تقرير جحا

رأي المحرر - الحسين أبليح

من نوادر جحا، أن طلب منه تعليم حمار الوالي، فقال يلزمني 100سنة لتعليم الحمار، وهي مدة كافية إما أن يموت الحمار أو الوالي أو جحا نفسه.

كل أعضاء لجنة النموذج التنموي الجديد، يعترفون بأن تقرير تحرير الطاقات وبناء الثقة لتسريع المسيرة نحو التقدم والازدهار من أجل الجميع، هو “إنتاج جماعي”، لأعضاء مختلفين في المشارب والرؤى، والمواصفات.

الأمر يتعلق إذن بوثيقة توافقية فيما بين الأعضاء، ولكأن التوافق هاهنا نقطة قوة، بيد أنه إحدى نقاط ضعف التقرير الكبرى، عن وعي بنموسى أو عن غير وعي منه.

التوافق مصطلح هلامي وعام، مطاط وخادع، لكونه يقيس المتوسط، ويتساوق حتى مع من لا رأي له في اللجنة.

أليس التوافق تأجيلا للحل. ألا يمكن التساؤل – بهذا المعنى – عن معضلة التوافق المصاحب لإنتاج التقرير الذائع الصيت؟

بعد كل اللغط الذي حف عمل لجنة بنموسى، سيتبين إذن أن هاجسها كان هو البحث عن التوافقات، عوض البحث عن الحلول.

هل يمكن للمرء أن يساوم أو يلتزم وهو معتكف في محراب التوافق، أليس التوافق طاقية لإخفاء المتناقضات ولا يبرز إلا ما تم الاتفاق عليه.

هَبْ أن فكرة ثاقبة ما، ذات وزن وشأن، عنت لأحد أعضاء أو إحدى عضوات اللجنة، هل بمكنتها الصمود إلا إذا مرت من غربال التوافق الذي قد يلفظها بنفس درجة قبولها.

التوافق يحيل على التواطؤ، ينمط، ويقتل التدافع، لأن المجتمع الحي وفقط، هو الذي تتدافع فيه الأفكار حدَّ الكاتاكليزم.

التوافق ليس دائما في مصلحة الاختيارات الكبرى التي تقتضى الحسم مع كل ما من شأنه إعاقة التنفيذ. أضرب مثلا بالميثاق الوطني للتربية والتكوين، وبحجة محمد عابد الجابري في نقد مسألة الميثاق عينه.

من نوادر جحا، أن طلب منه تعليم حمار الوالي، فقال يلزمني 100سنة لتعليم الحمار، وهي مدة كافية إما أن يموت الحمار أو الوالي أو جحا نفسه.

هل يعيد بنموسى لعبة جحا وهو يجاهد من أجل إيجاد حلول لتحرير الطاقات وبناء الثقة لتسريع المسيرة نحو التقدم والازدهار من أجل الجميع.. حلول أصبحنا على وشك الكفر بها أمام تقرير ناهض على نموذج تنموي فاشل بدون وصل معه ولا فصل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد