تقرير : المقهى الثقافي أمازيغ كبريس يحتضن قراءة نقدية في إصدارين جديدين

الكتاب 1 : قضايا الأمازيغية بعد الدسترة – للصحفي باكريم
الكتاب 2 : على أعتاب الثمانين – للأستاذ جامع بندير
متابعة : سعيد الهياق

احتضن المقهى الثقافي أمازيغ كبريس بمدينة أكادير مساء يوم الإثنين 27 دجنبر 2021 ندوة فكرية من تنظيم المديرية الجهوية للشباب والثقافة والتواصل ” قطاع الثقافة بتعاون مع مجلة نبض المجتمع والمقهى الثقافي أمازيغ كبريس.

وتوشحت الندوة الفكرية التي أشرف على إدارتها الأستاذ إبراهيم أمجاد؛ بقراءات نقدية: الأولى للدكتور محمد همام لكتاب ” قضايا الأمازيغية بعد الدسترة ” للكاتب والصحفي الحسن باكريم؛ والثانية للأستاذ عبد الله كيكر لكتاب” على أعتاب الثمانين- سيرة ذاتية ” للأستاذ الأستاذ جامع بندير. وشهدت الندوة الفكرية حضور عدد من الشخصيات الثقافية من مختلف المشارب الأدبية مع حضور وازن لعدة منابر إعلامية لتغطية الحدث الثقافي النوعي على صعيد جهة سوس ماسة.

وفي مستهل تقديمه للندوة الفكرية رحب الأستاذ إبراهيم أمجاد بالحضور على تلبية ” نداء الثقافة تجمعنا ” في مواجهة الفراغ العصيب الذي خلفه انتشار وباء كورونا. كما تقدم بالشكر للمديرية الجهوية” قطاع الثقافة” لدعم اللقاء كما شكر المقهى كبريس على احتضانها هذا العرس الثقافي. و في نفس السياق أثنى على الفاعل الثقافي حسن بن عمر صاحب المقهى المذكور، والذي جعل فضاء المقهى الثقافي قبلة لرواد الثقافة والفن من أجل المساهمة في ثورة ثقافية ناضجة ومد جسور التواصل الثقافي والاجتماعي بين المثقفين والفنانين.

وفي مستهل قراءته النقدية لكتاب” قضايا الأمازيغية بعد الدسترة” للكاتب والصحفي الحسن باكريم، قدم الناقد الدكتور محمد همام بطاقة تعريفية موجزة عن المؤلف الإعلامي الحسن باكريم الصحفي المتمرس الذي خبر تضاريس قضايا الأمازيغية منذ مدة، وأيضاً نوه بمساره الأكاديمي في مجال تحصيل شهادة الدكتوراه. وعرج الناقد الدكتور محمد همام بإبجاز عن الدوافع الموضوعية لإنتاج كتاب ” قضايا الأمازيغية بعد الدسترة” مع وضع الكتاب في السياق التاريخي بالتزامن مع التحولات السياسية والثقافية التي عاصرها مؤلف الكتاب.

كما عرج بسرعة على تقديم الدكتور والمفكر حسن أوريد للكتاب مع الإشارة إلى بعض الملاحظات التي تضمنها تقديم الكتاب. والذي يتضمن 60 حواراً مع 60 شخصية من داخل وخارج المغرب في الفترة التاريخية ما بين 2013-2020. والكتاب من الحجم الكبير من 456 صفحة، وصدر عن منشورات مجلة نبض المجتمع 2021.

وفي قراءته لتلك الحوارات، الذي وضعها المؤلف حسب التصنيف الأبجدي لأسماء الشخصيات المتحاور معها؛ أشار الناقد الدكتور محمد همام أنها مقاربات متباينة ومختلفة في قراءتها للقضية الأمازيغية قبل وبعد دستور 2011؛ حسب نزعتها الأيديولوجية وموقفها من إشكالية القضية الأمازيغية بالمغرب بالمقارنة مع وضع الأمازيغية بدول شمال افريقيا. وانتقد الناقد الدكتور محمد همام المُؤَلٍّف من الناحية المهنية لموضوع الحوارات المنشورة بين دفتي الكتاب، والتي لم تتضمن آراء ومواقف الطرف الآخر المتمثل في الحكومة أنداك التي تتمثل في حزب العدالة والتنمية.

وقدم كذلك عدة ملاحظات متعلقة بمنهجية نقل م الحوار من الصحيفة إلى الكتاب، وكذا أهمية الفرق بين الكتابة الصحفية ونظيرتها الأكاديمية، كما نبه الكاتب الى عدد من الأخطاء اللغوية الواردة في الكتاب. كما أكد الناقد همام على أهمية توثيق الصحافيين لكتاباتهم الإعلامية في كتب تكون مصدرا ومجالا للشباب في مجال الإعلام والصحافة قصد الاستفادة من التجربة الرائدة لمن سبقهم في مهنة الصحافة كالتي أقدم عليها الباحث الأكاديمي الصحفي الحسن باكريم. وبالمقابل نوه بالمجهودات الجبارة التي قام بها الصحفي التي اعتبرها طفرة نوعية وإيجابية بالمغرب مقارنة مع باقي التجارب بالمشرق العربي.

وبدوره تقدم الصحفي الحسن باكريم مؤلف كتاب ” قضايا الأمازيغية بعد الدسترة” الشكر والتقدير للمديرية الجهوية ” قطاع الثقافة” على دعم العرس الثقافي مع تقديم باقات الشكر لكل من الفاعل الثقافي حسن بن عمر محتضن الندوة وللحضور الذي تحمل مشاق الحضور رغم الوضعية الوبائية العصيبة. وفي نفس الوقت نوه بالمجهودات الفائقة الذي بدلها الناقد الدكتور محمد همام في قراءته النقدية الأكاديمية للكتاب في ظرف زمني قياسي. وتقاسم معه جل الملاحظات الواردة في قراءة النقدية الأكاديمية والتي تنم عن عمق الملكات النقدية التي تميز الناقد الدكتور محمد همام، لكنه بالمقابل أكد أنه حاول اشراك عدد من الشخصيات المهتمة بالموضوع من مشارب مختلفة. لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل لظروف مختلفة. كما أشار أن مهنته الصحافية بالإضافة إلى أخلاقيات الصحافة تحتم عليه وضع الحوارات المنشورات مع كامل الحياد الموضوعي والمهني.

وبعد ذلك أعطى الأستاذ إبراهيم أمجاد مسير الندوة الكلمة للأستاذ عبد الله كيكر من أجل قراءة نقدية لكتاب ” على أعتاب الثمانين- سيرة ذاتية” لمؤلفه الأستاذ جامع بندير. والذي تعذر عليه الحضور لأسباب خاصة. والكتاب من الحجم المتوسط من 151 صفحة عن منشورات مركز أگلو للبحث والتوثيق رقم 24.

وقد تمكن إلى حد أقصى الأستاذ عبد الله كيكر من سبر أغوار أعماق السيرة الذاتية للمؤلف جامع بندير بحكم الصداقة التي جمعت بينهما لأزيد من أربعة عقود ونيف. وتطرق بكل دقة إلى المراحل العمرية للكاتب والتي خيم عليها الحزن الشديد بكل تضاريسها القاسية بحكم الأوضاع الاجتماعية السوداوية أنداك عبر مراحل التعليم الأولي بمسقط رأسه بجماعة أگلو سنة 1942 حيث حفظ القرآن ثم التحق بالمعهد الإسلامي بتارودانت ومنه انتقل إلى جامعة القرويين بفاس حيث حصل على الباكالوريا ثم التحق بكلية الآداب بالرباط ليحصل منها على شهادة الإجازة في الفلسفة. وبعد ذلك اشتغل أستاذاً لمادتها ثم مفتشاً لها إلى أن أحيل على التقاعد. فراوده الحنين إلى بلدته جماعة أكلو مسقط رأسه لتبدأ رحلة سيزيف من جديد بكل أوجاعها ومعانتها العصيبة. والتي شهدت تفكك أسرته النموذجية في مختلف محطاتها الكئيبة.

وكلها كانت مادة دسمة رغم مرارتها لكتابة سيرته الذاتية الحزينة وحتى بالديار الفرنسية رافقته تلك الأحزان كظل لا يفارقه أينما حل وارتحل.

واستعرض الناقد عبد الله كيكر لمحة موجزة عن فن السيرة في الأدب العربي. فأشار أن هناك من بعتبرها نوعاً من العلاج النفسي بحيث تساعد صاحبها على تفريغ الكثير من الأفكار والمشاعر التي يزدحم بها عقله. مما يؤدي إلى تكدسها في اللاشعور فتسبب لصاحبها الكثير من الضيق والاكتئاب النفسي. وفي نفس السياق تطرق الناقد عبد الله كيكر إلى الدوافع إلى كتابة السيرة الذاتية منها: ذاتية وغيرية. وتطرق إلى الأسباب الموضوعية لاسمه جامع التي أرجعها إلى مولده في يوم الجمعة. وربط هذه التسمية بالموروث الثقافي بحيث أن كان من تقاليد أهل سوس أن من ولد يوم الجمعة فقد ازداد باسمه ويجب المحافظة على اسم جامع حتى لا يصاب بسوء.

وبعد تلك المراحل العمرية العصيبة تطرق الناقد عبد الله كيكر إلى علاقة الوجدانية للكاتب جامع بندير مع عالم البحر. والذي خصه بعدة أبحاث كان أولها” أكلو والبحر والعين وسيدي وكاك”. ثم تطرق الناقد عبد الله كيكر إلى تجربة الكاتب في مجال التجارة. وبكل موضوعية بحيث أن الناقد عبد الله كيكر هو الذي قام بإغراء الكاتب على ولوج هذه التجربة التي آلت إلى فشل دريع. وكل هذه المآسي الحزينة أرخت بظلالها على الكاتب وهو يكتب سيرته الذاتية بحزن عميق. وساهمت كل هذه العوامل الذاتية والمجتمعية في عزلة الكاتب وينغلق على نفسه. فلم يربطها بالأحداث المحلية ولا الوطنية. بالرغم أنه عاش وعاصر الكثير منها. وعلى حد الناقد عبد الله كيكر رب ضربة نافعة. فلولا ذلك ما خُلٍقَ مركز أكلو ولا رأينا هذه المنجزات التي حققها المتمثلة في إصدار 28 كتاباً، والتي ستخلد اسمه ككاتب وكباحث متمرس.

والكتاب على حد وصفه كتاب شيق وممتع، بأسلوب سلس ومركز وخال من الحشو والاطناب. كما أن الكاتب لم ينجر وراء عواطفه ومعاناته القاسية. ويكثر من الشكوى يطلق الاتهامات واللوم. كما اتفق مع الآخرين الذين تسببوا في معاناته؛ ومؤاخذتهم على ذلك؛ بل كان واقعيا موضوعيا في تلك المؤاخذات والتي كان لنفسه نصيب منها.

بعد ذلك فسح مسير الندوة الأستاذ إبراهيم أمجاد المجال للحضور للتدخل ومناقشة محاور الندوة. وقد جل التدخلات التساؤلات في مستوى الحدث الثقافي النوعي على صعيد جهة سوس ماسة. كما تناول بعض المتدخلون عدد من المواضيع ذات الصلة بالكتابين من قبال مآل الحركة الأمازيغية قبل الدسترة وبعدها، اليسار المغربي والأمازيغية، السيرة الذاتية والبوح بالمعاناة، أهمية قراءة الكتب.

وفي آخر الندوة الفكرية تم تجديد الشكر والتقدير للحصور الذي واصل مجريات الندوة رغم طول المدة الزمنية التي ابتدأت على الساعة 18:30 وانتهت على مشارف 20:45 في أجواء سليمة مع أخذ صورة جماعية لكل المتدخلين.

المقهى الثقافي أمازيغ كبريس يحتضن قراءة نقدية في إصدارين جديدين
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد