ردا على أصحاب مشروع الدولة الواحدة ( دولة الخلافة )

42d16063-b6d1-4cf7-93fe-940c3a1b1ffd  إذا كان المقصود  بالوحدة الإسلامية  دولة واحدة يكون لها وحدها الولاية والرعاية والحماية على كل المسلمين في الأرض حتى تـتسق وحدة الدولة مع وحدة الأمة فتلك بدعة أخرى  لا يعرفها الإسلام ديناً ولم يقف عندها تاريخ المسلمين قط فمنذ ما قبل الهجرة إلى المدينة أوصى رسول الله “محمد” بعضاً من أوائل المسلمين بالهجرة إلى الحبشة فهاجروا إليها ليكونوا في كنف دولة عليها حاكم من أهل الكتاب أكثر أمناً على دينهم وأنفسهم من اضطهاد قريش  في مكة  ثم إنه إلى أن تمت الهجرة إلى المدينة لم يكن للمسلمين دولة  ولم يحل هذا دون الدعوة إلى الإسلام وممارسة مناسكه، ثم انه بعد الهجرة وإقامة دولة المدينة على أرضها بحدودها. 

     لم يجد رسول الله أن ثمة تلازماً بين حدود الدَولة وحدود الدعوة  فأرسل إلى”هرقل” و “كسرى” و”المقوقس” و”النجاشي” تلك الرسائل المشهورة يدعوهم فيها إلى الإسلام ولم يدعهم إلى أن يكونوا مع المدينة دولة واحدة أو لو قد آمن” كسرى” أو “هرقل” أكان مقضياً أن تنضم إمبراطورية الروم والفرس إلى دولة المدينة ؟ كيف إذا دعاهما الرسول إلى الإسلام من قبل أن يعدَ عدَته ليحكم إمبراطوريتين ؟ ثم إن “عمر بن الخطاب” الخليفة الثاني  قد أبرم مع الفرس معاهدة صلح بعد أن فتح “سعد بن أبي وقَاص” مدينة  المدائن على أثر انتصاره الساحق في موقعة القادسية وكان من بين ما ارتضاه أمير المؤمنين في تلك المعاهدة أن تكون سلسلة الجبال التي تلي العراق شرقاً حدوداً  دولية  بين دولة الخلافة وإمبراطورية الفرس والتزاماً بتلك المعاهدة أصدر أمير المؤمنين أوامره بالاَ تجتاز جيوش المسلمين تلك الحدود .

هذا ما ارتضاه “عمر بن الخطاب” حدوداً للدولة فهل أرتضى أو كان يمكن أن يرتضي          أن تكون تلك حدود الدعوة أيضاً ؟  ثم إنه منذ خلافته كان الدين الإسلامي قد بدأ في الانتشار خارج الدولة إلى درجة لم يكن يعرف حتى الخلفاء مداها فنرى أنه بينما كان الخليفة العباسي “القائم بأمر الله” مذعوراً من نبأ الغزو المغولي المندفع نحو دولته قادماً من شمال وسط آسيا حيث إقليم بحيرة بيكال مكتسحاً ما يليه غرباً بما فيها فارس إذا به يعرف من رسالة قائدهم “طغرل بك” ما لم يكن يعرفه  إنهم مسلمون فيتصل بهم ويتصلون به ( 1055 م ) ويستعين بهم في شؤون دولة الخلافة فيصبحون فيها دولة داخل الدولة  هي دولة السلاجقة فممن بلغتهم الدعوة فأصبحوا مسلمين ؟ لا أحد يدري  فقد كان الرحالة والتجار المسلمون يبشرون بالإسلام ويدعون إليه بعيداً عن حدود دولة الخلافة ويقدمون  بعد آياته  نماذج من أنفسهم للإنسان المسلم فيهتدي إليه كثيرون.

إن مئات الملايين من المسلمين اليوم في الهند والصين وماليزيا واندونيسيا والفلبين والاتحاد السوفياتي وشرق أفريقيا ومئات الجزر المتناثرة في المحيطات …. الخ كل هؤلاء وأسلافهم وأسلاف أسلافهم لم يهتدوا إلى الإسلام في ظل دولة الخلافة أو بفعلها منذ أن نشأت في عهد “أبي بكر” إلى أن انقضت ولم يكونوا يوماً من رعاياها  ولا زعم أي خليفة أنهم رعاياه  وهم الذين يكوَنون اليوم الأغلبية من الأمة الإسلامية ، إذا ليس ثمة تلازم بين وحدة الأمة الإسلامية ودولة واحدة /الخلافة وهو في هذا وحده تصديقاً واقعياً لما جاء في القرآن من أن الإسلام رسالة إلى الناس جميعاً ؟ أفلا نرى قدرة ضوء الشمس يصل إلى كل الأركان بدون اصطناع في قوة عقيدة الإسلام على الإقناع بدون دولة الخلافة المصنوعة ؟ فلماذا إذا يصطنع بعض المسلمين تلازماً بين الإسلام والدولة فيحبسون الإسلام في دولة الخلافة ؟.

أبو صامد شفيشو/ الشاون

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد