بعد رحلة طويلة في مجال الفكر الاقتصادي، فارق أمس الأحد ( 12 غشت 2018 ) المفكر المصري سمير أمين الحياة في العاصمة الفرنسيةباريس عن عمر ناهز 87 عاما تاركا وراءه إنتاجات ضخمة.
أبصر سمير أمين النور في 3 سبتمبر/أيلول 1931 من أب مصري وأم فرنسية حيث نشأ وقضى فترة طفولته في بورسعيد. ونال الشهادة الثانوية عام 1947 من إحدى المدارس الفرنسية، قبل أن يغادر إلى باريس ليدرس فيها من 1947 إلى 1957 متفتحا على الثقافة الغربية وناهلا من علومها.
وخلال مسيرته الأكاديمية، حصل عام 1952 على دبلوم في العلوم السياسية، ثم شهادة التخرج في الإحصاء 1956، ثم الاقتصاد 1957، وعاد إلى مصر حاملا شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة السوربون.
وتخصص سمير أمين في مجال الاقتصاد وأبدع فيه، بل إنه عد أحد أهم خبرائه، مستفيدا من التجربة التي راكمها في عمله بالعديد من الدول والمنظمات.
فقد شغل مستشارا اقتصاديا في دول أفريقية كمالي ومدغشقر، وطوال فترة السبعينيات تولى إدارة معهد الأمم المتحدة للتخطيط الاقتصادي بالعاصمة السنغالية دكار.
المركز والأطراف
شارك أمين في تأسيس منظمات بحثية وعلمية أفريقية، منها المجلس الأفريقي لتنمية البحوث الاجتماعية والاقتصادية “كوديسريا”، ومنتدى العالم الثالث الذي ظل يترأسه حتى رحيله.
ويعد الراحل أحد أعلام مدرسة التبعية التي ظهرت في نهاية تسعينيات القرن الماضي منتقدة فشل النظريات الاقتصادية التقليدية، ليساهم مع آخرين في بلورة نظرية المنظومات العالمية، متخصصا في تفصيل العلاقة بين المركز والأطراف.
نقد العولمة في كتابه المشترك مع الاقتصادي فرانسوا أوتار “مناهضة العولمة” الذي ناقش أبعاد المقاومة والصراعوالبدائل التي تنشط في مجالها الحركات الاجتماعية، وقال الكاتبان إن العولمة ليست قدرا حتميا، وإن هناك مشاريع من أجل عولمة بديلة.
وعبر عن رفضه الواضح لها بالقول “الاستمرار اللامحدود للانتشار الرأسمالي أمر مستحيل، إن النمو الرأسمالي لا بد أن يؤدي إلى تزايد نزعة التوحش والاستقطاب”.
كما أجمل موقفه المعارض في كتابه “الفيروس الليبرالي: الحرب الدائمة وأمركة العالم”.
انتقد سمير أمين في حلقة من برنامج “الملف” بقناة الجزيرة –ناقشت موضوع “الدولة الفاشلة بعيون عربية وتقارير غربية”- الأنظمة الاستبدادية العربية وضعف الخدمات التي تقدمها تلك الأنظمة لشعوبها، وضرب مثلا بمصر التي يوجد بها “نظام حكم طبقة تستفيد من النظام الرأسمالي التابع لها”.
وفي البرنامج نفسه دعا دول الخليج العربي إلى الوحدة لمواجهة التحديات، وقال بالخصوص “المستقبل الوحيد لتلك الدول أن تدخل في نوع من الوحدة العربية فيما بينها، وطالما لم يتحقق هذا المشروع ستبقى دولا تابعة”.
ترك سمير أمين إرثا علميا مهما على رأسه “دراسة في التيارات النقدية والمالية في مصر” و”التراكم على الصعيد العالمي” و”التبادل غير المتكافئ وقانون القيمة”، بالإضافة إلى كتاب “العربية القومية وصراع الطبقات”.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.