رأي : قضية بوعشرين؛ ما علاقة حرية التعبير بالفيديوهات الجنسية؟

 

قال الصحفي توفيق بوعشرين مساء الجمعة خلال الجلسة الأخيرة أنه ضحية حرية التعبير، ودافع عن نفسه بقوة من أجل البراءة و لكن السؤال المطروح ما علاقة حرية التعبير بـ “ارتكاب جنايات الاتجار بالبشر” و”الاستغلال الجنسي” و”استعمال وسائل التصوير والتسجيل” و ” الإعتداء الجنسي”؟
كلنا نعلم أن حرية التعبير مرحب بها في جميع الدول، لأنها إحدى حريات الإنسان الأساسية في الحياة، وقد أكدتها جميع الاتفاقيات الدولية والإقليمية حول العالم.
حرية التعبير عن الرأي والإفصاح عن وجهة نظرك تجاه قضية او موضوع يشغل اهتمامك، بهدف تحقيق مصلحة البلاد مسالة مرحب بها بدون شك و لا ارتياب.

و لا أعتقد أن حرية التعبير مطلقة، وإنما تحددها مجموعة من القيود والمحددات وعادة ما يخضع هذا الحق لقيود، مثلما في حالات التشهير والفحش والتحريض على ارتكاب جريمة.
و لكن، حينما يتعلق الأمر بإقرار من المتهم بوجود الرضائية في الممارسة الجنسية، وصحة الأشرطة و التحفظ على الإجابة على أسئلة المحكمة إن كان هو من يظهر في الأشرطة الجنسية أم لا؟
اعتقاله جاء على خلفية عدد من التهم تتلخص في محاولة الاغتصاب، و استعمال السلطة والنفوذ لغرض الاستغلال الجنسي عن طريق الاعتياد والتهديد بالتشهير، و الاتجار بالبشر باستغلال الحاجة والضعف، وارتكاب جنح التحرش الجنسي، وجلب واستدراج أشخاص للبغاء من بينهم امرأة حامل.
هذه هي الأفعال التي من أجلها اعتقل الصحفي توفيق بوعشرين، ولا علاقة لها من بعيد أو قريب بحرية التعبير.
كل إنسان مسؤول عن عمله وعن نفسه، فلا ينفعه صلاح احد ان كان هو فاسدا، ولا يضره فساد غيره إن كان هو صالحا.
وهذا ليس أول تورط بوعشرين مع القضاء، إذ حكم عليه قبل أشهر بتسديد تعويض مالي بقيمة 40 ألف يورو لوزيرين بتهمة “التشهير”.
وفي العام 2009 حكم عليه بالسجن 4 سنوات مع وقف التنفيذ، بعد نشر كاريكاتير في صحيفته، اعتبر مهينا للعائلة الملكية، والعلم الوطني.
الجريمة يعاقب عليها القانون إذا تمت، أما حرية التعبير التي يلتزم فيها الكاتب حدوده فمن الحماقة أن تسمى جريمة.
نعم، أكتب ثم أكتب حتى تصل رسالتك إلى العالم، ولكن هناك سلطة قضائية تقوم على مبدأ الإستقلال في عملها لضمان الحقوق وتحقيق العدالة والحريات و الملك هو الضامن لاستقلالها.
عندما امتثل الصحفي توفيق بوعشرين أمام المحكمة، وبعد مرافعات ماراثونية استمرت لأكثر من 8 أشهر مند إيقافه بتاريخ 23 فبراير الماضي من مقر جريدة أخبار اليوم التي يتولى إدارتها بالدار البيضاء، ففي كل جلسة، كانت هيئة دفاعه تطالب بالبراءة و تعتبر أن الملف مفبركا من أساسه بهدف إسكات قلم غير مرغوب فيه.
و السؤال المطروح ما علاقة القلم المزعج بالفيديوهات الجنسية واستعمال وسائل التصوير والتسجيل؟
من وجهة نظري، لم يحاكم الصحفي توفيق بوعشرين عن رأيه أو كتاباته، لا أعتقد ذلك، لأن الملف الذي حكم من أجله، كان يضم فيديوهات جنسية يناهز عددها 50 شريطا مسجلا على قرص صلب و مسجل فيديو رقمي.
و في وقت سابق، أصدرت النقابة الوطنية للصحافة بلاغا دعت فيه إلى إحترام قرينة البراءة في قضية بوعشرين في ملف لا علاقة له بقضايا الصحافة و النشر، مشددة أيضا على ضرورة إحترام المسطرة القضائية وعدم التأثير على القضاء.
جدير بالذكر أن الغرفة الجنائية لدى محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، أدانت في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت 10 نونبر، الصحافي توفيق بوعشرين، بالسجن 12 سنة نافذة، وغرامة 200 ألف درهم.‎

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد