حتى لا يكون الانسان سببا مباشرا في فناء الانسان.
يعرف العالم في الايام الاخيرة تحركا على مستوى رفيع، وذلك للإعداد والمشاركة في القمة العالمية حول المناخ التي ستنعقد بباريس، والتي ننتظر ما سيتمخض عنها من إجراءات عملية للحد من الانبعاثات الخطيرة والمتزايدة للغازات الدفيئة المسببة للاحترار الكوني، وتباعاته الكارثية على البلدان النامية التي لا ناقة لها ولا جمل في كوارث ومآسي العصر الحالي، وما يترتب عن ذلك من ضحايا في الفيضانات والجفاف الحاد المسبب للهجرة والنزوح الجماعي والمجاعات والاوبئة، وظواهر المد البحري المهددة لمدن السواحل، وأمام هذه التحديات الصعاب والإشكالات العويصة التي هي نتاج التنمية العمياء التي لم تأخذ بعين الاعتبار الاستدامة الحقيقية، عبر تخفيض مستويات انبعاثات الغازات الدفيئة والمسببة لخلخلة التوازن الكوني والطبيعي للأرض. وإننا كمجتمع مدني لنعتبر اشكالات حماية البيئة من كل الاخطار المحدقة أولوية اساسية يومية بل آنية ، لا تقل أهمية عن استنشاق الهواء النقي، وشرب الماء العذب، وتناول الغذاء السليم.
– 1المغرب انخرط في المستقبل وقطع أشواطا جبارة دوليا بإمكانيات وموارد مالية بسيطة وبإرادة وعزيمة قوية، رافعا التحدي في تبني استراتيجيات ايكولوجية نموذجية
اننا في جميعة بييزاج لنثني على تجربتنا المغربية البيئية مؤسساتيا وقطاعيا وحكوميا ومجتمعا مدنيا من خلال الانخراط الكلي والمباشر في عمليات التنمية المستدامة وتنمية الوعي المتزايد بتبني مشاريع ضخمة وعملاقة إيكولوجيا واضعا بذلك رجليه في المستقبل من خلال مشاريع الطاقات الشمسية والريحية المتجددة، والاستثمار العقلاني في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والملوثة وتشجيع سياسيات تخليف الغابات وحماية المناطق الايكولوجية والمحميات الوطنية والسواحل وترشيد الموارد المائية للأجيال في المستقبل وهي مجهودات جبارة وسلسلة عمليات تنمية رشيدة طويلة الأمدن ونعتبر ان الاستثمار الحقيقي ليس هو الاستثمار في الموارد الطبيعية او الصناعية او التجارية، بل هو الاستثمار في الإنسان من أجل حياة الإنسان، ونعتبر المدرسة عود الرحى لبسط هذا المفهوم الفلسفي والبيئي ولبنة لامحيد عنها في ترسيخ مفاهيم حماية البيئة وتنبي سلوكات صديقة للبيئة، وبالتالي ترك بصمات ايكولوجية خضراء في مجالاتنا الطبيعية المختلفة سواء كانوا افرادا او جماعات، كما نعتبر العمل الاحادي الجانب في القضايا البيئية مضيعة للوقت وهدرا للمجهودات وتشتيتا للإرادات المشتركة الخلاقة في العمل البيئي لمستقبل الاجيال القادمة من ابناءنا ومستقبل الإنسانية ونعتقد ان توحيد الجهود مع مختلف الفاعلين من اجل مبادرات فعالة على المستوى التربوي والمجتمعي والمؤسساتي، هو الكفيل برد الاعتبار للعمل الجماعي المشترك الذي يتغيا المصلحة العليا والصالح العام للوطن، كما نؤكد من خلال تجاربنا الميدانية بالوسط المدرسي منذ ما ينيف عن خمس سنوات متثالية، ان النتائج مشجعة ومستدامة من خلال جعل المتعلم (ة) محور هذه العمليات التكوينية الميدانية والسلوكات المواطنة بتعاون مع المدرسة والفاعلين من إدارة تربوية، هيئة تدريس، جمعية اباء وأولياء التلاميذ و مجتمع مدني ومنتخبين ورؤساء اقسام وعمال المغارس والنظافة بالجماعة الحضرية لاكادير، بالنسبة الينا الكل يصب في بوثقة واحدة وهي الاستثمار في المستقبل وفي الاجيال التي ستعاني ويلات التغيرات المناخية والإشكالات البيئية وضرورة التكيف معها.
2- تجاربنا المتواضعة والمشتركة افقيا وعموديا اكدت نجاعتها وأكدت بالتالي الحاجة السريعة الى ادماج البعد التكويني والتنشيطي البيئي التربوي بفضاء المدرسة كجزء من الحل لإشكالات المستقبل
نعتبر في بييزاج التربية البيئية حجر الزاوية لحل الاشكالات البيئية المستقبلية بنظرة شمولية، ونعتبر المدرسة المشتل الاساسي لأية نجاحات مجتمعية تروم نشر وتعميم الثقافة البيئية والتنمية المستدامة ومواجهة اخطار وماسي التغيرات المناخية مستقبلا، خصوصا بعد تخلي مؤسسات لها دور اجتماعي وتثقيفي ورياضي عن ادورها التقليدية التاطير والتكوين والتعبئة والتنشيط، ونفترض بان التربية بالمدرسة المغربية يجب ان تخصص يوما للأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية والبيئية والاجتماعية بما يوافق التكوين التربوي بالتكوين المجتمعي وامتداده من خارج اسوار المؤسسات التعليمية الى الفضاءات العامة المشتركة، ونعتبر تخصيص صبيحة يوم السبت جزء من التكوين الاجتماعي لمواطن الغد عبر الانشطة التكوينية والتأطيرية المختلفة: فنية، ثقافية، رياضية، بيئية، صحية، وغيرها وتحويل بالتالي المدرسة الى ما يشبه المشاتل لإنتاج الانسان المواطن من الانسان المجتمعي بما يخدم اصلاح منظومة التربية والتكوين وقضايا المجتمع والوطن والقضايا الكونية على اعتبار ان هؤلاء المتعلمين هم صناع القرار في المستقبل في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وعليه بات من الطبيعي تأهيلهم منذ الصغر على تحمل اعباء الانخراط المواطن في القضايا عبر التكوين والتنشيط والممارسة الميدانية، وتؤكد احصائيات ومؤشرات تتبع هذه العمليات منذ خمس سنوات بالنسبة لجمعية بييزاج نجاعتها وقوتها ورغبة المتعلمين في ذلك والإقبال عليه بأريحية وتلقائية وعفوية وانخراط كجزء اساسي من التكوين التعليمي في المجال البيئي.
وقد افرد القانون الاطار رقم 12-99 الخاص بالميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة بمواد اساسية مرتبطة بالتربية والتكوين في المادة 17 التي تنص على: ضرورة ملائمة انظمة التربية والتعليم وبرامج التكوين والتكوين المهني بهدف إدراج المبادئ والتوجهات الواردة في هذا القانون الاطار ولاسيما من خلال إحداث تخصصات في مجال البيئة والتنمية المستدامة — كما يبج ان تكون ثقافة المحافظة على البيئة والتنمية المستدامة جزء لا يتجزأ من منظومة المعرفة والمعارف العملية والسلوكية الملقنة في إطار هذه الانظمة.
3- تجاربنا مع مؤسسات الدولة والمصالح المحلية والجهوية و فعاليات المجتمع المدني ووسائل الاعلام بمختلف مكونات تجارب تشاركية هادفة وموحدة للمجهودات البيئية للدفاع عن الصالح العام.
عملت جمعية بييزاج منذ نشأتها على الاشتغال بمعية بالاحترام المتبادل مع المصالح المعنية بالبيئة والمديريات الاقليمية والمحلية والجهوية وجمعيات باكادير الكبير وبجهة سوس ماسة وباقي الاقاليم المكونة للجهة في اطار العمل المشترك للتصدي للانحراف البيئي والاختلالات عبر التواصل والمشاركة والفعل الميداني، وتقديم الاقتراحات والحلول والترافع في القضايا البيئية لذا المؤسسات والمصالح المعنية والسلطات المحلية و المنتخبة، وقد كان لهذا العمل الميداني اليومي والتواصل دور كبير في الحد والقضاء على العديد من الانحرافات البيئية عبر الرصد والتتبع والتبليغ والتوعية والتحسيس والتواصل كذلك مع المعنيين،وأسفر هذه المجهودات المشتركة على وضع الحد للعديد من التجاوزات والممارسات اللامسؤولة لبعض الاطراف التي دأبت على نشر التلوث والانحراف البيئي بالمجالين الحضري والقروي بعد ان تبين لها وجود اعين تترصد وتتبع وتفضح هذه الجرائم البيئية، ويمكن القول مجملا ان المبادرات المشتركة بين المجتمع المدني بسوس ارتقت لمستويات عليا وطنيا بل اصبحت مرجعا يحتدا به وقابل للتعميم والدراسة، وهنا يبج التنويه بالعمل المشترك مع السلطات الولائية خصوصا قسم البيئة والمرصد الجهوي للبيئة والتنمية المستدامة لسوس ماسة، والقيادة الجهوية للدرك الملكي- فرقة الشرطة البيئية والمديرية الاقليمية للمياه و الغابات ومحاربة التصحر، والوكالة المستقلة المتعددة الخدمات، وجامعة ابن زهر والمجلس الجماعي الحالي لاكادير وجمعيات المجتمع المدني الناشطة في المجالات التنموية باكادير ادوتنان واشتوكة ايت بها وانزكان ايت ملول.
4- بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي حول المناخ ندعو كمجتمع مدني منخرط،الى ضرورة تفعيل مواد القانون الاطار 99.12 الخاص بوضع استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة
ان تدخل جمعية بييزاج للبيئة في قضايا الانحرافات البيئية نابع من مسؤولية والتزام مستمر طبقا للقانون الاطار 12-99 الذي افرد للمجتمع المدني المادة 22 وهي مادة خاصة به تنص على ان جمعيات المجتمع المدني العاملة بصفة رئيسية في ميادين البيئة والتنمية المستدامة تساهم في تحقيق الاهداف المنصوص عليها في هذا القانون –الاطار. ولهذه الغاية تلتزم بالقيام إما بمبادرة منها لو بشراكة مع الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشركات والمقاولات الخاصة بكل عمليات إخبار او تحسيس لو اقتراح : كفيلة:
- بدعم حرص السكان على احترام البيئة والموارد الطبيعية والتراث الثقافي وقيم التنمية المستدامة وذلك من خلال عمليات التحسيس والتربية
- بالسهر على تطوير وتثمين الطرق والممارسات المختبرة في مجال التدبير المستدام للموارد الطبيعية على مستوى التجمعات المحلية
- بالمساهمة في التحسين المستمر للآليات المعمول بها في مجال مشاركة السكان في اتخاذ القرار البيئي والولوج الة المعلومة البيئية
اننا في بييزاج من خلال هذا القانون الاطار لنؤكد عزمنا على مواصلة العمل المشترك تحت ظل القانون لحماية البيئة وإلحاق الضرر بها مع المساهمة في الجهود الفردية والجماعية المبذولة للمحافظة على البيئة وتشجيع التنمية المستدامة ونشرها، بما يتوافق مع المادة 3 من القانون الاطار الذي يعتبران لكل مواطن ومواطنة الحق في : العيش في بيئة سليمة وذات جودة ، تمكن من المحافظة على الصحة العامة والتفتح الثقافي والاستعمال المستدام للتراث والموارد التي يوفرها والمشاركة في مسلسل اتخاذ القرارات التي من شأنها التأثير على البيئة
وعليه نعتبر انخراطنا المحلي في جمعية بييزاج للبيئة هو امتداد لتفكيرنا الكوني حول التكيف مع التغيرات المناخية والاتجاه نحو الاستثمار في الانسان من اجل بقاء واستمرار الانسان
حماية البيئة مسؤولية الجميع—–رشيد فاسح
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.