اعتبر الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، أن تنزيل أي شكل من أشكال الدبلوماسية الناجحة يحتاج إلى معرفة علمية من طرف كافة الفاعلين لإنجاح الاستراتيجيات الموضوعة وتحقيق اهدافها، منبها إلى عدم وجود تأسيس نظري مفصل للدبلوماسية الدينية باعتبارها فرعا جديدا من فروع الدبلوماسية الحديثة والتي تدخل في إطار عام للقوة ااناعمة.
جاء ذلك في محاضرة علمية القاها الدكتور بوصوف في رحاب كلية الشريعة بفاس يوم الأربعاء 9 يونيو 2021 حول موضوع “آفاق الدبلوماسية الدينية”.
وتوقف بوصوف على مجموعة من المحطات التاريخية التي تظهر أهمية الدبلوماسية الدينية في التاريخ الإسلامي بهدف التقريب بين الأديان والثقافات وتحقيق بعض المكتسبات في العلاقات مع أقطار أخرى، وصولا إلى الدور المحوري الذي اطلعت به الدولة المغربية منذ تأسيسها في هذا المجال من خلال مجموعة من الشخصيات المغربية التي أسهمت في تقريب الثقافة المغربية من العالم عبر الدبلوماسية الدينية مثل العالم الأزهري حسن العطار الذي ساهم في النهضة المصرية وابن بطوطة الذي مارس القضاء في الهند، إضافة إلى محمد بن حسن الوزان الذي وضع اول كتاب للجيو استراتيجيا في التاريخ هو “وصف إفريقيا”.
وأضاف في هذا الإطار أن مدينة فاس التي تحتضن جامعة القرويين كانت تلعب أدوارا كبيرة في الدبلوماسية الدينية أولا باستقبالها لطلبة من كافة الاقطار ومنهم غير مسلمين، إضافة إلى تحقيق إشعاع عالمي للمغرب ولنموذجه الديني والثقافي.
وحول المبادرات المغربية الحديثة التي تدخل في إطار الدبلوماسية الدينية والتي اطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لدعم النموذج المغربي وتصحيح صورة الدين عند الآخر، درج الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج عددا من النماذج مثل تأسيس مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة الموجودة في أكثر من ثلاثين دولة، وكذا المجلس العلمي الأعلى والمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة ومعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات الذي يستقبل المئات من الطلبة الأجانب والذي قال فيه البابا فرانسيس الثاني خلال زيارته للمملكة إنه “يزور هذا المكان الذي يتكون فيه أئمة المستقبل” وهو نوع من الدفاع عن النموذج المغربي المتسم بالوسطية والاعتدال.
وتطرق الدكتور بوصوف إلى مميزات النموذج المغربي الذي يتوفر على خبرة وتجربة في الأندلس وفي افريقيا لمدة قرون وبالتالي يمكنه الإجابة على الإشكاليات المطروحة، معتبرا أنه نموذج منبي على اختيارات مجتمعية متجذرة ومتوافق عليها وليست قرارات سياسية، مما يزكي، بحسب المتدخل، شرعية إمارة المؤمنين ويجعلها قطبا أساسيا في الدبلوماسية الدينية والإشعاع الثقافي خارج الحدود الوطنية كمرجعية دينية روحية وليس كسلطة سياسية تتدخل في شؤون باقي الدول.
وأمام مجموعة من الطلبة الباحثين والأساذة بجامعة سيدي محمد بن عبد الله شدد بوصوف على أن الدبلوماسية الدينية لا يمكن ان تحقق النتائج في وقت محدد بل تعتمد على تغيير الذهنيات الذي لا يمكن أن يكون بقرار سياسي ولكن عبر مسار طويل من البناء والاقناع؛ مبرزا أن المغرب يتوفر على نموذج ديني ملهم تتم الإشادة به في مختلف المحافل الدولية يتصف بالوسطية والاعتدال والدبلوماسية الدينية تقتضي علينا إيصال هذا النموذج الى العالم، وهو ما يتطلب تظافرا للجهود وانخراطا للجامعة عبر البحث الأكاديمي لمخاطبة العالم باللغة التي يفهمها ومواجهة جميع أشكال التطرف والغلو بالاعتماد على العقلانية والمعرفة العلمية.
يشار إلى أن هذه المحاضرة التي سير أطوارها عبد الماليك اعويش، عميد كلية الشريعة بفاس، وعرفت مداخلة ترحيبية وتأطيرية لنائب رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله ابراهيم أقديم، أشرف على تنظيمها ماستر الدبلوماسية الدينية.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.