تقرير عن أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ في موضوع: العلاقات المغربية السنغالية، دراسة تاريخية

يسعد الموقع أزول بريس نشر هذا التقرير للزميل والصديق بوبكر أنغر، ويهنئ بالمناسبة الدكتور بوبكر أنغر بمناسبة حصوله على شهادة الدكتورة متمنيا له المزيد من التوفيق والنجاح.

تقرير عن أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ في موضوع: العلاقات المغربية السنغالية، دراسة تاريخية

  •   اعداد الطالب :  بوبكر أنغير
  • تحت إشراف : الأستاذ الدكتور عبد الله استيتو
  •   الموسم الجامعي: 2023-2024
  • جامعة ابن زهر – أكادير

كلمة شكر:

بداية وأنا في لحظة مهمة من مساري العلمي والأكاديمي، أدعو الله أن يتغمد والدي برحمته الواسعة، وهو الذي وافته المنية وأنا أضع اللمسات الأخيرة على هذه الأطروحة.

وهذه مناسبة أيضا لكي أتقدم بكامل الشكر والامتنان لوالدتي شافاها الله وأطال في عمرها ، الى زوجتي الغالية كذلك وفلذات الكبد أطفالي الصغار؛ وأختي وأخواي الذين كانوا سندا لي طيلة هذا المسار.

ووفاء للواجب واعترافا بالجميل، أتقدم بخالص الشكر والامتنان للدكتور الفاضل الأستاذ عبد الله استيتو على تفضله بقبول الإشراف على هذه الاطروحة، وعلى ما أسداه إلي من توجيهات قيمة واقتراحات جوهرية، وما بذله من جهد في تتبع وتقييم وتصحيح هذا العمل، والذي منحني من وقته الثمين ومن بحر معلوماته وخبراته الواسعة ما شكّل إضافة كبيرة لهذا العمل. وقد كان طيلة مدة الإشراف مثالا للنبل ودماثة الأخلاق وحسن المعاملة، فأسأل الله العلي القدير أن يجازيه خير الجزاء.

ويسرني أن أوجه شكري كذلك لأعضاء لجنة المناقشة، وفي مقدمتهم الدكتور المقتدر عبد الكريم مدون رئيس اللجنة وهو من الأطر والكفاءات الوطنية التي نفتخر بها وهو عضو بالمجلس الأعلى للتعليم وعميد أساتذة التاريخ المعاصر، والدكتور شفيق أرفاك  المؤرخ السوسي المتميز وأحد المتخصصين في النوازل والأعراف السوسية وصاحب الاختصاص في دراسة الوثيقة المخزنية  والدكتور محمد الخداري عن جامعة القاضي عياض بمراكش والدكتور المقتدر محمد بوزنكاض، على تفضلهم بقبول فحص ومناقشة هذه الأطروحة، التي أتمنى أن تشكل إضافة نوعية للبحث العلمي في شقه المتعلق بالدراسات الإفريقية بجامعاتنا المغربية، وأن يدشن أرضية لتطوير البحث الأكاديمي الجامعي في مجال العلاقات المغربية السنغالية في عصرنا الراهن.

يسرني كذلك أن أقدم شكري  لكل الأساتذة والأصدقاء ممن نصحوني أو أرشدوني أو وجهوني أو ساهموا معي في إعداد هذا البحث بإيصالي للمراجع والمصادر المطلوبة في أي مرحلة من مراحله؛ كما أشكر إدارة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن زهر بأكادير وكل مكونات مركز الدكتوراه بالجامعة ومختبر البحث في الدكتوراه (المغرب في أفريقيا: التاريخ، الذاكرة والمحيط الدولي) لحرصهم على توفير الظروف الملائمة وتذليل كل العقبات والصعاب أمام الطلبة الباحثين بسلك الدكتوراه من أجل إنجاز أعمالهم على الوجه الأكمل.

تمهيد:

العرض الذي أقدمه أمامكم اليوم هو خلاصة عمل اشتغلت عليه لأزيد من 5 سنوات، وهو يخص  موضوعا ما يزال بكرا في الدارسات التاريخية المغربية، يتعلق الأمر بدراسة تاريخ العلاقات المغربية السنغالية، وهي علاقات تاريخية ممتدة في الزمان ومتنوعة في مجالاتها  و خصوصياتها،  بين قطرين وبلدين  إفريقيين يوجد أحدهما في الضفة الشمالية من القارة و آخر في الضفة الغربية، وتحديدا من تاريخ التغلغل العسكري الفرنسي في السنغال سنة (1854)، إلى تاريخ خطاب دكار سنة (2016) الذي ألقاه الملك محمد السادس من عاصمة السنغال، فأعاد فيه الملك محمد السادس التأكيد على أهمية العلاقات المغربية السنغالية.

أهمية الموضوع:

تشكل هذه الأطروحة مساهمة متواضعة في محاولة “استفزاز” ملكة البحث وناصية التنقيب التاريخي في العلاقات المغربية السنغالية في فترة حاسمة من تاريخ البلدين (1854-2016)، وهي الفترة التي غيرت الشيء الكثير في العلاقات بين البلدين، حيث أجهز الاستعمار الفرنسي على وحدة البلدين ونهب الثروات المادية واللامادية للبلدين.

موضوع هذه الأطروحة مهم ل 4 اعتبارات أساسية:

– كون الأطروحة تعمل على تسليط الضوء بشكل علمي بمقاربة تاريخية على تاريخ العلاقة بين المغرب والسنغال اللذان ربطتهما علاقات تاريخية وطيدة منذ المرابطين والموحدين والسعديين إلى غاية حكم العلويين، بالإضافة إلى أن التاريخ المشترك بين البلدين أثناء الحقبة الاستعمارية الفرنسية ونضالهما من أجل الاستقلال حمل عدة قواسم مشتركة.

– كونه موضوع جديد لم يسبق التطرق إليه في الدراسات الجامعية المغربية في الفترة المخصصة للدراسة ما بين (1854م و2016م).

– كونه يأتي في سياق العودة التاريخية المغربية المعاصرة للاهتمام بالدراسات الإفريقية، والذي أملته معطيات سياسية وثقافية ذات طابع وطني ودولي، منها حاجة المغرب إلى استعادة موقعه الإفريقي الطبيعي في إطار المنظومة الإفريقية الرسمية.

–  كون الموضوع سيفتح شهية الباحثين في العلاقات المغربية الإفريقية وتاريخ هذه العلاقة بأقلام إفريقية وروح إفريقية منعتقة نسبيا من أسر الدراسات الأجنبية المكتوبة خارج القارة الإفريقية.

أسباب اختيار الموضوع:

الأسباب التي دفعتني لاختيار ودراسة هذا الموضوع تتمثل في الأسباب الذاتية:

اهتمامي الكبير بالدراسات الإفريقية، وخاصة الدراسات التي تعنى بالعلاقات المغربية مع الغرب الإفريقي.

إيماني بالانتماء الإفريقي للمغرب وضرورة تمتين علاقات الأفارقة فيما بينهم، وكون البحوث الأكاديمية والبعثات الطلابية والأواصر الثقافية يجب أن تكثر وتتطور أكثر ما بين المغرب والسنغال وباقي الدول الإفريقية، لأن المستقبل للقارة الإفريقية على جميع الأصعدة، ولا أدل على ذلك سوى التنافس الدولي الكبير اليوم حول موارد إفريقيا.

أما الأسباب الموضوعية فتتمثل فيما يلي:

الاهتمام الكبير الذي أصبحت توليه جامعاتنا المغربية وخاصة جامعة ابن زهر بأكادير للدراسات الإفريقية عموما والأجزاء الغربية منها على وجه الخصوص.

كون تاريخ العلاقات المغربية السنغالية لم يأخذ حقه في الدراسة والبحث والتقصي في الأوساط الأكاديمية والعلمية المغربية والسنغالية على حد سواء. إذ إن الدراسات التاريخية حول الموضوع قليلة جدا خصوصا ما يتعلق بفترة زمنية دقيقة من تاريخ البلدين، أي ما بين (1854م و2016م).

الدور الكبير الذي بذلته السنغال من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب في المحافل الوطنية والدولية منذ خروج المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية سنة (1984م)، والمواقف التاريخية السنغالية النبيلة المناصرة لكل قضايا المغرب المشروعة.

الإشكالية المركزية للأطروحة:

العنصر الرئيسي في أطروحتنا هو البحث عن فهم وتفسير تاريخي لاستمرار العلاقات التاريخية بين المغرب والسنغال قبل الاستعمار الفرنسي وبعده، متسلحين بمعطيات تاريخية ومصادر عالجت الموضوع وحاولت اقناعنا بأسرار تميز العلاقات المغربية السنغالية.

وبالتالي ستحاول الأطروحة الإحاطة بعدد من الجوانب المميزة للعلاقات المغربية السنغالية وفق مقاربة تاريخية من خلال الإجابة عن الإشكالية المركزية التالية:

ما هي المرتكزات والأسباب العميقة التي جعلت العلاقات المغربية السنغالية متميزة، صامدة ومستمرة في سياقات تاريخية مختلفة عرفها تاريخ العالم وإفريقيا وفي اختلاف الأزمنة السياسية التي عاشها البلدان رغم جهود الاستعمار المضنية والدؤوبة في تقويض استمرار هذه العلاقات؟

وفي اجابتنا عن هذا الإشكالية سنعمل على نقد الأطروحة الاستعمارية الاستشراقية التي تفيد بأن تحديث المغرب والسنغال يرجع فيه الفضل الكبير والأساسي والحاسم للاستعمار الفرنسي للبلدين وأن الاستعمار الفرنسي لم يجد في البلدين لا بنيات مؤسساتية قائمة ولا بنيات مجتمعية متماسكة، وكون الاستعمار لا يتحمل المسؤولية في تعطيل العلاقات المغربية السنغالية ومحاولة تقويضها عبر تفتيت البلدين ونشر ثقافة التفريق بين الأفارقة عموما وبين المغرب والسنغال خصوصا.

لا ندعي بأننا سنحيط بالإشكالية من كل جوانبها وتشعباتها ولكننا سنعمل على تحليل نقدي للخطاب الاستعماري وتبيان ممارساته الاستعمارية بعيدا عن مقاربة تحميل كل أخطائنا للمستعمر: أي التهويل من ويلات الاستعمار ونتائجه الكارثية على البلدين، وبعيدا أيضا عن مقاربة التهوين التي تدعي رفض نظرية المؤامرة، وترفض أي تحميل للمستعمر أية مسؤولية سلبية في تخلف بلداننا، وفي تقويض العلاقات البينية بين الدول الإفريقية.

فرضيات الأطروحة:

لا يمكن منهجيا وعلميا التطرق إلى الإشكالية المركزية والإشكاليات الفرعية المتعلقة بالدراسة التاريخية للعلاقات المغربية السنغالية في الفترة (1854-2016) دون التطرق إلى فرضيات تؤسس عليها الأطروحة بنيانها التاريخي والمعرفي الإبستمولوجي ومن هذه الفرضيات المؤطرة لبحثنا:

العلاقات التجارية والاقتصادية التي تسلك المسالك الصحراوية منذ العهد المرابطي بين المغرب والسودان الغربي والسنغال خصوصا كانت هي اللبنة الأولى لتأسيس هذه العلاقات المتميزة قبل أن يؤثر الاستعمار على استمرار تميز العلاقات بتحويله مسارات التجارة البرية وإعطاء الأولوية للمسالك البحرية الأطلسية.

العلاقات الروحية والثقافية والعلمية والهجرات البشرية بين البلدين ساهمت بشكل كبير في عمق وصلابة العلاقات المغربية السنغالية الممتدة تاريخيا ووقفت سدا منيعا امام الاستعمار الثقافي للبلدين وتغريب ثقافتهما رغم كل ما عانته ثقافة البلدين المحلية من تهميش وإقصاء ومحاولات طمس.

الاستعمار الفرنسي للبلدين كان له دور مؤثر وأساسي في تعطيل البلدين عبر المشاكل الحدودية التي خلفها الاستعمار بالنسبة لكل بلد على حدة وتعطيل العلاقات البينية بين البلدين على مستوى عدد من الأصعدة الاقتصادية، والثقافية، والسياسية، وتحويل وجهة المسالك التجارية نحو السواحل؛ لتنجب الوساطة المغربية وتسهيلا للاستغلال، ثم فرض صناعات اقتصادية استهلاكية في البلدين، وفلاحة تصديرية موجهة إلى أوروبا.

الزيارات المتكررة للملوك العلويين منذ المغفور له محمد الخامس مرورا بالمرحوم الحسن الثاني إلى الوقت الراهن في عهد الملك محمد السادس ساهمت في توطيد العلاقات بين البلدين وفي إبقاء أواصر التعاون واللقاء الثقافي والحضاري بينهما.

الديبلوماسية السياسية والعلاقات الثقافية والروحية التي تربط البلدين لا يوازيها تعاون اقتصادي في نفس المستوى بسبب البنية الاقتصادية الموروثة استعماريا في البلدين وبفعل إغفال التجارة البينية واتجاه كل بلد نحو الأسواق الأوروبية.

أهداف الأطروحة:

تهدف هذه الأطروحة لتحقيق ما يلي:

تبيان تهافت الأطروحة الاستعمارية التي طالما رددتها بعض الكتابات الاستعمارية من أنها ساهمت في تحديث البنيات التقليدية في إفريقيا وأن الاستعمار كان له الفضل في تمدين وتحضر البلدان الإفريقية.

التأصيل التاريخي لإمكانية قيام علاقات مغربية سنغالية متميزة خارج المنظومة التي خلفها الاستعمار الفرنسي للبلدين.

إغناء المكتبة المغربية بدراسة علمية حول العلاقات المغربية السنغالية من منظور تاريخي، ودراسة التواجد المغربي في السنغال، وتتبع الهجرات البشرية بين البلدين، وتحليل تطور العلاقات بين المغرب والسنغال.

تطمح الدراسة إلى أن تكون حافزا للباحثين والمهتمين في البلدين إلى ربط الحاضر بالماضي في أفق بناء آفاق مستقبلية واعدة للعلاقات المغربية السنغالية على الأصعدة السياسية والثقافية والاجتماعية والعلمية.

