بعد إدانة شخص إنجليزي يدعى روبرت إدوارد بيل الثلاثاء الماضي بالسجن عشرين عاما نافذا من طرف محكمة في تطوان شمال المغرب،
///////////////////////////////
وسط تواطؤ القوانين وعادات المجتمع يستمر ارتفاع عدد ضحايا الاستغلال الجنسي للأطفال في المغرب. الحكم “القاسي” الذي أصدرته محكمة في حق “بيدوفيل”(معتدي جنسي) إنجليزي سلط الضوء مجددا على هذه الظاهرة المتفشية. هل يشكل الحكم القضائي الجديد بداية نحو القضاء على استغلال الأطفال جنسيا؟
عاد الحديث مجددا حول ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال في المغرب بعد إدانة شخص إنجليزي يدعى روبرت إدوارد بيل الثلاثاء الماضي بالسجن عشرين عاما نافذا من طرف محكمة في تطوان شمال المغرب، بتهمة التغرير بثلاث طفلات واستدراجهن واختطافهن من أجل هتك عرضهن.
الآراء حول الحكم تراوحت بين من أيد الحكم واعتبره حكما قاسيا سيجعل المجرم عبرة لمن قد تسول له نفسه مستقبلا إفراغ رغباته الجنسية الشاذة في أجساد الأطفال، وبين من اعتبره غير كاف وتراجعا عن حكم سابق في هذا الإطار وصل إلى ثلاثين سنة نافذة.
تناول ظاهرة البيدوفيليا في المغرب اتخذ منعطفا جديدا منذ واقعة العفو الملكي على مغتصب الأطفال دانييل كالفان الذي أدين بثلاثين سنة سجنا نافذا قبل أن يستفيد من عفو ملكي. خطوة هزت الرأي العام المغربي ودفعت مواطنين وحقوقيين مغاربة للنزول للشارع والاحتجاج لأول مرة على قرار ملكي.
خطوة إيجابية، لكن…
قرار المحكمة تزامن مع تصريحات أدلى بها رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران خلال المناظرة الوطنية الأولى لحماية الطفولة، دعا فيها إلى تشديد العقوبات ضد المتورطين في جرائم استغلال الأطفال جنسيا، كما طلب من المعلمين والأساتذة في المدارس المغربية عدم تقبيل الأطفال لأن ذلك “من شأنه أن يفتح الباب لأمور أخرى”.
بشرى المرابطي الباحثة في علم النفس الاجتماعي وعضوة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، تعتبر الحكم القضائي غير كاف “وإن كان يبدو ظاهريا قاسيا لكنه حكم لا يصل إلى تطلعاتنا كفاعلين حقوقيين لأن الاعتداء الجنسي على الأطفال يعتبر أبشع أنواع انتهاك حقوقهم ويجب تشديد العقوبات في حق المتورطين فيه بشكل أكبر”.
وإن كانت الحقوقية المغربية تعتبر حكم القضاء غير كاف إلا أن جمعيات حقوقية معنية بحماية الأطفال ونشطاء مغاربة رحبوا به واعتبروه خطوة إيجابية في طريق القضاء على ظاهرة استغلال الأطفال جنسيا. ومن بين هؤلاء خديجة رياضي عضوة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والتي صنفت الحكم الأخير بالإضافة إلى الحكم الصادر سابقا في حق الإسباني دانييل كالفان “في مستوى الاحكام التي تقود إلى القطع مع التساهل الذي كان يتعامل به القضاء المغربي مع هؤلاء المجرمين، لكن أتمنى أن لا يستفيد مجددا هذا المجرم من عفو ملكي كما حدث سابقا” تقول رياضي.
بالإضافة إلى الحكم الجديد اتخذت السلطات خطوات أخرى اعتبرت إيجابية بهذا الخصوص ومنها تعديل القانون 475 الذي كان يسمح بتزويج المغتصبة من مغتصبها وتراجع الملك محمد السادس عن العفو الذي أصدره لصالح مجرم إسباني متهم باغتصاب أطفال مغاربة.
“المغرب عاجز عن حماية أطفاله”
وحسب إحصائيات غير رسمية نشرت السنة الماضية فإن أزيد من 300 طفل كانوا ضحايا استغلال جنسي في مدينة مراكش وحدها. وتشير أصابع الاتهام إلى شبكات الاتجار بالأطفال بالإضافة إلى تواطؤ السلطات المحلية أحيانا مع السياح بسبب الفساد.
وتشير رياضي إلى عوامل أخرى هي التي أوصلت الأمور إلى ما هي عليه اليوم ومنها الترسانة القانونية الضعيفة التي لا تكفي لزجر المتورطين في هذه القضايا بالإضافة إلى الفساد الإداري والقضائي وتردي مستوى الإعلام والتعليم، وأزمة القيم التي أصبح يعرفها المجتمع المغربي. هذه العوامل و أخرى حسب الحقوقية المغربية تجعل من المغرب وجهة لهؤلاء المجرمين ودولة عاجزة عن حماية أطفالها رغم مصادقتها على معاهدة حماية حقوق الطفل.
تصريحات بنكيران التي واجهها البعض بالسخرية والاستهزاء بينما رحب بها البعض الآخر على اعتبار أن المدارس تشكل أيضا فضاء لهذه الجرائم، تعتبرها رياضي غير كافية لمحاربة هذه الظاهرة إلا أن بشرى المرابطي ترى فيها التزاما من طرف رئيس الحكومة بالعمل من أجل القضاء على هذه الظاهرة، وتضيف في هذا السياق “نحن كمجتمع مدني ننتظر قوانين جديدة تتلاءم مع الدستور الجديد. تصريحات بنكيران مهمة لأنها ستجعلنا نراقب ونتابع ما سيتم تطبيقه على أرض الواقع”.
تساهل مع الأجانب
يربط البعض بين قطاع السياحة الذي يعول عليه المغرب كثيرا وبين تزايد ظاهرة البيدوفيليا خاصة أنها تنتشر بشكل أكبر في المدن السياحية كما أن أشهر القضايا في هذا الخصوص تورط فيها أجانب وأبرزها قضية الإسباني دانييل كالفان الذي أدين بتهمة اغتصاب 11 طفلا مغربيا. وتتهم منظمات حقوقية مغربية السلطات بالتسامح مع المتورطين الأجانب في هذه القضايا عن طريق تخفيف الأحكام الصادرة بحقهم أو تمكينهم من الفرار من المغرب دون معاقبتهم. وتقول رياضي في هذا الإطار “التركيز على الأجانب لا يعني أن المغاربة لا يتورطون في هذه الجرائم فقد سبق وعايشنا حالات وصل فيها الحكم إلى الإعدام، لكن التسامح يكون أكبر مع الأجانب فهم أحيانا لا يحاكمون حتى ويفرون دون محاسبتهم وهذا ما يشجعهم وغيرهم على القدوم إلى المغرب لأنهم يعلمون مسبقا أنهم يستطيعون الإفلات من العقاب”.
لكن المرابطي ورياضي تجمعان على أن وعي المغاربة بقضية الاستغلال الجنسي للأطفال تغير بالخصوص منذ العفو عن مغتصب الأطفال كالفان، وتُرجم ذلك بخروجهم إلى الشارع ورفضهم لقرار الملك “فقد أصبحوا أكثر وعيا بالتفشي الكارثي لهذا الظاهرة والخطر الذي تشكله على أبنائهم الذين هم أيضا مستقبل هذا البلد”.
عن DW.DE
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.