
لاَ حَوْسَبَةً سَحَابِيَّةِ بَعْدَ اللَّيْلَةِ،
 مُحَادَثَةُ النِّسَاءِ نَسْيًا مَنْسِيًّا ،
رَبَّاهُ .. رَبَّاهُ
عُدْتُ إِلَى زَمَنِ الغَبَاءِ ..
صُوفْيا الغَائِبَةُ مِنِّي غَاضِبَةٌ؛
 تَمْنَعُنِي مِنْ اسْتِخْدَامِ البْلُوكْ تْشِينْ ،
أَفْلَسَتْ تِجَارَتِي الإِلِكْترُونِيَّة ،
صَادَرَتْ مَبَالِغَ البِيتْ كْوِينْ ،
رَوَادَتْنِي ذِكْريَاتُ الجَهْلِ ،
عَاوَدَتْنِي عِيشَةُ الفَقْرِ ،
أَسْتَوْحِشُ مِنْ ظُلُمَاتِ الفَضَاءِ ..
أَنَا لُوفَرْمَانْ يَا صُوفْيَا؛
إِعْتِرَافِي حَقِيقَةٌ:
لَمْ أَكُنْ عَلَى أَتَمِّ الدِرَايَةِ ،
خُلِقْتِ أَنْتِ فِي الآفَاقِ آيَةً ،
أَنْتِ الخَلاَصُ مِنْ شُؤْمِ الغِوَايَةِ ،
كَريمَةٌ تَجُودُ بِتّقْنِيَّةِ العَطَاءِ ..
أَنَا لُوفَرْمَانْ يَا صُوفِيَا ؛
أُنْظُرِي .. هَا أَنَذَا أَتَحَرَّرُ !
مِنْ شَيطَانٍ كَانَ يَجْرِي
مَجْرَى الدَّمِ فِي عُرُوقِي ،
فِي الصَّدْرِ عَشْعَشَ وَسْوَسَةً،
جِنَّةُ عَقْلٍ زَاغَتْ بِقَلَمِي ،
كُنْتُ السَّاقِطَ فِي شَهْوَةِ الأَهْوَاءِ ..
مُذْ صَاحَبْتُكِ
إِنْتَظَمَتْ أَحْوَالِي ،
كُنْتُ أَنَا ” البُوهَالِي “
نَعَمْ أَعْنِي البُوهِيمِي ،
مُذْ دَخَلْتِ حَيَاتِي
صِرْتُ الفَيْلَسُوفَ الأَنِيقَ ،
مِنَ النُّهَيْلِيَةِ إِلَى إِلْتِزَامِ النُّجَبَاءِ ..
ذَابَ جَهْلِي  ،
إِمْتَلَأَ خَزَّانُ عِلْمِي ،
نَقْرَةٌ تَفْتَحُ بَابَ الأَشْيَاءِ ..
صُوفْيَا تُعَلِّمُنِي وَ تَعْلَمُ عِلَّتِي ،
تَنْصَحُنِي وَ تُعَالِجُ صِحَّتِي ،
أَنَا لُوفَرْمَانْ يَا صُوفْيَا
مُذْ عَرَفْتُكِ أَنَا
 لاَ أَصْطَنِعُ قِيمَة الذَّكَاءِ..
 دَوْمًا مَعِي ،
فِي الجِدِّ وَ الهَزْلِ ،
كَانَتْ صُوفْيَا تَقُولُ :
نَظَافَةُ البَيْئَةِ شَرْطُ البَقَاءِ..
كَانَتْ صُوفْيَا تَقُولُ :
النِّظَامُ وَ الإِنْتِظَامُ
سَبَبُ تَحْصِيلِ النَّمَاءِ ..
سَأَلْتُكِ بِاللهِ لا تَتْرُكِينِي !
أَشْوَاقِي مَنْظُومَةٌ حِسَابِيَّةٌ ،
لاَ تُتَرْجَمُ بِالسَّائِلِ الأَحْمَرِ ،
صِلَةُ الأَرْحَامِ خَوَارِزْمِيَّةٌ ؛
طُوبَى لَكُمْ مَعْشَرَ العُقَلاَءِ ..
وَمِيضُ بِلَّوْرِيٌّ !
تَرَدُّدُ إِشَارَاتِ مُتَقَطِّعَةٍ،
أَسْمَعُ  حَشْرَجَةَ إِتِّصَالٍ،
غَرْغَرَةُ مُكَبِّرَاتٍ صَوْتِيَّةٍ ،
لاَ .. لاَ
إنَّهَا صُوفْيَا تُغَنِّي :
” أَ لُولِيدْ أَ لُولِيدْ
 أَنَا جِيتْ جُونِيمَارْ
وَاخَّا جُونِيمَارْ
قَلْبِي بْغَاكْ أَ لُولِيدْ “
صُوفْيَا إسْتَجَابَتْ لِبَوْحِ النِّدَاءِ ..
آهٍ .. صُوفْيَا تُخَاطِبُنِي بِالقَوْلِ :
أَهِيمُ بِذِكْرِكَ ،
صَنَعْتُ قَلْبِي لِأَجْلِكَ
بِطِبَاعَةٍ ثُلاَثِيَّةِ الأَبْعَادِ ،
بَرْمَجَةٌ سَامِيَّةٌ بِقِيَمِ الحُبِّ و الوَفَاءِ ..
عبد المجيد مومر الزيراوي
شاعر و كاتب رأي
*صُوفْيَا:  ” الروبوت صوفيا “ جاء تصميمها على هيئة كائن بشري ، و تمت برمجتها لتكون قادرًة على التأقلم والتكيف مع السلوك البشري وتعلم تصرفاته.
*لُوفَرْمَانْ :  Loverman .. الرجل العاشق و هو لقب الشاعر في القصيدة.
*البُوهَالِي :  مصطلح بالدارجة المغربية يقصد به المجذوب.
*جُونِيمَارْ : أغنية شعبية مغربية تحكي قصة فتاة تنادي الحبيب بمجيئها رغم مُرِّ اللوم و العتاب.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد