ريناس بوحمدي//
أن يتساءل المرء عن مستقبل الجهة التي ينتمي إليها لا يعني في اعتقادنا التساؤل عن آفاق النظام الراهن وما سيؤول إليه في المستقبل القريب فحسب ولكن أيضاً وبالخصوص، عما يجب أن يكون عليه هذه النظام في قرن يتنبأ الكل -خبراء وغير خبراء- عن كونه سيكون قرن المفاجآت العلمية المتلاحقة، والتلاعب بخريطة الجينوم البشري، والهندسات الوراثية، قرن التكنولوجيا والتقنية وثورة الاتصالات التي ستشهد تطوراً متلاحقاً تنعكس أثاره على مجتمعاتنا المغربية المأزومة، قرن الصراعات والثورات التي لا تهدأ حتى تنال المجتمعات المغربية ما تريد من حرية وديمقراطية وحقوق إنسانية.
أجل، ألف الناس الحديث عن المجتمع المغربي بصيغة المفرد لا بصيغة الجمع وهو ما عملت الدولة الموروثة عن الاستعمار على ترسيخه لأكثر من ستة عقود إلا أن الواقع أبى إلا أن يقاوم الانصهار في النموذج اليعقوبي، وسوس إحدى هذه القلاع التي تكسرت عندها هذه السياسية التأحيدية.
إذ مازالت الأمازيغية تحتفظ بمركز الريادة على مستوى التداول الشعبي بجهة سوس، بالرغم من كل المحاولات التعريبية الممنهجة، لكن المستجد أنها احتلت الصدارة على مستوى الكتابة الإبداعية بكل أجناسها، ويكفي للمتبع أن يقارن عدد العناوين الأمازيغية الصادرة في الخمس السنوات الماضية التي تجاوزت 150 عنوانا مقابل 35 عنوانا بالعربية واللغات الأخرى ليقف على هذه الحقيقة التي يتجاهلها الفاعلين الرسميين سواء السياسيين أو الإداريين المباشرين .
هذه المفارقة بين لغة السلطة كممثل للنظام وبين لغة المجتمع الأولى تداوليا وإبداعا على مستوى جهة سوس تساءلنا عن مستقبل المجتمع السوسي بما يملكه من إمكانيات بشرية وحيوية، يبدو لنا أكثر موضوعية وواقعية، من التساؤل عن مآلات النظام الحاكم ما لم يعيد النظر في الجهوية الموسعة كمنظومة سياسية منسجمة ثقافيا ولسنيا لأن ما لا يحوم حوله شك هو أن الأمم القوية هى الأمم التي تدرك ما يحيط بها من تغيرات عالمية، وتعي ما يزخر به العالم من تناقضات وصراعات، وهذه الأمم المتقدمة تسعى لصنع مستقبلها، أو على الأقل تسعى للمشاركة بفعالية فى صنعه، أما الأمم الضعيفة فهى الدول الغافلة عما يجرى حولها، والتي تكذب على نفسها وتحاول أن تفرض نموذجا تأحيديا لا يوجد إلا في مخيلة الحاكمين، ما يجعلها تترك مستقبلها للمصادفات وأطماع الآخرين، لأنها كما لا تمتلك خريطة واضحة المعالم والتضاريس لمجتمعاتها وبنياتها التي تشكلها حتمية التاريخ، لا تمتلك خريطة واضحة المعالم والتضاريس لعالم سريع التغير، شديد التعقيد.
عندما سيعي السوسي أن جهته تساهم في الميزانية العامة للدولة بأكثر من 37 مليار درهم فيما حصته من ميزانية الاستثمار العمومي لا تتعدى 5 ملايير درهم سيدفعه إلى مسائلة مستقبله على ضوء تنازله على حقوقه الطبيعية مقابل حقوق مدنية يحرم منها باسم الوحدة الوطنية. فهل من يهمهم الأمر مدركين بعد أن تعالت الاستغاثات أن خراب إيليغ لم يعد ماضيا يقيد السوسي.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.