المنهج المعتمد:

خصوصية الموضوع الذي تتصدى له هذه الأطروحة دفعتنا لاعتماد منهجين أساسيين هما: المنهج التاريخي والمنهج الوصفي.

المنهج التاريخي:

وقد قررنا اعتماد هذا المنهج بحكم طبيعة موضوع أطروحتنا، نظرا لما تتطلبه من تقرير تواريخ الأحداث والوقائع التاريخية البحتة، ثم تحليل تلك المعطيات التاريخية، والعمل على إعادة تركيبها، للوصول إلى نتائج علمية واضحة.

المنهج الوصفي:

يسعفنا المنهج الوصفي في وصف الأوضاع في كلا البلدين، المغرب والسنغال، وكذا وصف أهم المسالك والطرق التجارية والمواد والبضائع المتبادلة بين الإقليمين، فضلا عن وصف الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلدين خلال الفترة المدروسة، خصوصا من منتصف القرن (19م) إلى القرن (21م).

الاستعانة بعلوم مساعدة:

الطابع التاريخي لهذا الموضوع يدفعنا إلى الاستعانة أيضا ببعض العلوم المساعدة، لا سيما وأن موضوع العلاقات المغربية السنغالية لا يقتصر على ما هو تاريخي محض، بل يتعداه إلى قضايا أخرى متفاعلة معه وداخله إن على المستوى السياسي أو الجغرافي أو الاقتصادي أو الاجتماعي.

خطة البحث:

لدراسة الإشكالية المركزية للأطروحة والإشكاليات الفرعية قسمنا البحث إلى مقدمة عامة، ومدخل اسطوغرافي ومفاهيمي، وثلاثة أبواب بحثية؛ ويشمل كل باب فصلين، وكل فصل يضم مبحثين.

بالنسبة للمقدمة، تطرقنا فيها إلى أهمية الموضوع، والدوافع الذاتية والموضوعية لاختيار الموضوع، والإشكالية المركزية والإشكاليات الفرعية، وأهداف الأطروحة والمناهج العلمية المعتمدة في البحث.

وخصصنا المدخل التمهيدي لمقاربة اسطوغرافية للكتابات العربية والأجنبية حول افريقيا، تناولت أهم الدراسات التي اهتمت بتاريخ إفريقيا، كما تطرقنا في ذات المدخل لمقاربات مفاهيمية وتحديدات اصطلاحية وجغرافية ذات الصلة بموضوع أطروحتنا.

وخصص الباب الأول من هذه الأطروحة للحديث عن الامتداد التاريخي للعلاقات البينية بين المغرب والسنغال، وضم هذا الباب فصلين أساسيين، يهم الفصل الأول الهجرات البشرية بين المغرب والسنغال منتصف القرن التاسع عشر، في حين يتناول الفصل الثاني الامتداد التاريخي للعلاقات الاقتصادية والتجارية والدينية بين البلدين قبل الاستعمار .

أما الباب الثاني فقد خصص للعلاقات المغربية السنغالية في الفترة الاستعمارية 1854-1955، حيث تناول الفصل الأول من هذا الباب خصائص ومميزات السياسة الاستعمارية السياسة الاستعمارية الفرنسية بالمغرب والسنغال، في حين تطرق الفصل الثاني لدور الاستعمار في تقويض العلاقات المغربية السنغالية أثناء الفترة الاستعمارية.

في حين يعالج الباب الثالث من هذه الأطروحة جهود بناء الدولة الوطنية بكل من المغرب والسنغال بعد استقلالها واستئناف العلاقات بين البلدين، حيث خصصنا الفصل الأول من هذا الباب لأوراش بناء الدولة الوطنية بالمغرب والسنغال والتخلص التدريجي من الإرث الاستعماري، وخصصنا الفصل الثاني لمختلف أوجه العلاقات البينية بين المغرب والسنغال منذ الاستقلال الى غاية سنة 2016.

خلاصات الأطروحة:

أولا: الامتداد التاريخي للعلاقات البينية بين المغرب والسنغال:

المغرب بلد افريقي بحكم موقعه الجغرافي ، وهذا البعد حتم عليه تبعات ، بل مسؤوليات تاريخية اتجاه عدد من الدول الافريقية التي ربطته واياه مجموعة من الوقائع والأحداث التاريخية الكبرى.

وقد سعى المغرب تاريخيا  الى تعميق علاقاته مع الأفارقة و البحث عن منافذ جديدة اقتصادية وسياسية ، وفي هذا الاطار كانت علاقاته مع السنيغال علاقات تاريخية متينة وممتدة، وكانت الهجرات المتبادلة بين المغرب والسنغال والعلاقات الاقتصادية والروحية الوطيدة قبل الاستعمار من الأسباب العميقة التي تفسر عمق العلاقات المغربية السنغالية، التي عملنا في الباب الأول على محاولة التأصيل لها عبر معطيات ووقائع أحداث تبين متانة العلاقات المغربية السنيغالية قبل استعمار السنيغال وتحديدا قبل سنة 1854 تاريخ حكم الحاكم الفرنسي فيدريب.

الحركية الاجتماعية والهجرات البشرية بين المغرب والسينغال قبل الاستعمار:

شهد المجال الممتد من الجنوب المغربي الى غرب الصحراء الكبرى والسودان الغربي هجرات بشرية هامة، وحركية اجتماعية قبلية ذاتية منذ فترات تاريخية قديمة، لكن وتيرتها ارتفعت منذ بداية العصور الوسطى بعد دخول الإسلام الى شمال افريقيا.

تشكل الهجرة المغربية إلى السنغال ظاهرة قديمة. ويمكننا تحديد عام 1870 كتاريخ لبداية حركة هجرة المغاربة نحو السنغال.  لكن بداية وصول أولى العائلات المغربية الى السنغال واستقرارها بسان لويس يعود الى سنة 1863 مع عائلة بن مسعود، وبعد ذلك ب 7سنوات التحقت بالسنغال عائلات مغربية أخرى أهمها عائلات الديوري. أما عائلات كنون، حمودي، بلحاج، الشاوي، بنجلون، برادة، الصقلي، العراقي، مكوار، بنزاكور، فقد هاجرت من المغرب الى السنغال سنوات قليلة بعد ذلك، لتشكل جالية مغربية مهمة بالسنغال وخصوصا بمدينتي سان لويس ودكار.

وعلى نفس المنوال، يمكن الحديث عن عراقة الهجرات البشرية من السنغال الى المغرب. فقد ضرب أهالي السينغال أمثلة غاية في الروعة في مجال الرحلة في طلب العلم، حيث قام السينغاليون منذ فجر التاريخ بمغامرات مثيرة على الأٍبل وعلى ظهور الخيول والإبل بحيث كان البعض منهم يقطع المسافة الفاصلة بين السينغال ودول شمال افريقيا.

ومعروف كذلك أن رحلات الحج أدت دورا كبيرا في استمرارية التواصل الثقافي بين بلاد المشرق العربي وبلاد السنغال. ومعروف أن رحلات الحج أدت دورا كبيرا في استمرارية التواصل الثقافي بين بلاد المشرق العربي وبلاد السنغال.

العلاقات الاقتصادية والتجارية والروحية الوطيدة بين البلدين قبل الاستعمار:

الامتداد التاريخي للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين:

لا شك في أن الفترة قبل الاستعمارية والوسيطية  كانت العصر الذهبي  للتجارة الصحراوية العابرة  للقارة الافريقية ، لكون المغرب هو المتحكم في هذه المرحلة في العلاقات التجارية بين أوروبا وافريقيا، لكن بتحول  محاور التجارة الأوروبية الافريقية نحو الشرق  ونحو  المحيط الاطلنطي تأثرت سلبا التجارة المغربية نحو السنغال وباقي الدول الافريقية ، وهذا ما فسر الى حد ما توجه السعديين في فترة من الفترات التاريخية الى غزو السودان  لقلب موازين التجارة العابرة للصحراء التي لم تعد في صالح المغرب.

أما بخصوص القرن الثامن عشر، فاذا كان قد تميز باستمرارية التجارة الصحراوية، فقد عرف بدوره تراجعا ملموسا لهذا النشاط على اثر تعرضه لمنافسة التجارة البحرية التي تزايدت أهميتها مع نهاية هذا القرن. فتراجعت اذن التجارة الصحراوية والدور المتوسطي للمغرب مع تراجع دور البحر الأبيض المتوسط في المبادلات الدولية على حساب الشرق والغرب  أي مصر و المحيط الأطلسي، لكن رغم ذلك فالمغرب حافظ على علاقات متميزة مع منطقة السنغال والسودان الغربي عموما.

أما أهم المراكز التجارية التي ربطت المغرب بإفريقيا الغربية لعدة قرون نذكر: سجلماسة ، درعة ، سوس ، تكاوست  تارودانت ، تدسي ، ايليغ ،  تيوت ، افران (الاطلس الصغير)  تامدولت،  توات ، ايليغ ، اكادير ، اكلميم ، موكادور ، مراكش ،  فاس ،  ودان ، شنكيط ، اروان ، تشيت ، تنبكت ، جني ، كاو…

الامتداد التاريخي للعلاقات الدينية والروحية بين البلدين:

اذا كانت التجارة منذ القرن التاسع الميلادي على  الأقل هي  القاطرة التي أسست وقادت  هذه العلاقات  بين ضفتي القارة الافريقية ، فانه عبر التجارة انتقل الإسلام تدريجيا  الى الضفة الجنوبية لإفريقيا ، وتمت اسلمة مجال افريقيا كما يؤكد على ذلك مجموعة من الباحثين  عبر ثلاث مراحل : المرحلة الأولى  بعد توافد  التجار  الذين ينشطون في التجارة الصحراوية ، رغم أن عددا مهما من التجار لم يكونو ا مسلمين ، المرحلة الثانية  هي اسلام الأمراء والملوك  أي ما أسماه بيير بونت بإسلام النخب الافريقية، أما المرحلة الأخيرة  فتميزت بإسلام العموم أي اعتناق الأغلبية من الساكنة الافريقية للدين الإسلامي .

دور الإسلام في العلاقات البينية بين المغرب والسنغال كان محوريا حيث بالإضافة الى دور الطرق التجارية يضاف اليها طرق المواكب الحجية التي ازدهرت مع اعتناق النخب السنغالية للإسلام على غرار أمراء مالي وكاو الذين ربطوا علاقات دينية وطيدة مع الزعامات الدينية في المغرب، كما هو حال علاقات سلاطين امبراطورية مالي مثلا مع البلاط المريني وعلاقات عدد من أمراء كاو والتكرور مع الزعامات الدينية الموجودة في بعض الحواضر البحرية المغربية.

تتجسد العلاقات الدينية بين المغرب والسنغال أكثر في العلاقات الطرقية بين الزوايا في الضفتين منذ القرن 18 م. وتعتبر الطريقة التجانية التي برز نجمها وسطع في افريقيا الغربية بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين من أكبر تجليات العلاقات الدينية بين المغرب والسنغال. ومعلوم أن الطريقة التجانية قام بتأسيسها مولاي أحمد التيجاني بفاس سنة 1792م، لذلك نجد باحثين ومؤرخين كبار أمثال جون لوي تريو يعتبرون أن التيجانية هي الاسمنت التاريخي والايديولوجي الذي جعل العلاقات المغربية السنغالية راسخة متميزة .

وبالتالي على المستوى الديني، يمكن القول أن التأثير المغربي على  بلدان جنوب الصحراء  كان كبيرا ومؤثرا خصوصا على أربع مستويات: المستوى الأول وهو  التأثير الديني المذهبي المغربي  على افريقيا الغربية ومنها السنغال، المستوى الثاني وهو التأثير الروحي  الصوفي حيث ان معظم الطرق و الزوايا التي تنشط في السنغال في منتصف القرن التاسع عشر الى اليوم لها علاقات وطيدة بل “تبعية” للطرق المغربية الأصلية  كالتيجانية او للفروع المغربية للطرق الأخرى كالقادرية، المستوى الثالث وهو التأثير التربوي التعليمي حيث أن مناهج التعليم وأسانيده ومصادره في معظمها مغربية النشأة . أما المستوى الرابع فهو التأثير على الحركات الدينية الإصلاحية السنغالية والتي  تأثر زعماؤها بالمرجعية الدينية و الروحية  المغربية. ويكفي ان نذكر حركة  الشيخ عثمان بن فودي ، التي انتهت بإنشاء امارة إسلامية تقوم على  تطبيق الدين الإسلامي على الطريقة المرابطية، مركزة على  نشر الإسلام المالكي  وقمع البدع و الخرافات.

ثانيا: الاستعمار والعلاقات المغربية السنغالية في الفترة الاستعمارية 1854-1955:

عملنا في هذا البحث على تسليط الضوء على السياسة الاستعمارية بالمغرب والسنغال، وإبراز دور الاستعمار في تقويض العلاقات التاريخية بين البلدين، وبالتالي تفنيد الأطروحة الاستعمارية الاستشراقية التي تفيد بأن تحديث المغرب والسنغال يرجع فيه الفضل الكبير والأساسي والحاسم للاستعمار الفرنسي للبلدين وأن الاستعمار الفرنسي لم يجد في البلدين لا بنيات مؤسساتية قائمة ولا بنيات مجتمعية متماسكة، وكون الاستعمار لا يتحمل المسؤولية في تعطيل العلاقات المغربية السنغالية ومحاولة تقويضها عبر تفتيت البلدين ونشر ثقافة التفريق بين الأفارقة عموما وبين المغرب والسنغال خصوصا.

السياسة الاستعمارية الفرنسية بالمغرب والسنغال، السمات والسياقات التاريخية:

تمكن الاستعمار الفرنسي في المغرب و السنغال في تعطيل مسار العلاقات بين البلدين على كل المستويات  عبر مجموعة من الوسائل و الخطط التي نجحت اقتصاديا وسياسيا لكنها فشلت الى حد كبير  دينيا  حيث  استمرت العلاقات الروحية بين البلدين صامدة مقاومة لكل الظروف السياسية القاهرة التي فرضها الاستعمار .

فمباشرة بعد استعمار المغرب  قام ليوطي سنة 1915 م  بإحداث إدارة كبرى للفلاحة  والتجارة  و الاستعمار تعنى بالأمور  الاقتصادية وباستثمار الأراضي الفلاحية و الاستيلاء على كل مداخيل التجارة عبر تنظيم غرف التجارة و الصناعة والفلاحة و جعلها مسيرة من طرف الجمعيات الأوروبية ، حيث لم تتوان الإقامة العامة لحظة في استغلال كل ما يمكن أن يفيد خدمة الاستعمار الفرنسي بالمغرب،

كما أن الاقتصاد المغربي استنزف بفعل اقحام المغرب ضمن تكاليف الحرب العالمية الأولى حيث عمد المقيم العام ليوطي الى تزويد بلاده بكل ما تحتاجه انطلاقا من المغرب.  وقد استفادت فرنسا من اخضاع المغرب لحالة الطوارئ التي منع بموجبها اليوطي صلاحية تصدير أي منتوج فلاحي نحو الخارج عدا فرنسا.

وبالتالي جعلت الإقامة العامة الفرنسية المغرب طيلة الحرب العالمية الأولى خزانا طبيعيا لتغطية كل حاجيات وطنها الأم، وبذلك افقرت الاقتصاد المغربي وجعلته فريسة للاستيراد و عطلت كل مقومات  أية نهضة اقتصادية مغربية  مستقلة طيلة استعمار المغرب.

وعمل المستعمر على الاعتماد على تعاون الأعيان المحليين مع تفكيك قوة البنية القبلية تدريجيا ، حيث عملت فرنسا على تشكيل نخب محلية من الأعيان الذين تربطهم بها مصالح وأوكلت لهم مهمة  اخضاع العالم القروي و تغاضت عن تجاوزاتهم و طبعت مع فسادهم و تجبرهم على الساكنة المحلية القروية، فيما تكلف الضباط السامون  بتسيير شؤون ” المغرب النافع”  بالإدارة المباشرة ،

وبخصوص السنغال، وقبل استعمارها من المستعمر الفرنسي، وصف كتاب الكولونيل FREY HENRI  السنغال بانها مقبرة للأوروبيين  إشارة لسوء مناخها و صعوبة العيش فيه، وكان الهدف من هذا التوصيف في الأغلب الأعم هو محاولة صرف الاهتمام عن ثروات و مؤهلات السنغال و ضمان الاحتكار الفرنسي لها. لذلك اعتبر بعض البحاثة ان مناخ السنغال رغم قساوته الا أن البلاد تزخر بمؤهلات اقتصادية إنتاجية مهمة دفعت فرنسا لتوقيع اتفاقيات مع دول أخرى منافسة لها من أجل اتاحة الفرصة لها للاستئثار بثروات الأرخبيل السنغالي .

كما عمل المستعمر الفرنسي على استغلال الموارد الاقتصادية والمعدنية بالاستعانة بالقمع واخضاع الممالك الأصلية وفرض ضرائب قاسية. فبحثًا عن المواد الخام والأسواق، مدفوعة بالمنافسات الدولية، أطلقت الإمبراطورية الثانية الفرنسية غزو المناطق الداخلية في سنيجامبياو، واحتل الحاكم فيدريب (1854-1864) ساحل السنغال في السلوم وأسس دكار سنة 1857 م، وأنشأ مواقع عسكرية في كازامانس وهزم  التكولوري  الحاج عمر عام 1857 و أخضع وادي السنغال وثرواته لمعاهدات الحماية. وتشكل تجارة الفول السوداني المركز الرئيسي في اقتصاد السنغال، الذي تهيمن عليه الشركات الفرنسية الكبرى.

الاستعمار الفرنسي وتقويض العلاقات بين المغرب والسينغال:

اقتصاديا  أدى الاستعمار الفرنسي الى تقويض العلاقات بين البلدين عبر اغراقهما في الديون  و تغلغله في البادية وتغيير معالمها الاقتصادية وضرب مقومات الانسجام  القبلي  و فرض  تجارة خارجية مبنية على خدمة اهداف الاستعمار و متطلبات اقتصاده و فرض عدد كبير من القيادات المحلية الخاضعة له التي ساهمت في توطيد دعائم الاستعمار ، كما فرض الاستعمار  اتفاقيات تجارية و اقتصادية غير متكافئة على البلدين ، كما  ساهم الاستعمار الفرنسي في تشجيع وتوجيه عدد من الاضطرابات الداخلية والانقسامات الطائفية و الاثنية ، كما سارع الى وأد أي مقاومة شعبية  باستعمال القمع المباشر او عن طريق  بعض الاعيان و بعض العلماء  وبعض الفقهاء و بعض زعماء القبائل الذين ساندوا الاستعمار مقابل الاستفادة من بعض الامتيازات ، لكن يبقى العامل الرئيسي الذي أدى الى تقويض العلاقات الثنائية بين البلدين  هو اجهاض قيادة الدولتين المستقلتين  في البلدين و فرض التخلف  العلمي  والصناعي والفلاحي  و ربط اقتصاديات البلدين كليا بالمتربول الأجنبي ، كما ان الاستعمار  ورث  مشاكل  حدودية مصطنعة لكل من السنغال والمغرب من اجل تأبيد استغلاله والتحكم في مصير هذين البلدين  ، كما ان الاستعمار افرز اقتصاديات ضعيفة لدى البلدين  تعتمد كليا  على تصدير  سلع محددة  مثل القطن و العلك والفول السوداني  بدلا من التنوع الذي يتطلبه التطور الاقتصادي للبلدين ، كما ان الاستعمار الفرنسي حرم الأسواق المحلية في البلدين من  الاكتفاء الذاتي الذي كانت تتمتع به  قبل الاستعمار اذ   اصبح البلدان بعد الاستقلال اكثر تأثرا بالسوق الدولية و تقلبات أسعار المواد الأولية في العالم  ، لكن الأخطر من كل هذا وذاك هو انتاج  الاستعمار لنخب موالية له في البلدين سمح لها باستغلال مقدرات البلاد و نهب ثرواتها   وما ترتب عن ذلك من استنزاف للموارد المادية والبشرية  واورث البلدين فقرا مدقعا و مشاكل اجتماعية  عويصة وكبيرة جدا .

ثالثا: بناء الدولة الوطنية في المغرب والسنغال واستئناف العلاقات بين البلدين (1956-2016):

إن العلاقات المغربية الإفريقية للمغرب لتضرب جذورها في أعماق التاريخ الوسيط والحديث، إذ كان المغرب، بفضل ما يتميز به من مؤهلات سياسية، ويبثه من إشعاعات ثقافية، ويمارسه من أنشطة تجارية، شكلت رابطاً حضارياً بين ضفة المتوسط وجنوب الصحراء. وقد أعاد المغفور له الملك محمد الخامس، هذه السياسة، على خلفية مشروع التحرير والوحدة الإفريقية (1956-1961)، وكرسها خلفه الملك الراحل الحسن الثاني، في سياق العمل على مأسسة تضامن وتعاون إفريقيا المحررة في مرحلة أولى (1961-1984)، ثم في اتجاه تعزيز العلاقات الثنائية الإفريقية بعد انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية، في مرحلة ثانية (1984-2000).

وساهم الملك محمد السادس في تعزيز العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف بين المغرب والدول الافريقية في الفترة ما بين 2000 و 2016، في شتى المجالات خصوصا فيما يتعلق بالعلاقات بين المغرب ودولة السينغال.

وطيلة الفترة ما بين 1961 و 2016، شهدت العلاقات المغربية السينغالية على المستوى السياسي والديبلوماسي، وعلى المستوى العلمي والأكاديمي والثقافي، وعلى المستوى الاقتصادي والتجاري، وكذا على المستوى الديني والروحي…دينامية مهمة وتطورا ملحوظا. وقد ناقشنا في الباب الثالث من هذا البحث مسار بناء الدولة الوطنية في المغرب والسينغال واستئناف العلاقات بين البلدين، ثم تسليط الضوء على شتى أنواع العلاقات بين البلدين في الفترة ما بين 1955 و 2016.

مسار بناء الدولة الوطنية في المغرب والسينغال :

رغم الصعوبات التي ينطوي عليها بناء الوحدة الوطنية، عرف المغرب منذ بدايات الاستقلال عملية تحديث قيصرية وسريعة فرضتها متطلبات التحولات السياسية والاقتصادية و الثقافية التي فرضها السياق الوطني والدولي الذي وجد المغرب نفسه فيه، وكانت أولى اوراش بناء الدولة المستقلة هي تحديث مؤسسات الدولة عبر عملية تحديث إداري شاقة، احتلت فيها معايير اللامركزية واللاتمركز والجهوية مكانا رئيسيا، وكذا الانخراط في أوراش بناء دولة الحق والقانون.

كانت السياسة التي اتبعتها الدول الاستعمارية في افريقيا في هذه الفترة  تقوم على أساس الضغط المستمر والمتواصل على أبناء القارة السمراء، اذ حرصت تلك الدول على وأد أي حركة وطنية تعارض سياستها في المستعمرات، والحد من الحريات، وزج زعماء الحركة الوطنية في السجون و نفيهم خارج البلاد لكي يكونوا عبرة لغيرهم، وهناك نماذج كثيرة على ذلك منها على سبيل المثال: في سنة 1949 اعتقلت السلطات البريطانية في غانا الزعيم الغاني نكروما وألقت به في السجن على اثر الاضطرابات التي حدثت في البلاد. واستكثرت الدول الاستعمارية على الشعوب الافريقية التطلع الى حقوقها السياسية ومباشرة هذه الحقوق، ومن ثم نظر المستعمر الى تلك الشعوب كما ينظر الى أدوات رفاهيته، لا كما ينبغي أن ينظر اليها كقوى بشرية تبحث عن كيانها الإنساني وتسعى لتحقيق هذا الكيان.

وتعرضت هذه السياسات الاستعمارية للتنديد الخارجي من مجموعة من الأطراف الفاعلة في الدول المستعمرة، فعلى سبيل المثال، كان جزء هام من الصحافة الفرنسية يهاجم بشدة السياسة الاستعمارية المتبعة في المغرب ويساند مطالب الحركة الوطنية.

وقد كانت هذه السياسات السبب في إذكاء الوعي القومي الافريقي وبلورته، ويعد النضال ضد الاستعمار أحد القوى الأساسية التي دفعت الانطلاقة الافريقية الى الأمام.

فقد بادر المغرب غداة حصول المغرب على استقلاله، سنة 1956، إلى تفعيل البعد الإفريقي في مشروعه التحرري، وذلك في مرحلة حاسمة في مسيرة إفريقيا التحررية. وفي سياق توجهه التحرري على الصعيد الإفريقي، كان الملك محمد الخامس يستحضر الرصيد التاريخي، الثقافي والتجاري والسياسي، لعلاقات المغرب مع العديد من “الممالك الإفريقية”، قبل أن تهب العاصفة الاستعمارية على إفريقيا جنوب-الصحراء، منذ القرن الثامن عشر على الخصوص؛ كما كان يستحضر الأفق الواعد لإفريقيا المحررة.

وقد دعا محمد الخامس إلى عقد أول مؤتمر إفريقي، تحضره الدول الإفريقية المستقلة، ذات التوجه التحرري، وذلك من أجل تحديد سياسة إفريقية مشتركة حول القضايا المطروحة على الساحة الإفريقية والدولية.

وقد عمل رحمه الله على استضافة هذا المؤتمر بالدار البيضاء، في مستهل يناير 1961، وهو المؤتمر الذي انصبت أشغاله على تعبئة الجهود التحررية بإفريقيا لإنهاء الحالة الاستعمارية بالقارة من جانب، وتحقيق الوحدة الإفريقية من جانب آخر. وحضره مجموعة من رؤساء الدول الافريقية.

وسيراً على نهج والده في الدفاع عن القضايا التحررية في إفريقيا، وتوفير وسائل الدعم لكفاحها، واصل الملك الحسن الثاني نضال المملكة المغربية في سبيل تحرير إفريقيا وتحقيق وحده شعوبها.

ومنذ عام 1964، استخدمت المملكة ديناميكية حقيقية لتكثيف علاقاتها مع جيرانها في جنوب الصحراء الكبرى. وقد تميزت السنوات التي تلت ذلك بإبرام اتفاقيات من مختلف الأنواع، لا سيما مع داكار حيث أقام الحسن الثاني في مارس 1964. وقد تمكن المغرب بالفعل من جعل السنغال نقطة ارتكاز لمشروعها في الانفتاح الدبلوماسي.

ولئن تسببت تـــــــداعيـــات النزاع المفتعــل حول الصحــــــراء المغربيـــة في إحـــــداث شـــرخ عميـــــق في التماسـك العضــــوي لـِ “منظمة الوحدة الإفريقية”، وحدَت بالمملكة المغربية، العضو المؤسس للمنظمة، إلى الانسحاب من عضويتها في 12 نونبر سنة 1984، احتجاجاً على الانتهاك السافر لميثاقها – فقد ظل المغرب شديد التشبث بهويته الإفريقية، دائم الالتزام بمبادئ الحركات التحررية الإفريقية، وهي مبادئ الاستقلال الوطني، والوحدة الترابية، وعدم التبعية، والوحدة الإفريقية…

ومنذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش جعل من التعاون جنوب – جنوب خيارا استراتيجيا وأولوية بالنسبة للمملكة وشركائها في إفريقيا وفق رؤية براغماتية تركز على تطوير العلاقات التي تربط المغرب مع البلدان الإفريقية على المستوى السوسيو اقتصادي والدبلوماسي والأمني والعسكري والثقافي والديني والرياضي والإنساني ، خصوصا ما يتعلق بالعلاقات بين المغرب والسينغال.

وفي هذا الإطار قام الملك بزيارات رسمية لأزيد من 30 بلدا إفريقيا من أجل تعزيز الانتماء الإفريقي للمملكة والارتقاء بعلاقات التعاون مع البلدان الإفريقية إلى شراكة استراتيجية فاعلة وتضامنية.

وأتاحت هذه الزيارات تفعيل مشاريع استراتيجية كبرى ولاسيما مشروع خط أنبوب الغاز إفريقيا – الأطلسي والذي سيمكن من ايصال الغاز من البلدان المنتجة إلى أوروبا ، وتوقيع أزيد من 1000 اتفاقية مع بلدان إفريقية في مختلف المجالات ومضاعفة الشراكات رابح – رابح خدمة للساكنة الإفريقية.

وبخصوص السنغال، فمنذ الاستقلال في عام 1960، شهدت السنغال تغييرات عميقة في العديد من المجالات. شملت إصلاحات جوهرية في الاقتصاد، في الإدارة، في التعليم، في الصحة، في السياسة، الخ. ويبقى المجال السياسي المجال الذي عرف تغييرات كبيرة، أهمها التطورات التاريخية في مجال الإصلاح الإداري خصوصا ما يتعلق بتطور اللامركزية بالسنغال، واصلاحات دستورية وسياسية.

العلاقات البينية بين المغرب والسنغال 1955-2016 :

تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب والسنغال:

على المستوى الاقتصادي، عرفت العلاقات بين البلدين تطورا مهما، فيعتبر المغرب اليوم ثاني مستثمر إفريقي في القارة بعد جنوب إفريقيا. لقد بدأت علاقات المغرب الاقتصادية مع أفريقيا بالفعل قبل الاستقلال (مع النضال التضامني، في عهد الملك محمد الخامس، إلى جانب أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ضد الاستعمار) ولكنها تبلورت في أعقاب الاستقلال ،  ففي عام 1961، تحت رعاية محمد الخامس، عُقد مؤتمر في الدار البيضاء (مع القادة الأفارقة التقدميين مثل سيكو توري) وكان هدفه بناء أفريقيا قوية في مواجهة الإمبريالية الغربية و سيشهد عام 1963 إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية  فتم تعزيز هذه العلاقة بين المغرب وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من قبل الملوك المتعاقبين، واحتفظ الملك الحسن الثاني بنفس الالتزام الأفريقي، معتبراً أن أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هي أصل الشجرة المغربية، حتى عندما غادرت المغرب منظمة الوحدة الأفريقية في أوائل الثمانينيات ، بعد تولي الملك محمد السادس العرش عام 1999، سيتم إعطاء محتوى اقتصادي وتجاري أكثر للعلاقات بين المملكة وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وتحقيقا لهذه الغاية، نظم الملك جولات  شملت عدة بلدان إفريقية، غرب ووسط القارة، مرفوقا بوفود وزارية كبيرة ورجال أعمال مدراء كبريات الشركات ، تم خلالها التوصل إلى اتفاقيات هامة موقعة بين المغرب ودول إفريقية، تغطي مجالات مختلفة تهم  الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،  ، وفي إطار التعاون الثنائي، اتخذ المغرب إجراءات لتطوير تجارته واستثماراته في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بصفة عامة، وبشكل خاص مع السنغال.

وقد أبرم المغرب، بين عامي 2000 و2014، حوالي خمسين اتفاقية مع السنغال، بما في ذلك تلك المتعلقة بالاستثمار، مثل اتفاقية الازدواج الضريبي.

ومع ذلك هذا لا يمنع من التأكيد على أن إمكانات المغرب التجارية والاستثمارية المباشرة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ومع السنغال خصوصا لا تزال بعيدة عن الاستغلال الأمثل. ويمكن معالجة الامر اذا قرر المغرب اتخاذ العديد من الإجراءات والقيام بعديد من الخيارات الإنتاجية التي تعمق توجهه الافريقي الاستراتيجي لتعزيز علاقاته الاقتصادية مع بقية القارة الأفريقية، واتخذ مبادرات جديدة لتعزيز التبادلات المتبادلة عبر مجموعة من المداخل أهمها :

– تسريع التوقيع على اتفاقيات تجارية وشراكة متقدمة مع بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى  (ولا سيما مع الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والبلدان الأعضاء في الجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا)؛

– مواصلة سياسة تسهيل الاستثمارات والتجارة البينية و انشاء منطقة للتبادل الحر دول افريقيا الغربية بدءا بالسنغال.

تميز العلاقات السياسية والديبلوماسية بين المغرب والسنغال بعد الاستقلال:

منذ تولي الملك محمد السادس العرش، قام بزيارات دبلوماسية مكثفة إلى السنغال، وهو ما يعكس اهتمامه البالغ بتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. بلغ عدد زياراته إلى السنغال ثماني زيارات، مما يظهر التركيز الكبير الذي يوليه جلالته لتعزيز الروابط بين الشعبين وتعزيز التفاهم والتضامن بينهما.

في زيارته الأخيرة للسنغال في نوفمبر 2016، قام الملك محمد السادس بإلقاء خطاب مؤثر أمام الأمة بمناسبة الذكرى الحادية والأربعين للمسيرة الخضراء، حيث أكد على الوحدة بين الشعبين المغربي والسنغالي وأعماق العلاقات التاريخية بينهما.

على الصعيد السياسي، شهدت العلاقات الثنائية زيارات متبادلة لكبار المسؤولين والوفود في البلدين، مما ساهم في تعزيز التعاون في مختلف القطاعات والمجالات.

توظيف الإرث الروحي المغربي في تعزير الحضور المغربي في إفريقيا والسنغال:

رغم التراجع الذي عرفته العلاقات السياسية بين المغرب والعديد من الدول الإفريقية في العقود الأخيرة بسبب عوامل سياسية كثيرة من أبرزها قضية الصحراء التي لعبت دورا كبيرا في تعثر العلاقات بين المغرب والعديد من الدول الإفريقية، بعد أن تم الاعتراف بجبهة البوليساريو من طرف منظمة الوحدة الافريقية سابقا، استمر ولاء الطرق والزوايا الصوفية لبلدان افريقيا جنوب الصحراء للمرجعية المغربية على المستوى الروحي والديني وخصوصا ما يتعلق بالمذهب السني المالكي الذي يتبناه المغرب  والمتسم بالاعتدال والوسطية، إضافة الى التقدير الديني الكبير الذي يحظى به ملك المغرب كأمير للمؤمنين.

وفي ظل هذا النفوذ الروحي المهم الذي يتوفر عليه المغرب في إفريقيا بفضل الدور الفعال الذي قام به التجار المغاربة في نشر الإسلام والتصوف في إفريقيا، إضافة إلى التجذر التاريخي للطرق الصوفية وامتدادها في دول غرب إفريقيا، تشكل اليوم العلاقات الروحية متمثلة في التصوف السني العملي المعتدل، إضافة إلى إمارة المؤمنين والمذهب المالكي المغربي في إفريقيا الغربية عمقا استراتيجيا لا غنى عنه من أجل تعاون إقليمي بناء قادر على ضمان الاستقرار والأمن وإشاعة قيم التعايش السلمي، والمحافظة على الوسطية والاعتدال الديني في مواجهة دعوات التشدد والتطرف والانحراف الفكري والعقدي.

كما أن هذا العمق التاريخي للعلاقات الروحية والحضارية بين المغرب وإفريقيا يفتح مجالات جديدة للتعاون الشامل على طول الساحل الأطلسي لإفريقيا الغربية، حيث تتشكل الجغرافيا الروحية المغربية الإفريقية، وقد أدركت الدبلوماسية المغربية أهمية هذا النفوذ الديني والروحي في علاقاتها مع لعديد من الدول الإفريقية، وهو ما دفعها في السنوات الأخيرة إلى الاهتمام بنوع جديد من الدبلوماسية وهي “الدبلوماسية  الروحية”.

وقد تجلت هذه الدبلوماسية الروحية التي انتهجها المغرب في علاقاته الإفريقية بشكل واضح في العمل على استثمار الروابط الدينية والزخم الروحي والوجداني لمؤسسة إمارة المؤمنين ، والاستفادة من مركزيتها في توجيه مسار السياسة الخارجية المغربية في صيغتها الافريقية وتقوية فاعليتها ودورها في الحفاظ على الخصوصية الدينية التي تميز المغرب، من خلال التوظيف المكثف لرمزيتها الدينية والروحية في توثيق العلاقات المغربية بدول الساحل وإفريقيا الغربية التي تأثرت بالموروث الديني والروحي المغربي، والتي ينتسب أغلبهم إلى الطرق الصوفية، كجزء من استراتيجية مغربية يراهن عليها لاستعادة دوره الجيوسياسي داخل الفضاء الإفريقي.

وفي هذا الإطار عمد المغرب إلى توطيد علاقاته ببعض حكومات غرب إفريقيا، كالسينغال تحديدا، وبعض دول الساحل جنوب الصحراء، كمالي والنيجر، عبر احتضان أتباع الطريقة التيجانية ، وتجلى هذا الاحتضان في تنظيم مؤتمرات عالمية لأتباع  الطريقة التيجانية كان أولها في مدينة فاس سنة 1987 وتقديم الدعم بكل أنواعه إلى الزوايا التابعة لهذه الطريقة في دول غرب إفريقيا، إضافة إلى استدعاء شيوخ هذه الطريقة من السينغال للمشاركة في إلقاء  الدروس الحسنية التي يحتضنها القصر الملكي في شهر رمضان من كل سنة.

كما تأكد في الآونة الأخيرة هذا الإشعاع الروحي للمغرب من خلال إنشاء معهد محمد السادس لتكوين الأئمة بالرباط، إضافة إلى المبادرات المغربية المتمثلة في بناء وترميم عدد من المساجد والمدارس القرآنية، وطبع وتوزيع آلاف النسخ من المصاحف على المؤسسات الدينية الإفريقية.

العلاقات الدينية والروحية بين المغرب والسنغال بعد الاستقلال:

ساهم المغرب في ترسيخ مجموعة من الثوابت الدينية المشتركة بأغلب بلدان القارة الأفريقية، وهي المبادئ التي أصبحت أنموذجا في التعايش السلمي بين أفراد المجتمع الواحد، وساهمت في غرس مبدأ الوسطية والاعتدال، ومد جسور التعاون بين البلدان الأفريقية، ومكنت من زرع بذور التسامح، والحوار بين شعوب هذه المجتمعات.

ولدت هذه الثوابت الدينية المشتركة من رحم العلاقات البينية بين الدول الافريقية وخصوصا بين المغرب والسينغال ، وأهم هذه الثوابت الأشعرية عقيدة، والمالكية مذهبا، والتصوف سلوكا روحيا.

يقيم المغرب علاقات متميزة مع الطرق والزوايا بالسنغال وعلى رأسها التيجانية والمريدية، إذ يستقبل أفواجا كبيرة من الطريقتين في كل عام، كما يبعث بممثلين عنه في كل تجمع لإحدى الطائفتين، مصحوبين بتبرعات مالية وعينية كبيرة. وإلى جانب ذلك يعتبر علماء التيجانية والمريدية من ضيوف الملك محمد السادس الدائمين في رمضان من كل عام.

ويعول المغرب كثيرا على علاقاته التاريخية الطويلة مع الطرق والزوايا الدينية الإسلامية ذات الامتدادات بأفريقيا، خاصة الغربية منها. وفي كل أزمة كانت تنشب وتحتد بينه وبين أحد بلدان أفريقيا الغربية كان المغرب يحرك دبلوماسية العمل الديني لتجاوز الخلافات السياسية أو الاقتصادية.

وهكذا تبقى العلاقات الروحية بين المغرب والطرق الصوفية بأفريقيا الغربية والسنغال رافدا قويا في علاقات المغرب بدول المنطقة من شأنه أن يعزز تلك العلاقات ويحميها من تقلبات السياسة والمصالح الاقتصادية.

لا يتوجه المغرب إلى إفريقيا بشركاته واستثماراته المختلفة فقط، بل يقصد أعماق القارة كذلك حاملا إليها نموذجا من التدين الإسلامي القائم على الوسطية والاعتدال، المشجع لحوار الأديان، والهادف أيضا إلى نبذ التطرف والإكراه، الأمر الذي بات عبارة عن “ديبلوماسية مغربية روحية”.

ولعل مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة المحدثة سنة 2015 من الهيئات التي تشتغل على تطبيق مضامين هذه الديبلوماسية، مما بدا أنه ساهم في الترويج للنموذج المغربي المتميز ديبلوماسيا ودينيا على مستوى القارة الافريقية.

التعاون الثقافي والأكاديمي بين المغرب والسنغال بعد الاستقلال:

يشكل التعاون الثقافي والأكاديمي والعلمي من اهتمامات المغرب في علاقاته الأولى مع السينغال، فقد سعى إلى الحفاظ على وضعية مركز إشعاع ثقافي بالنسبة للمسلمين في افريقيا، وتميزت سياسته في هذا الإطار باستقبال الرعايا السينغاليين بالمؤسسات التعليمية مع تمتيعهم بأكبر عدد ممكن من المنح، وبإبرام عدة اتفاقيات شملت كل الميادين المجالات الثقافية، قدم في إطارها مساعدات متنوعة غلب عليها الطابع الديني في كثير من الأحيان.

وقد تزايد عدد طلبة السينغال الذين درسوا وتكونوا بالمغرب  منذ بداية السبعينات في كل التخصصات، وذلك نظرا لتطور المؤسسات الجامعية المغربية مقارنة مع مؤسسات دول منطقة غرب افريقيا.

وبالتالي كانت السينغال من أولى المستفيدين بمقتضى الإتفاق الثقافي الموقع سنة 1963، حيث التزم المغرب بموجبه باستقبال شباب هذا البلد في المؤسسات التعليمية الوطنية وتلبية حاجياته من حيث الأساتذة والمؤطرين البيداغوجيين لتقديم خدمات ومساعدات خاصة.

ولفهم العناصر الأساسية التي ساهمت في توطيد العلاقات المغربية الافريقية عموما والسنغالية خصوصا لابد من تبيان الأدوار التي قامت بها العديد من الشخصيات التي ساهمت في ترسيخ أواصر التعاون الروحي والعلمي و الفكري بين البلدين ومنهم الشيخ تال عمر الفوتي و الفقيه المغربي احمد سكيرج وصاحب الرحلة الحجازية  المشهورة الهشتوكي.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading