دواخل على حافة الانهيار
بقلم الحسين أكناو
التغيير باب لا ينفتح إلا من الداخل. لعل طوم بيترز يقصد بقوله هذا أن لا أحد بقدرته أن يجعل منك إنسانا مختلفا ما لم ترى أنت في نفسك ما يستدعي التغيير.. ما لم تتكون في داخلك الحاجة إلى إعادة تصفيف وترتيب حياتك لتصير أفضل.
باب التغيير من هذا المنظور، عنده مقبض واحد يديره الساكن المتضايق من محدودية ورتابة المسكون، آملا أن يطل على مشاهد حياتية أخرى أكثر إغراء بالعيش. ولا يصح بأي حال أن يُفتح عليه من الخارج لأن ذلك يتطلب كسر الباب وإفساد الأمر برمته، ثم، من هذا الخارجيُّ الذي يعلم ما تخفيه أبواب الصدور المغلقة؟؟
إن نوبات الضياع التي نمر منها بين الوقت والآخر، والمآزق النفسية التي تخنق أنفاسنا كلما حلت، وحالات الكآبة التي تصبغ دواخلنا بلا سبب، وتسارع الأحداث علينا وتوالي المطبات وغلبة المشاغل، وهذه الأسئلة القديمة الجديدة التي تصدع رؤوسنا، وضباب الرداءة الذي يحجب عنا الرؤية … كلها عبارة عن طرقات خارجية على أبوابنا الموصدة.. أن افتح الباب من الداخل.. افتح..
لا شك أن التغيير أمر مؤلم، لأنه، كما وصفه أحد ما، بمثابة موت في حياة واستهلال في أخرى، وما بين الحياتين ألم الاحتضار وألم صرخة الولادة الثانية.. التغيير الذي نقصده ليس أقل من مزيد إقبال على الحياة، وهذه الأخيرة كالمنطاد، لكي يرتفع عاليا ينبغي أن ترمي خارجا كل ما يحول دون تحليقه.. بعبارة أدق، يجب أن تتخلص من كل ما يقف بينك وبين حياة جديدة.. وهنا منتهى الدراية.. منتهى القساوة..
“لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” قد تعني نفس التغيير المشار إليه.. أي أن اليد المرتعشة من فرط الهزات لابد أن تمتد إلى المقبض البارد لتفتح الباب من الداخل. ومن يدعي أن الآية إنما تقصد العودة إلى الذات الواحدة والفكرة الواحدة والفطرة الواحدة والسنة الواحدة والغرفة الواحدة ننكمش فيها ونتعاضد حولها، كان كالواقع في حفرة من الوحل كلما تحرك للخروج منها ازداد غطسا..
التعليقات مغلقة.