بقلم الأستاذ : محمد أمدجار
عملت الدولة على استغلال أجهزتها الايديولوجية – بلغة ألتوسير – و لاسيما التعليم و الإعلام لإنتاج مواطن ميال إلى الشكليات و المظاهر ، عاشق لكل أنواع التفاهات ، غافل عن العقل و مقتضياته ، بعيد عن التفكير النقدي و النظر و التأمل . ذلك هو المواطن الفاقد لكل أنواع الوعي و الذي انعكس على سلوكاته التي اخترقتها كل أنواع التناقضات . و عند تتبعنا و ملاحظتنا لفئات واسعة من الشعب المغربي يمكن لنا أن نؤكد بأن الدولة نجحت في مخطتها بشكل كبير و في وقت وجيز ، وهو ما من شأنه أن يبين ” نجاعة ” تلك البرامج التلفزيونية الرخيصة التي تبت يوميا على قنواتنا/قنواتهم و لاسيما في أوقات الذروة ، برامج ترحل المشاهد من واقعه الحقيقي الذي لوثته الأيادي القدرة للدولة و خدامها إلى عالم آخر لا وجود له و لكن أرادوا أن يقدموه على انه هو العالم الحقيقي . و يبين كذلك ” نجاعة ” البرامج التعليمية التي بنيت على مبدأ بضاعتي ردت إلي و التي اعتبرت أن أحسن متعلم هو ذلك الذي له ذاكرة قوية و واسعة قادرة على احتواء كل السموم التي تقدم له و ليس ذلك المتعلم الذي يفكر و ينتقد و يتساءل و يقترح و يبادر .
إن هذا المشهد القاتم الداعي إلى الكثير من القلق ليس نتيجة لصدفة ما أو حادت غير متوقع بل هو لوحة استنفر مهندسي الدولة كل قدراتهم و إمكاناتهم ليرسموها فكانت النتيجة مرضية للبلاط و تراجيدية بالنسبة لمن يهمه مستقبل هذا البلد و هذا الشعب ، أفلا ترون كيف يكون مسؤولينا فرسانا في الخطاب في حين أن الفشل شكل الهوية العميقة للشعب في الفن و الثقافة و العلم و السياسة و الرياضة ؟ و لكم في الاولمبياد الأخير كل الدروس و العبر .
لكي يبرهن التحالف المخزني على أن كل ذلك ليس صدفة و بأن ذلك يقع بشكل ” واع ” و إرادي ها هو رئيس البلاد يعطي أوسمة ملكية لمن أعانوا الدولة على صناعة التفاهة و الترويج لها و الزيادة في عدد زبنائها ، في حفل غاب عنه كل دعاة الفكر و العلم في إشارة من النظام بتغير شعار الدولة من ” إلا ما جبها القلم اجبها القدم ” إلى ” لي عندو شي مؤخرة كبيرة و عامرة او شي راس كبير او خاوي إحطهوم قدام الكاميرا أو ها حنا معاه ” فعاشت العناية المولوية و عاش الشعب بعد أن تم هتك عرضه لما لم أعد أعرف عدده من المرات .
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.