عبد السلام الرجواني //
بعد أن سئم الناس من حديث بنكيران عن التماسيح، وهي حيوانان برمائية موجودة بالفعل،وعن العفاريت التي لا ندري كيف يتصورها بنكيران ما دامت مجرد أشباح وتخيلات؛ وبعدما لم يعد أحد يثق في أكذوبة القرن القائمة على أن هذه الكائنات الحقيقية والمتخيلة تحارب رئيس حكومة يريد الاصلاح والفلاح للبلاد والعباد… بعد هذا وذاك تفتقت عبقربة (وعبقر واد تسكنه الجن)الرجل عن مقولة جديدة على الخطاب “السياسي”،وهي مقولة التحكم، دون ان يوضح هل يتعلق الأمر بتحكم عن قرب كما حصل للبجيدي في استحقاقات سابقة لما قبل عن كره او عن طواعية،لا ندري،بعدد الترشيحات التي سمح له بها من تحكم في نشأته وهندس لوجوده،ام تحكم عن بعد، على غرار علاقته بمراكز القرار الدولية التي وجدت في اسلاميي المغرب التلميذ النجيب والمنضبط لتوجيهاته المعادية لحقوق الشعب المغربي الاقتصادية والاجتماعية.
يبدو ان بنكيران خلق كذبة وصدقها لما وجد فيها تبريرا لعجز حكومته عن تحقيق ما وعدت به المغاربة من رخاء اقتصادي، وعلاج مجاني،وحكامة جيدة،وتعليم جيد،وشغل محترم،فضلا عن محاربة الفساد والقضاء على الريع،وما الى ذلك من اسباب الرفاه الذي لم يتحقق لاي شعب من شعوب المعمور…
مرت خمس سنوات اكتشف خلالها المغاربة زيف الخطاب الاسلاموي والحقيقة الصادمة للسياسة الحكومية. راوا بام اعينهم زيادات صاروخية في اسعار العدس واللوبيا والخضر واللحوم البيضاء والحمراء والسمك الشعبي(السردين والشرن…) وكل المواد. وكانوا ضحايا وشهودا على تجميد الاستثمار وارتفاع البطالة وافلاس المقاولات وارتفاع المديونية الخارجية. ولولا الانخفاض الحاد للمواد البترولية وخفض نفقات صندوق المقاصة لكانت نسبة النمو سلبية ولاصيب المغرب بسكتة قلبية قاتلة. لتمرير كل تلك القرارات المجحفة بذل كل ما بوسعه من بلاغة شعبوية لتسفيه المعارضة واسكاتها ومهاجمة قياداتها واذكاء الصراع بين مكوناتها. وقد سخر لذلك كتائب أعلامية محترفة في تشويه الحقائق ودغدغة عواطف “الناس الغلابة”. في ذات الوقت قمعت جكومة بنكيران كل الحركات الاحتجاجية ولم تفلح لحد الان في معالجة اي ملف مطلبي،سوى بالعنف او التسويف والتجاهل. اما الحوار الاجتماعي مع النقابات فقد فشل فشلا ذريعا بسبب تعنت حكومي لم نشهد له مثيل حتى في زمن ادريس البصري. هكذا عمل البيجيدي من خلال بوابة الحكومة على التحكم في كل شيئ،في المؤسسة التشريعية من خلال اغلبية عددية صماء، وفي الحياة السياسية من خلال التدخل في الشؤون الداخلية للاحزاب الاخرى، وفي الاعلام عبر تسخير صحف خلقت اصلا لمحاربة الأحزاب الديمقراطية. والأدهى والأمر على الأمة ان البجيدي يسعى الى السطو على المجال الديني عبر شبكة من الدعاة والداعيات في الدور والمساجد، يقدمون “دروسا”تختلط فيها السياسة بالدين لخدمة السياسة بالاساس،وتلك من علامات الفتنة.
ولأن كل كأس بما فيه يرشح،حرص بنكيران وحاشيته ومريدوه على اسقاط صفة التحكم المتأصلة في تنظيمهم وفي الفكر الذي يمتحون منه،على خصومه. ان بنكيران وحزبه يعانيان فعلا من عقدة التحكم، فلم يجدا من الية للتخلص منها سوى اتهام غيره بممارسة التحكم أو بالخضوع لسلطة المتحكم. وبما انهم لم يتجاسروا لاتهام الاتحاد الاشتراكي بالتحكم لان المغاربة قاطبة، بمن فيهم انصار البيجيدي، يعلمون علم اليقين ان الاتحاد حزب ديمقراطي اصيل، تمنى بنكيران نفسه ان “يسخن به كتافو”، فأنهم حاولوا أن يلصقوا به صفة أبخس من صفة التحكم، فنعتوه بالمتحكم فيه. هل نسي بنكيران ومن معه ان الاتحاد مدرسة في الصمود والتضحية،قاوم عتاة الجبروت والاسنبداد،ولم يتحكم فيه اوفقير ولا البصري الذي احتمى به بنكيران وطلب عونه لمحاربة اليسار في رسالة البيعة الاولى الشهيرة…من تربى ونشا في مدرسة المهدي وعمر وعبد الرحيم لن يركع الا لله، والله بحقيقة عباده عليم. ومن يدعي ما بصدور العباد فهو ظلام للعبيد.
تهمة التحكم بدعة بيجيدية جديدة،اللهم اذا اعتبر بنكيران ان كل تحالف اوتنسيق او حوار مع حزب غيره امر يحرمه الدين والشرع.وكذلك يفكر الرجل لان المنهاج الخونجي في التفكير منهاج مانوي يقوم على ثنائية الخير والشر،ولا وسط بينهما: البيجيدي خير،وحلفاؤها خيرون الى حين، وما دونهم عفاريت أشرار. أليس هذا النموذج الأعلى للتحكم…خسئ المتحكمون والمتحكم فيهم الى يوم يدفنون امين.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.