عاد موضوع الإفطار العلني في المغرب إلى الواجهة. هذا العام اثر إيقاف شباب بأحد المقاهي، ردود فعل متباينة. البعض أيّد إلقاء القبض، فيما طالب آخرون “بسد رمق” المواطن أولا في ظل موجة غلاء لا ترحم.
بين الإستفزاز وخرق القانون!
الإفراج عن الشباب المعتقلين في اليوم نفسه، وفق ما تداولته وسائل إعلام وطنية، لم يخمد شرارة النقاش المتجدد في شهر رمضان من كل عام على مواقع التواصل الإجتماعي. من جهة أشاد عدد من رواد مواقع التواصل الإجتماعي بـ « التدخل الأمني » في واقعة مقهى الدار البيضاء، معتبرين ما قام به هؤلاء الشباب « استفزازاً لمشاعر المسلمين » في شهر الصيام.
من جانبها استنكرت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، إقدام أكثر من 50 شابا و شابة على الإفطار العلني بمقهى بمدينة الدار البيضاء، معتبرة ذلك خرقا سافرا للفصل 222 من القانون الجنائي الذي يجرم الإفطار جهرا في رمضان. في المقابل انتقد كثيرون الواقعة معتبرينها مؤشراً خطيراً على وضع الحريات الفردية في المغرب ومستقبل الأجيال القادمة.
وفي هذا الصدد علقت الكاتبة والناشطة المغربية، سناء العاجي، على حسابها على موقع « تويتر » باللغة الفرنسية، على واقعة إلقاء القبض قائلة « في غضون سنوات قليلة في المغرب، سيتعين على المواطنين أن يشرحوا لأحفادهم أنه قد زج بهم في السجن لمجرد احتساء فنجان قهوة »!
« تأويل تعسفي للقانون »
يعتبر « الإفطار دون موجب شرعي » في شهر رمضان، جنحة يعاقب عليها القانون المغربي. وبموجب الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي، يعاقب « بالسجن من شهر إلى ستة أشهر، بالإضافة إلى غرامة مالية من اثني عشر إلى مائة وعشرين درهما”・كل من عُرف باعتناقه الدين الإسلامي، وتجاهَر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، دون عذر شرعي ».
على إثر هذه الواقعة ، تصاعدت مجدداً الأصوات الرافضة للفصل 222 من القانون الجنائي الذي يجرم الإفطار العلني في شهر الصيام. وفي هذا الصدد تحدثت، الناشطة الحقوقية، كريمة ندير، عن ما وصفته بـ « محاكم التفتيش » في تدوينة لها على حسابها الشخصي على فيسبوك. واعتبرت ندير أن ذلك لا يتماشى مع « النموذج التنموي » الذي تنتهجه المملكة.
« إيقاف شبان من فضاء خاص (مقهى) بتهمة الإفطار العلني في شهر رمضان (…)، تأويل متعسف للنص القانوني في حد ذاته »، بهذا أشار رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، سامي لمودني، على حسابه الشخصي على موقع التواصل الإجتماعي « فيسبوك »، وأضاف أن الإشكالية تكمن في المفهوم الخاص بالفضاء العمومي والفضاء الخاص.
من جهة أخرى، طالبت عدة أصوات بإعادة النظر في الفصل 222 من القانون الجنائي، أو حتى إلغاءه إن تطلب الأمر، كما كتب الناشط الحقوقي المغربي، نجيب البقالي، في تعليق له على واقعة مقهى الدار البيضاء، على حسابه الشخصي على « فيسبوك » : »يمكن إعادة النظر في المادة المُجرّمة بكثير من النقاش والهدوء إما بالإلغاء أو إعادة النظر في العناصر التكوينية للجريمة أو العقوبة »، مشيراً إلى أن « الأمر لا يحتاج إلى كثير من اللغط، وأن ارتفاع الأسعار أولى بالمناقشة والمتابعة ».
هل خضعت فتيات لتفتيش يحط من كرامتهن ؟
في صفحتها على موقع « تويتر »، نشرت حركة « خارجة على القانون »، مقطع صوتي نُسب إلى إحدى الفتيات اللاتي تم إيقافهن بتهمة الإفطار العلني في رمضان وأطلق سراحهن فيما بعد. الفتاة زعمت أنها تعرضت وفتيات معها للتفتيش الموضعيّ من قبل إحدى الشرطيات للتأكد من مرورهن بفترة الحيض، وهوما يعتبر عذراً شرعيا ويبيح الإفطار في الشريعة الإسلامية.
في تعليقه على ما تم تدوله بخصوص خضوع فتيات للتفتيش الموضعي، اعتبر المهندس المغربي، مروان المحرزي العلوي، أنه في حالة تأكد حدوث مثل هذا الأمر بالفعل، على الدولة معاقبة من تسبب في الإهانة الجسدية والنفسية للفتيات ».
الأمر الذي نفاه مصدر أمني قائلاً: « إن الادّعاءات التي نصّت على إخضاع شرطيةٍ الفتيات المضبوطات لتفتيش أو خبرة جسدية، كاذبة »، وأضاف أن « الأمر اقتصر فقط على إنجاز محاضر استماع حررتها ضابطات للشرطة القضائية مع الفتيات المضبوطات، من دون إخضاعهن لأي إجراء مشوب بالتجاوز أو مقيد للحرية ».
التعليقات مغلقة.