نقدم تبعا في حلقات تحت عنوان “جذور المعاني” لتفسير وتوضيح عدد من المصطلحات العلمية والفكرية، يقدمها أستاذ متخصص في الفلسفة ودرس ديداكتيك الفلسفة ومارس مهنة التربية.
الزميل المشرف على هذا الموضوع الهام جدا، هو المكي بوسراو، حاصل على الإجازة من كلية الآداب بفاس/ شعبة الفلسفة سنة 1986 وحاصل على دبلوم كلية علوم التربية بالرباط / ديداكتيك الفلسفة سنة 1988.
عين أستاذا لمادة الفلسفة بالثانوي التاهيلي من سنة 1988 الى سنة 2019 وحصل على التقاعد النسبي سنة 2019.
صدر له كتابين، الاول ترجمة مشتركة لكتاب “جينيالوجيا الاسلام السياس للباحث الفرنسي” اوليفي روا”سنة1998 والثاني بعنوان” قالت الام لولدها : مسار مدرس”، وهو تحليل ونقد للمنظومة التعليمية بالمغرب من خلال تجربته، صدر سنة 2021 ، وقيد التأليف كتاب بعنوان مؤقت”أفكار عابرة” يتناول جملة من القضايا الفلسفية والنفسية والاجتماعية
جذور المعاني : الحلقة السادسة : مفهوم العمل:
أصل هذا المفهوم هو كلمة “Tripalium” اللاتينية وهي إسم لإحدى أدوات التعذيب ذات ثلاثة أرجل كان يوضع فوقها المرء لتعذيبه جسديا، أما الفعل يعمل أو يشتغل الذي هو “Tripaliare” فكان يعني في اللغة اللاتينية يعذب.
ومن هنا ارتبط العمل بالعذاب واعتبر دوما نوعا من الشقاء الذي لا يجلب أية متعة، بل على العكس فالشغل كان مرادفا للمعاناة والألم.
فكما كان يتألم الفرد حين يربط إلى قطعة الخشب (تريباليوم) ويعذب، فهو يتألم في العمل أي عندما يبذل مجهودا عضليا .
ولهذا السبب كان العمل قديما متروكا للعبيد الذين خلقوا ليشتغلوا ويتعذبوا، أما الأحرار فلا يعملون لأنهم لم يخلقوا للمعاناة والشقاء ولا يمكن أن يكون العذاب من نصيبهم.
فالحر كان دوما معفيا من الشغل أي من العذاب.
ورغم تطور وتغير معنى الكلمة إلا أن مفهوم العمل ظل يشير باستمرار إلى المعاناة و الشقاء، وهو ما يفسر تهرب الناس منه وكراهيته في مجتمعاتنا الحديثة: فأن تذهب للعمل يعني أن تضحي بحريتك وفرحك وسعادتك، هكذا يتمثل الناس العمل.
وكل المجهودات التي بذلت في الدول المتقدمة بهدف أنسنة العمل لم تستطع محو طابعه القهري ولا بعده البئيس والشاق وهو ما نجد له صدى عند العديد من الفلاسفة كماركس ونيتشه وسارتر الذين عبروا عن مواقف نقدية تجاه العمل.
ومن مكر اللغة أن العبارة الفرنسية salle de travail ما زالت إلى اليوم تكتب في غرف الولادة بالمستشفيات. فهل يتعلق الأمربالإحالة على المعنى الأصلي للكلمة: العذاب؟
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.