جائحة كورونا وتعطيل الديمقراطية المحلية
عبد اللطيف أعمو//
عند التمعن في أحكام الدستور، وبالخصوص الفصل 136، الذي يحث على التعاون والتضامن، ويدعو إلى مشاركة السكان في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة .
ولهذا الغرض، أحدثت الجماعات الترابية للمملكة لتساهم في تفعيل السياسة العامة للدولة وفي إعداد السياسات الترابية، من خلال ممثليها في مجلس المستشارين.
وأمام وضع ما ينص عليه الدستور أمام أنظار ما اتخذ من إجراءات وتدابير لتنفيذ مقتضيات المرسوم بقانون رقم 2.20.292 الصادر في 28 من رجب 1441 الموافق ل 23 مارس 2020 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، يتبين أن لا وجود لأي داعي لشل عمل المجالس الترابية على صعيد المملكة.
فمن جهة، فالمقاربة التي تم اختيارها لمواجهة الجائحة تعتمد بالدرجة الأولى على تعبئة المواطنين ودعوتهم إلى التعاون والتضامن ومشاركة السكان في مقاومة الجائحة من خلال الصبر والالتزام بالتدابير الوقائية والاحترازية المعلن عنها.
ومن جهة ثانية، فإن الفقرة الثانية من المادة الثالثة من المرسوم المذكور لا تسمح باتخاذ التدابير التي من شأنها أن تحول دون استمرارية المرافق العمومية الحيوية وتأمين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين.
ومن هنا يتبين أن ما تم تسجيله من تأجيل مواصلة دورات المجالس الترابية كوحدات لا مركزية تضطلع بتنفيذ سياسة القرب وتعبئة المواطنين وحثهم على الانخراط في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في محاربة الجائحة، يبقى تدبيرا لا ينسجم ، لا مع أحكام الدستور، الذي اعتبر الجماعات الترابية ذراعا أساسيا ضمن هيكلة الدولة وهندسة نظامها اللآمركزي المعتمد على التدبير الحر وعلى التعاون والتضامن ومشاركة السكان، ولا مع الخطة المعتمدة من طرف الحكومة في مواجهة الجائحة.
هذه الخطة التي تبدو معتمدة في الدرجة الأولى على المقاربة الأمنية دون تمكين المواطنين من استيعاب دورهم التلقائي في ضبط الأمن والتعبئة نحو تحقيق الهدف المنشود .
إن ما تم تسجيله من تأجيل متواصل لدورات المجالس المحلية، في الوقت الذي كان ممكنا توجيهها لمواصلة عملها نحو الشروط الاحترازية والوقائية، التي تشتغل بها مؤسسات أخرى مثل البرلمان ومؤسسة الحكومة نفسها.
ذلك، أنه إذا كانت الجوانب الصحية والاقتصادية تكتسي أهميتها بشكل بديهي، فإن أي تعطيل للبعد الديمقراطي في هذه الظروف، ستكون له عواقب سلبية، لا سيما…. توفير شروط الحكامة الجيدة في هذه الجماعات وتوطيد ثقة المواطنين في جدوى وجودها وعملها وأدائها.
وأعتقد أنه لو تم توسيع المشاركة في التدبير في خطة مواجهة الجائحة، قد يكون من شأنه تفادي تجميد دور الجماعات الترابية بمختلف مستوياتها.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.