تارودانت: حسن أوريد يسلط الضوء على ” إغراء الشعبوية في العالم العربي، الاستعباد الطوعي الجديد”..

بقلم سعيد الهياق

نظمت مكتبة سرتي ومنتدى الأدب لمبدعي الجنوب حفل تقديم وتوقيع كتاب ” إغراءات الشعبوية في العالم العربي الاستعباد الطوعي الجديد” للدكتور حسن أوريد؛ من تقديم الناقد الدكتور عبد السلام أقلمون. وذلك مساء يوم السبت 15 مارس 2025 بالمركز الثقافي بتارودانت.

افتتح الدكتور عبد السلام أقلمون اللقاء بتقديم الشكر لمكتبة سرتي ومنتدى الأدب لمبدعي الجنوب منظمي هذه الأمسية الفكرية. وذلك رغم الاكراهات المناخية والأجواء الرمضانية الباردة. لكن القيمة الرمزية والفكرية للدكتور حسن أوريد المفكر المغربي الموسوعي جعلت ثلة من المثقفين والمبدعين والمهتمين بالشأن الثقافي سواء من داخل أو خارج المدينة تحج إلى هذه المعلمة الثقافية؛ وتعيد الدفء إلى المشهد الثقافي بالمدينة.

كما نوه بالحضور الشخصي للأستاذ شفيق بورقية المدير الإقليمي لقطاع الثقافة، والذي أشرف على تهييء سبل تنظيم هذا العرس الثقافي في أحسن صورة.

واستهل ورقته النقدية بتقديم باقة من الشكر والعرفان للدكتور حسن أوريد المفكر المغربي الموسوعي الذي تحمل عناء السفر والتنقل في عز الأجواء الرمضانية من الرباط إلى أكادير ثم تارودانت من أجل تجديد الوصال والتواصل مع مثقفي ومبدعي تارودانت.

وذلك لعشقه لتاريخها التليد وارتباطه الوجداني بهوية موروثها الثقافي المادي واللامادي.

وقدم تعريف موجز عن الضيف الكبير لأن ضيق الوقت لا يسمح بسرد السيرة الغنية للمفكر المغربي الموسوعي الدكتور حسن أوريد، الأستاذ في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، مؤسس مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث، المؤرخ، الكاتب، الروائي، الشاعر والمحاضر بعدة جامعات وطنية ودولية.

ومن تم تحدث عن السياق الزمني والتاريخ لكتاب ” إغراءات الشعبوية في العالم العربي الاستعباد الطوعي الجديد”، كتاب من الحجم المتوسط، صادر عن المركز الثقافي العربي شهر أيار 2024، يتألف من 431ص، تصميم الغلاف: ماري تريز مرعب.

والذي استهله مؤلفه بآية قرآنية: يَحْسَبَهُ الظمآنُ ماءً حتى إذا جاءه لم يجٍدْهُ شيئاً “ثم ” ويلوح لي أن إطلاق الفتور العام أليق بأن يكون عنواناّ لهذا البحث، لتعلق الحالة النازلة بالأدبيات أكثر منها بالماديات، ولأن آخر ما فيها ضعف الحس، فيناسله التعبير بالفتور ” عبد الرحمن الكواكبي: أم القرى


هذا وقد افتتح الدكتور عبد السلام أقلمون ورقته النقدية بربط الكتاب كما سبقت الإشارة إلى ذلك بالسياق الزمني والتاريخي لإصدار الكتاب.

وتطرق إلى تحليل نكسة حرب 67، التي خاضها العرب ضد إسرائيل والتي تُعرَف في كل من من سوريا والأردن بنكسة حزيران، وفي مصر نكسة 67، وفي إسرائيل “حرب الستة أيام”. وهي حرب نشبت بين إسرائيل وكل من العراق، مصر، سوريا والأردن بين 05 يونيو إلى 10 يونيو 1967.

والتي آلت بهزيمة نكراء للجيوش العربية بسبب سوء التدبير الاستراتيجي للحرب ولتفاوت ميزان القوى في الآليات والمعدات العسكرية بالإضافة إلى عوامل داخلية وخارجية متعددة.

والتي كان من نتائجها العكسية والوخيمة على العالم العربي منها احتلال إسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان. بالإضافة إلى خسائر جسيمة: عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمعطوبين في صفوف الجيوش العربية مقابل مآت من القتلى في الجيش الإسرائيلي، أضف إلى ذلك تدمير الآليات والمعدات العسكرية العربية التي لم تكن في مستوى قوة وتطور العتاد العسكري الإسرائيلي في السلاح ومنظومة الطائرات العسكرية المتطورة.وكان من نتائج نكسة حزيران 67، كذلك صدور قرار مجلس الأمن رقم 242، وانعقاد القمة العربية في الخرطوم بالسودان.

وكان من نتائجها العكسية تهجير معظم سكان قناة السويس وتهجير معظم مدنيي محافظة القنيطرة بسوريا، بالإضافة إلى تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الضفة، وفتح الاستيطان في القدس الشرقية والغربية. وفي 30 يونيو 1967 انظم الأردن إلى معاهدة الدفاع المشترك بين مصر وسوريا.

وبالتالي فإن نكسة 67 أدت إلى تغيير في معالم الخريطة في العالم العربي. بالإضافة إلى تدهور بنية الاقتصاديات الهشة وتصدع البنيات المجتمعية. وكان لها كذلك تداعيات سلبية وانهزامية على سيكولوجية المواطن العربي الذي انقاد إلى حرب بالقوة ” مكره أخوك لا بطل”

مما زاد في تأجيج موجة من الاحتجاجات الشعبية وفقدان الثقة لدى الشعوب العربية في قادتها وحكامها. وقد أدت إلى بزوغ تيارات قومية وفكرية وأيديولوجية أدفي تاريخ العرب المعاصر بمرجعيات يسارية وإسلامية و ليبرالية.

وقد حاولت البعض منها تمويه الشعوب العربية بانتصار وهمي على الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.وذلك ضداً على الوقائع على الميدان والمصادر التاريخية.

وقد اختلفت رؤى المثقف العربي لقراءة لتلك الأحداث التاريخية الأليمة ولتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية منها المنحاوزة إلى ثقافة البترودولار أو إلى السلطة. كلها عوامل داخلية وخارجية أثرت إلى حد ما على بنية العقل العربي.

والمقابل شهد العالم خلال تلك الحقبة التاريخية سقوط جدار برلين وما تبعه من تفكك في دول الاتحاد السوفياتي سابقاً، مما سمح للولايات المتحدة الأمريكية للاستحواذ على قطبية العالم. بالإضافة إلى بزوغ قوة الصين الشعبية وتصدع الاتحاد الأوروبي وصعود تركيا كقوة إقليمية أضف إلى ذلك انشغال العالم بالقوة العسكرية الإسرائيلية و النزاعات الإقليمية.

أما عن ثورة الربيع العربي التي شهدتها كثير من الدول العربية والتي اندلعت شرارتها الأولى باحراق الشاب محمد البوعزيزي نفسه بعد شعوره بالحگرة بعدما صفعته شرطية وما تلاها من أحداث دموية بتونس، أعقبها هروب الرئيس زين العابدين بن علي إلى الخارج. ثم اندلعت ثوارات شعبية بمختلف الدول العربية.

والتي عجلت بسقوط بعض الأنظمة الإستبدادية وهروب وقتل بعض قادتها وتنحي البعض خوفاً من المصير المحتوم الذي آل إليه من سبقوه، فإنها لم تغير من الوضع المتردي الاقتصادي والاجتماعي شيئاً.

أما في المغرب فقد كان من نتائج احتجاجات حركة 20 فبراير 2011 التي عمت مختلف المدن المغربية للتنديد بالفساد وتدهور القدرات الشرائية وتصدع البنى الاجتماعية والاقتصادية محاربة الرشوة والمنادة بتقسيم الثروة وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.

مما أدى إلى تدخل الإرادة الملكية حيث كان خطاب 09 مارس 2011 للملك محمد السادس بداية مفصلية ببزوغ فجر جديد مع دستور 2011.

وقد كان من نتائج هذه التغييرات الدستورية التعجيل بانتخابات مبكرة عجلت بصعود حزب العدالة والتنمية وتولي رئاسة الحكومة لواليتين متتاليين كسابقة تاريخية في المشهد السياسي والمغربي والعربي.

مع تسجيل انسحاب العدل والاحسان من حركة 20 فبراير. إلا أن هذه الموجة الإسلامية لم تكن في مستوى تطلعات الجماهير الشعبية. مما أدى بالبعض إلى القول باختطاف حركة 20 فبراير من طرف التيارات الإسلامية وبعض التيارات الأخرى التي ركبت على موجتها.

وبالتالي تزايدت موجة الخطابات الشعوبية مما أدى إلى نفور الشباب وبعض المثقفين والمفكرين من المشهد السياسي، كلها معطيات ساهمت في تقزيم المشاركة في الانتخابات إلى نسبة مأوية جد ضعيفة، وهي كذلك سابقة تاريخية في المشهد السياسي المغربي.

وبعد ذلك فسح الناقد الدكتور عبد السلام أقلمون المجال للمحتفى به المفكر المغربي الدكتور حسن أوريد للتدخل.
والذي لم يتمالك نفسه ونوه بالقراءة النقدية العميقة للدكتور عبد السلام أقلمون الذي أبى إلا أن يحضر رغم الظروف الصحية.

والتي لامست إلى حد بعيد جوهر الكتاب. ولأن الظرفية الزمنية لا تسمح لأن الوقت منتصف الليل في خضم هذه الأجواء الرمضانية المباركة.

فقد تقدم بالشكر للجمهور الذي صمد إلى غاية الوقت رغم أجواء الطقس وأيضاً للاستاذ خالد سرتي ومنتدى الأدب لمبدعي الجنوب على تنظيم هذا اللقاء، والذي اعتبره لقاء تواصليا بالأساس مع الحضور بعيداً عن النمطية المعتادة.

وقدم بدوره عن دواعي إصدار كتاب ” إغراءات الشعبوية في العالم العربي الاستعباد الطوعي الجديد” كونه من صلب اختصاصه أولا كأستاذ للعلوم السياسية وكباحث أكاديمي وكمحاضر بعدة جامعات وطنية ودولية، وأيضاً للكتاب تمخض عن قراءته العميقة للأوضاع التي شهدها العالم والعالم العربي على الخصوص بعد التحولات السياسية والتاريخية التي لامس جوهرها الدكتور عبد السلام أقلمون.

حضور وازن لمختلف الفعاليات الثقافية والإعلامية

 

” هل سيبقى العالم العربي التي كان عليها إلى غاية اكتوبر 2023, وقد اهتز ما عرف ب “طوفان الأقصى” والحرب التي أعقبته على غزة، والزلزلة التي أحدثتها ولما تنته تداعياتها ؟ وهل يفيد الحديث عن حالة جمود العالم العربي وإغراء الشعبوية به، وبركان يلقي حممه، من شأنه أن يغير من جديد تضاريس الحياة السياسية، لا في العالم العربي وحده بل في العالم ؟” ص13.

” استنفد العالم العربي السرديات الجامعة، من قومية عربية، إلى إسلام سياسي، فانتشاء خلال الربيع العربي. لكنه مُنِيَ باخفاق في مسْرى كل موجة لكي لا يلقى من بديل لهجير الكبوات سوى سراب الشعبوية.

وهل يكون الدواء من صميم الداء: الهروب من رمضاء تشوه السياسة، وكساد الاقتصاد، وكبوة الثقافة، إلى هجير الشعبوية ؟ لا بديل يلوح في أفق العالم العربي، سوى السلطوية متلفعة بلبوس شعبوي، أو بتعبير أقل حذلقة، إلى استعباد طوعي، تقود الجماهير نفسها إليه حتف أنفها.

وكيف يمكن أن تكون مجتمعات فاعلة، وهي تحت النيْر ؟ كل القوى التي استندت إلى حضارة، شقت طريقها بعد إذٍ انعتقت من نير الاستعباد وإصر الإذلال، كما الصين و الهند… وحتى قوى هي نتاجٌ لقوة دفع الحضارة الإسلامية، كما إيران وتركيا، أصبحت نافذة. فلماذا تقدم غير العرب ولم يتقدم العرب ؟” ص15.

بعد ذلك تقدم الدكتور خالد بناني عن منتدى الأدب لمبدعي الجنوب ليتقدم بخالص الشكر والعرفان للدكتور حسن أوريد المفكر المغربي الموسوعي عن عرضه القيم وأيضاً للناقد الدكتور عبد السلام أقلمون على قرائته النقدية العميقة والبالغة الأهمية للكتاب مع التنويه والأستاذ خالد سرتي عن هذا التنسيق الاستراتيجي مع المنتدى للرقي بثقافة الكتاب ونشر المعرفة.

ليتم فسح المجال لتدخلات و تساؤلات الجمهور. والتي تفاعل معها الدكتور حسن أوريد بكل أريحية وموضوعية.
ليفسح المجال لباب توقيع الكتاب مع أخذ صورة جماعية مع الحضور.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading