جُلَنار؛ أنت الأسطورة الأخيرة!

بقلم : عبد القادر العفسي..الرسالة 25

عزيزتي ” شمس النساء زهرة الشوك الفضي ” جُلنار ، تتذكرين أني أخبرتك : لن أبقى وفيا في بواعثي التعبيرية و كلماتي المرسومة على أوراقي الممطرة ، و أني سأعلن اسمك قبل أن يحل المساء بضوئه لأنه آخر مساء و أخر ضوء “جلنار ” ..لكني مسرور انك لازلت هنا و أن اللامعقول يؤكد وجوده ..! أفترض أنك تعلمين ؟ أنك فرضية ! لكني لم أتوقف عنك و لم أتراجع ..و أنت لم تسألي بأي معنى ، أسطورتك لن تمحى و وجودك ابتداء و هي النهاية ..لأنك تميز و استثناء ..لكني سأستمر ..

إني استخدم أدوات النفي ” لم ” لأنفي عني تلك هواجس الماضي و ” لن ” أروم بها بنفي وقوع هذه الفرضيات في المستقبل نتيجة اليقين على انك سورة ذاتية من الانفعال الطبيعي وانك صورة من التأويلات لا تستحق مني أي تفسير ! ماذا تقولي : أني خبّرتك سلفا  فأعطيتك كل الصلاحيات و أني أسست لك معتقدات خاصة و طقوس أتعبدك بها و بنيك لك وطنا ، سلوكات ، انطباعات، أحلام ، تخوفات … لكني كسرت كل هذه الحلقات و الدوائر الزمنية ..ماذا ؟ تخليت عن كل هذا و أني لم اعد اكتب لك و أضحيت أنام في جهة أخرى لا يشعر بها أي احد، بالتالي أضحيت خاطرة من خواطر الليل أنعش بها المنهزمين  !

ما سريرتك ؟ أنها نفس الصورة دائما، أنت من ارتميت في الألوان المادية و اعتقدت أن الفضلات هي : هوية ! لا تغضبي ! فالكتابة عندي تكتب بالدم الشخصي أما المقالات التي تزعج و أنت صورة لهذا الانزعاج هو سحر تعبيري ، و ميول الانتقام من الواقع و استبداله بواقع أخلاقي ..هي موهبة و ليس أداة وظيفية ابهر بها القارئ بمحسنات و لا هي معلومات معدة من أيديولوجيات و لا هي مقصلة للعقاب ولا هي مادة لصباغة الأحذية …بل الكتابة تتسم عندي بالمسؤولية تختفي بين أنماط التعبير لذلك هي إحساس لا يبدأ إلا بعد الافصاح عنه في قضية من القضايا قد تكون اقرب أو ابعد من الحب و الخيال ! لا يهم ؟ لكنها مترسبة في لا شعور القلم ..! هل أنا أتوهم ؟ من قال لك هذا .. لا تصرخي ..في وجهي و جسدي المنعكس على الظل لأنه بنية من الوعي على خلاف رؤيتك لعماليات المتتالية من الإجهاض التي قبلت بها و أوقعت مشاعرك و الحب و الانتماء و الإنسان .. فارتميت داخل الأحضان المادية ؟

عزيزتي ” شمس النساء زهرة الشوك الفضي ” جُلنار ، لقد مررت من أمامي وصوت الرعد يدوي حينها قرأت خطواتك المتكسرة وظلك المتعب ككتاب مفسر ؛ فأدركت سؤالك السابق : على أني ماذا لو تركت البوابة تنفتح ؟ إنك دائما تفترضين أن الأمر لعبة لأن البوابات تُفتح من تلقاء نفسها …تفترضين وأنت غاضبة بطرح ” ماذا لو ” إدعاء يهدف الى الاستلاب كونك حزينة على الماضي و خائفة من ما تبقى من القدر ؟ لأنه إيهام جيد لكني أحيلك إلى إحالة العالم هولندي المتخصص في الرئيسيات وعلم السلوك الحيواني ” فرانسيس برناردوس ماريا ” الذي أثبت في كتابه “هل نحن أذكياء كفاية لنعرف كم أن الحيوانات ذكية” ؟ خلُص أن القردة تحتج بالزعيق عندما تختل العدالة و أنها تقدم المواساة في الموت و الانهزام بحب و حنان ، لهدا أتواجد في خاطرة المهزومين ؟ إن مشاعر القردة و أخلاقها تجاه بني جنسها أرقى منك و من كل البقية ..! بل سأحيلك إلى ” كريستيان بارتيني ” في كتابه ” مدار الفوضى ” الذي قرأته قبل ستة سنوات الذي يربط المناخ بالصراع و الجغرافيا السياسية و العنف و الحروب و الجماعات المتطرفة  …

إذن ما هي قواسمنا المشتركة ؟ فأنا افهم أفكارك دون الإيمان بها و اكتب الوداع دائما بحروف الصمت لأن الاستمرارية تتولد عن جهل ، فسؤالك ماذا لو : فماذا لو كنت أعيش وحيدا ! ماذا لو لم تقبل الدولة المغربية تدريب عناصر ” فرنسا الافريقية ( الجزائر) بمدينتي ليخطف القائد العسكري  أخت أمي لتموت أمها كبدا بعد ثلاثة أيام و يركب أخوها الصغير في نفس اليوم قطارا و يضيع ثلاثون سنة  و تشرد أمي الطفلة الصغيرة.. فيصيب أبوها الجنون ؟ ماذا لو لم يبصق علي عامل الإقليم السابق في وجهي و وجه أمي ! حيث حثَّ رجال القوات المساعدة بضربنا بأمر منه  بعد تقديم الوعد في تعويضنا على منزلنا الذي هدم بخمس قطع أرضية ! ثم أحالنا إلى موظفيه و مسؤولي الجماعة الذي طالب العديد منهم إعطائهم أخواتي الثلاث التي يقل عمرهم عن خمسة عشرة ربيعا العبث معهم مقابل تسهيل حقوقنا ! لكننا قبلن التشرد خمس سنوات في مأساة لا توصف و لا يمكن الحديث عنها ..

في الأخير توقفنا عن المطالبة بالحق و القبول بالواقع و التنازل عن الحق بقبول قطعة واحدة ..أما القطع الأربع توزعت على رجال سلطة أكتُتِب للعاشقات و باسم أمهات المسؤولين السياسيين ، وضياعي بين العاصمة و مدينتي أراقب الأمانة التي بعنقي؟ مادا لو لم أصبح مِلكا لعجوزة في العاصمة تدخن الماريجوانا بالإضافة تعاطيها  الويسكي الفاخر من نوع “تشيفاز” وهي تقبلني بعنف …مقابل بعض المال لأعود إلى مدينتي مرة أخرى ! وعندما احتج على المعاناة يتم إخضاعي من جديد .. ؟ ماذا لو لم تطعني عاهرات بعض رجال السلطة و الفسدة بسكين حتى وصل إلى كبدي ! و في التحقيق الشكلي يسألونني عن الهجوم و على من كسر الإطارات الزجاجية للوحة ملك البلاد فوق جبهتي..بابتسامة ماكرة! فأخبرهم أني سقطت من الدرج ، إبان الحراك الاجتماعي؟ عزيزتي !

ماذا لو ذهبت للحصول على رخصة بناء يخبرك المنتدب له في القسم الجماعي و العمالة  أن “المنصة الإلكترونية” لا تعمل منذ نشأتها ! حتى يتم التوزيع العادل بين الفسدة ! و أنت لا تعلم عن ماهية هذه المنصة شيء، هل هو كائن حي أو مؤسسة أو جماد بالنسبة لعديد من المواطنين  ؟ ماذا لو لم تسبني إحدى زوجة المسؤولين السياسيين مساءا وصباحا بشتى أنواع السباب لا لشيء ! و هي تعتقد أني متماهي مع اللعن و التحريض ؟ ماذا لو لم يقطر من كنت اعتقد انه صديق قطرات أدوية المجانين في كأسي من الجعة .. حتى أخبرني بضمير عامل الكونتوار في الحانة رحمه الله ..! كان يريد هذا الصديق المزعوم ارتكاب سلوكا أعاقب عليه لكنه لم يكن لوحده في التخطيط ….ماذا لو لم يتواجد العزيز الدكتور نور الدين سنان الذي أخجل منه و لم أعاينه منذ مدة ؛ماذا لو لم يكن يونس القادري بهذه الحياة ؛أليس الحق أن أكون في حاضنة التوحش ..عزيزتي !

ماذا لو اعتنقت الأجهزة الأمنية الاسبانية و مخابراتها الخارجية عقيدة :أن الاستمزاج في الحق على الثغور و الجزر فقاعات تخالف النفس الإمبراطوري للمملكة و التجاور السلمي و أن بقايا ” ايزبيلا ” لازال منطقها لم يتجاوز المتغيرات الدولية الإقليمية الجديدة  ؟ ماذا لو علمت فرنسا الإفريقية ( الجزائر) أنها كأداة وظيفية لاتفاقية “ايفان” لاستمرارية الطغمة العسكرية بالعداء للمغرب هو تسريع للهاوية و إقبال متسارع للصحراء الشرقية  …؟ ماذا لو علمت ولاية الفقيه الإيرانية أن الدين الإثنى عشر ربا  في اختراق المملكة و تجنيد فرنسا الإفريقية نهاية حتمية لها ،و أن إطفاء “الولاية ” على الأنبياء وأبناء السيخ  إسقاط لها عبر إنتاجاتها السينمائية المنحرفة ؛ تجديف ! له حاضنة فقط في جغرافية ” الحدود الموروثة عن الاستعمار” فقط ..ماذا لو …ماذا لو …

تدركين الآن لا شعور القلم ! إنه أسلوب مأساوي ، مأساة متميزة .. عزيزتي ” شمس النساء زهرة الشوك الفضي ” جُلنار ، لا تسأليني سؤالا قد يبدو لك هينا و قد تتخفي الأجوبة بين التعبير ، لكن دعني استرجع السفر إليك دون معادلة نسبية ..دعيني استعد كل تصوراتي السابقة التي أحييتها ..دعي سمك يسري في دمي لتكوني أنت مجسدة في الاخرى ..دعيني  انظر إليك من بعيد دون لمسك …دعيني أن أنضر إلى ساقيك و صدرك ..

أحس ، مرة أخرى أني لم أعد أعيش وحيدا ..انتظريني .


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading