جبهة العمل الأمازيغي و المشاركة السياسية

بقلم ياسين عمران / الناظور

يمكن اعتبار محطة تأسيس جبهة العمل الأمازيغي من المحطات المهمة و المفصلية في دينامية القضية الأمازيغية بالمغرب، حيث لا يمكن فصلها عن مسار تطور خطاب الحركة الأمازيغية الذي تمكن من الانتقال من المطلب الثقافي إلى العمل السياسي، و الذي تجسد بإعلان النخب الأمازيغية عن مرحلة جديدة من مراحل تطور القضية الأمازيغية بالمغرب و التي أحدثت إختراق مهم على المستوى المؤسساتي الرسمي، وخلقت دينامية سياسية جديدة داخل الحقل السياسي المغربي، عبر التعبئة الشاملة و المتواصلة و الانخراط في المشاركة السياسية.
إن جبهة العمل الأمازيغي تسعى حسب أرضيتها إلى توسيع فضاءات النقاش العام حول ملحاحية أو لنقل حتمية الحسم الآن وليس غداً في سؤال المشاركة السياسية المباشرة للحركة الأمازيغية، أو التحول إلى الإنخراط في العمل السياسي المباشر بآفاقه التنظيمية والمؤسساتية،

والغاية الكبرى هي ضمان وتيرة قوية للعمل الأمازيغي داخل المؤسسات، الأمر الذي من شأنه أن يعطي أيضا قوة رمزية ومادية لعموم مكونات الحركة الأمازيغية . و كما تؤكد أيضا الأرضية السياسية لجبهة العمل الأمازيغي على أن المغرب صار ملزما الآن وقبل الغد بتعاقد إجتماعي وسياسي جديد، يعيد ربط خيوط الماضي بالحاضر وإستعادة هوية البلد وعمقه الحضاري الأمازيغي الإفريقي الأصيل من أجل إستشراف مغرب جديد قوامه التعددية والتنوع في إطار الوحدة بغية التأسيس لنموذج تنموي جديد ورائد يستحضر أسس العمق الهوياتي للمغرب

وخلفيته التاريخية والجغرافية والحضارية، لضمان إندماج اجتماعي وثقافي لجميع مكونات وطاقات وكفاءات البلد على قدم المساواة ولا تفضيل لأحد على الآخر إلا بمبدأ الإستحقاق والوطنية الحقة، نموذج تنموي جديد يربط الماضي المجيد بالحاضر لإستشراف المستقبل المبني على أسس العمق الهوياتي الأمازيغي الإفريقي لبلادنا.. والقطع مع كل إديولوجيات الإقصاء ودعاة الإنغلاق وسرقة الإرث الثقافي والحضاري وإسهامات المغاربة في الحضارة الإنسانية العالمية.

إن المشاركة السياسية أصبحت خيارا ضروريا داخل الحقل السياسي المغربي، وذلك نظرا لحجم التحولات المهمة التي أفرزتها القواعد السياسية الجديدة في بلادنا وأيضا نظرا لحجم المعارك السياسية التي أعقبت تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، حيث عمد الخصوم التاريخيين للقضية الأمازيغية إلى تحجيم الأمازيغية عبر سن قوانين تنظيمية هدفها فرملة المكتسبات الوطنية التي حققتها الأمازيغية في المغرب .

لذلك تفرض إشكالية المشاركة السياسية على مختلف الفاعلين الأمازيغيين التعبئة الشاملة للتعبير السياسي والشعبي ولتسيير الشأن العام، لأن المرحلة تتطلب مشاركة الفاعل الأمازيغي في النظام السياسي من أجل التأثير في مختلف القرارات السياسية و في صنع القرار السياسي. على هذا الأساس فإن القضية الأمازيغية تفرض نفسها بثقلها السياسي على أنصارها بالمغرب لمواكبة دينامية الإصلاحات التي أطلقها دستور المملكة لسنة 2011

و التي تجعل من الأمازيغية جزء لا يتجزأ من الاختيار الديمقراطي. و ركيزة أساسية لبناء تعاقد سياسي جديد يضمن الشراكة السياسية في بناء مغرب يتسم لجميع أبنائه و بناته، مغرب قوي يضمن التعددية في الاختيارات الثقافية والسياسية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد