أزول بريس- حاورته كلثومة ابليح * //
“لا تحزنوا فجراحي عندكم قدح.. والشاربون كؤوس الشعر ما جرحوا.. لا ياسمين معي والأرض شاحبة.. وكل ترنيمة بالحزن تتشح.. قد عفت كل فصول الحزن مختتما.. واليوم مفتتحا للحب أقترح .. شديد مع الحاءات تحرس باءاتها” (..) مقتطف من مقدمة إحدى طلعات.الشاعر”عمر الراجي” في برنامج أمير الشعراء.
هي مقدمة لا تريد توجيها مسبقا للقراءة، بقدر ما هي تحريض العين للقراءة بضوء القلب. حوار سيتلصص على قريحة تأوي إليه الجميلات من القصائد.
“عمر” الآن بين قلوبكم.
هو شاب نشأ في مدينة الطانطان ومنها تعلم أبجديات الشعر ونهل من عذب الكلام. لقد تميز خلال مسيرته الأدبية بإجادته رسم ملامح الإبداع في حضوره الأدبي والتماهي مع رمزية اللغة، عمر إحدى الأسماء التي تميزت بحضورها الفارق في الساحة العربية.
ضيفي هنا أبدع في احتواء كل محاور الحوار وتميز بعفويته وصراحته التي أضافت للحوار قيمة أدبية مميزة تشبهه.
وبكل جدارة وثقة مميزة استطاع حجز بطاقة المرور نحو البحث عن الذات في نهائيات” أمير الشعراء” نحو “بردة الشعر”، لتتويج بلده المغرب ومدينته الطانطان.
-1 عرفنا بنفسك بالقدر الذي تريد؟
- عمر الراجي شاعر من أقاليم الجنوب وُلدتُ في بادية الطنطان تحديدا، ونشأت في دروب الطنطان ثم قضيت سنوات طفولتي المبكرة في العيون حيث ألهمتني الساقية الحمراء شغف اللغة الأولى وحب المغامرة وشعور الدفء في الأشياء.. دراستي نحت منحنى بعيدا عن الشعر، تخصصي اقتصادي حصلت فيه على الماستر وفيه أبحث إلى الآن.. عملي في القطاع المالي وعشقي الشعر والموسيقى واللغة الجامحة.
-2 كغيرك من الشعراء، لابد أن تكون لديك بداية في درب الكلام العذب والأدب، متى وأين كانت أول تجربة شعرية لك؟ ومن كان له الفضل في اكتشاف موهبتك الشعرية؟
-بدايتي كانت منذ سنوات الفتوة الأولى.. حينها كنتُ في الابتدائي وبالكاد كنت أميز الإيقاع في القصائد وتسحرني اللغة.. بعدها بشوط وجيز، في سنوات الثانوية الأولى بدأت أكتب شعرا موزونا متأثرا بشعراء الحداثة.. لقد اكتشفتُ نفسي بنفسي وكان المقربون مني هم أول من أروي لها حكاية الجنون هذه.
3-يقال إن الشاعر ابن بيئته ومرآة تعكس الموروث برمته، من ثقافة مجتمعية أو أعراف متداولة، “إقليم طانطان” كما هو معلوم أنها منطقة عبور نحو الصحراء الكبرى، كيف أثرت بيئتها التي نشأت بها على تجربتك الشعرية؟
-الطنطان والجنوب عموما حاضر جدا في قصائدي.. أنا جنوبي الانتماء والهوى أيضا.. منحتني البيئة الصحراوية الكثير.. أقلّه أنني أصبحت واعيا بالجمال.
4-الحزن تيمة تخيم على أغلب قصائد الشاعر عمر الراجي تتبادل النسج مع كلمات العزاء/الفناء /الجرح /الحرق/الغياب/المنفى، فكل تجربة نعيشها تترك آثارا عميقة في أرواحنا، هل عشت تجارب خاصة خطّت معالم قصائدك؟
-يُقال لي هذا كثيرا، لكن الشعر يحتفي بالحزن كي يصور ضعف الإنسانية في مواجهة الوجود.. إنها مكابدة وجودية مستمرة.. لكن في عز هذا الحزن الذي نصوره شعراً.. نحن نستشرف غد الشمس والحلم والأفق المليء بالصخب.. لذلك لا تخلو قصيدة لي من نفق مظلم ينتهي ببزوغ الضوء.
5-ما هي مقاييس القصيدة الناجحة؟ ومن برأيك الحكم الحقيقي لنجاح القصيدة؟
-القصيدة الناجحة هي التي أوقعت الشاعر في شرَك الأسئلة، وجعلتْهُ قلِقاً هشّاً ممتلئا بالنوايا المتعددة.. القصيدة الرائعة هي التي تغرق في الشك حين كانت ترسم اليقين فنياً.. والقصيدة العذبة هي التي تسافر في اللغة إلى مدن لم تُكتَشَف بعد.. وهي أيضا من تحفظ للمجاز حقه وللصورة مكانها، مع مسوغ ثقافي يجعل من الشعر فنا عظيما وفلسفة حقيقية للجمال.
6- ماذا تمثل الأنثى في عالم عمر الراجي؟
-الأنثى هي الضفاف الرائعة التي يلوذ بها المسافر في جُزُر الحياة البعيدة.. الأنثى سفر حر في الربيع حين تمنحك لحظات الدفء وجنون الوصل وهي سقوط حر في الفراغ حين تنأى عنك جنانُها وتترك أسير النسيان والبرد.. الأنثى وجع ممتد في ذاكرة العشاق الذين اكتووا بنار الفراق فجأة.. والأنثى أيضا هي تعبير عن قدرة الجمال على التجدد.. بالنسبة لي الأنثى هي روح القصيدة.. قصيدة لا تسكنها الأنثى لا أعول عليها.
7-كيف تم اختيارك لمسابقة أمير الشعراء لعام 2021؟، حدثنا عن أجواء المنافسة ومراحلها؟
-شاركتُ في اختبارت طويلة وصعبة عن بعد منذ ديسمبر 2020، تخطيتها والتحقت بأبوظبي إذ كنتُ من 20 شاعرا وصلوا الى النهائيات، في الدور الأول حصلت على بطاقة لجنة التحكيم في أول حلقات الموسم، وبعدها عبرتُ إلى النصف حيث تفوقت أيضا وحصلت على البطاقة الثانية التي حملتني مباشرة إلى النهائي دون الحاجة للتصويت.. وأنا الآن في الحلقة النهائية حيث العلامة مزدوجة بين التصويت واللجنة.. أجواء المنافسة لم تكن سهلة لكنني نجحت في الوصول إلى النهائي بسلاسة وهذا شرف بالنسبة لي.
8-سيزداد التوهج خلال النهائيات للبحث عن صهوة جواد الشعر العربي الأصيل لانتزاع لقب أمير الشعراء” هل لعمر منافس قوي على “خاتم الإمارة “؟
-التصويت هو منافسي الأهم.. وكل الشعراء من هذا المنطلق ينافس بعضهم البعض.. أما شعرياً فأنا أنافس نفسي أولا كي أتقدم.. قبل المسابقة وبعدها.
9-سؤال أخير هل تعتقد أنك آخر جيل المبدعين في الشعر لمدينتك؟
-لا أعتقد أنني سأكون الأخير، صحيح، هناك للثقافة وضعف في تكوين الناشئة.. هذا كان موجودا سابقا أيضا.. لكن دائما تنبت أزهار في الأرض اليابسة وتخضر أحلامها بعد ذلك.. واثق أنا أن هناك من يبدعون بصمت وسينطقون يوما ما..
10-كلمة تحب توجيهها إلى الجمهور.
-أحيي أبناء بلدي من البسطاء الذين تابعوني بمحبة وشغف.. محبتكم هي التاج وأنتم أهل التاج.
-بدوري أشـكرك شاعرنا على سعة صدركم، وحسن أخـلاقكم، وكمـال تواضعكم، وألف شكر على ما نثر خاطركم عبر هذه الرحلة الحوارية القيّمة الماتعة التي نأمل أن يستمتع بهـا الجمهور القارئ كما تمتعنـا بها نحن ودمت متألقـا كعادتك أميرا للشعر.
- الطالبة الباحثة في مجال الإعلام كلثومة ابليح
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.