تكركورت (الكركرات) وبداية نهاية أسطورة البوليزاريو

أزول بريس – الحسين بويعقوبي //
لا أحد يحب الحرب لا لنفسه ولا لغيره، لأن طرفا أي حرب، بغض النظر عن المنتصر ميدانيا، يخسران الشيء الكثير في الأرواح والعتاد. لكن أحيانا قد يضطر المرء للتدخل عسكريا للدفاع عن النفس وإقرار الحق خاصة حين تواجه طرفا لا يحتكم للعقل ولا يمتلك قراره ويتحرك وفق أجندات جهات أخرى.
لعل ما وقع بتكركورت (الكركرات) من طرف عناصر البوليزاريو وتعامل القوات المسلحة الملكية مع الوضع منذ بداية الإستفزازات يجعل التدخل العسكري أمرا ملحا، لأن في ذلك مصلحة المنطقة ككل. فالتزام المغرب باتفاقية الهدنة الموقعة منذ 1991 يفرض التزام الطرف الآخر بتجنب كل ما من شأنه أن يحدث توثرات وقلاقل في المنطقة. لكن قطع عناصر البوليزاريو لمعبر تاكركورت فعل مضر بالمغرب وموريطانيا وباقي البلدان الإفريقية التي يزودها المغرب بالمنتوجات.
ولا يمكن تفسير هذه المناوشات إلا برغبة الجزائر في غض الطرف عن معاناتها الداخلية منذ حراك 2019 ضد العهدة الخامسة لبوتفليقة، وسياق مجيء الرئيس الجديد عبد المجيد تبون للرئاسة ومرضه ثم استشفاؤه بألمانيا دون أن يحضر للإستفتاء على الدستور الذي اقترحه وقاطعه أغلب الجزائريين بالموازاة مع السعي للضغط على الأمم المتحدة بخصوص قرار تمديد مهمة المينورسو بالمنطقة.
وإذا أضفنا لهذه المعطيات عودة المغرب لمنظمة الوحدة الإفريقية وتعزيز مكانته الإقتصادية والسياسية والروحية بإفريقيا والمشاريع التنموية التي تعرفها الصحراء المغربية، ثم سقوط الأنظمة القومية العربية المساندة للبوليزاريو، خاصة معمر القدافي، سنفهم إحساس الجبهة بأن استمرارها في ظل التحولات الإقليمية والدولية أمر شبه مستحيل، إذ لم يعد لها من سند إلا الجزائر التي ستضطر بدورها للتخلي عنها أمام ضغط القوات الكبرى والساعية لتجنيب الصحراء الكبرى كي لا تكون مرتعا للإرهاب بمختلف أشكاله.
في هذا السياق قد يكون حادث تكركورت (الكركرات) دليلا عن الإحساس بالخناق التي يطوق عنق الجبهة وخلفها الجزائر وربما هو إعلان عن بداية نهاية أسطورة البوليزاريو، خاصة وأن التدخل الأخير للقوات المسلحة الملكية سمح بوضع جدار واق للمعبر يربط بين الحدود المغربية والحدود الموريطانية ضامنا التنقل الآمن بين البلدين وقاطعا كل إطلالة للبوليزاريو على المحيط الأطلسي.
وما على الجزائر التي غردت خارج سرب العقل والمنطق ومصلحة المنطقة إلا أن تجلس للحوار مع المغرب وحل هذا النزاع نهائيا، فالسياق الدولي لا يسمح باستمراره، كما أن جزءا من حل الجزائر لمشاكلها الداخلية لن يكون إلا داخل وحدة مغاربية قوية لن تتحقق إلا بالتفاهم المغربي الجزائري.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد