بورتريه:  علي صدقي أزايكو…الشاعر والمؤرخ والمناضل الأمازيغي

 تخصص في التاريخ وأسس أول جمعية ثقافية أمازيغية بالمغرب

إعداد: رشيد نجيب 

على الشباب الأمازيغي أن يستحضر اليوم كل ما ينتظره من تضحيات ومسؤوليات وواجبات، ويستوعب مجموع ومجمل القيم والمبادئ واستراتيجيات العمل التي وجهت وأطرت عمل  رموز العمل الثقافي الأمازيغي من  أمثال الأستاذ علي صدقي  أزايكو على مستوى السلوك ومستوى التفكير ومستوى المنهج ومستوى العمل والتطبيق. هنا شذرات عن حياة ونضال وفكر أزايكو.

أزايكو… مسار نضالي حافل ومتنوع

الأستاذ علي صدقي أزايكو (1942- 2004)، مفكر ومناضل أمازيغي خارج المألوف، واحد من أبرز المؤسسين للفكر الأمازيغي اللذين قاموا بالتأسيس لنضالية الحركة الأمازيغية بالمغرب. وتبدو بكل وضوح صعوبة الإحاطة بكل الجوانب النضالية والفكرية لدى أزايكو نظرا لأنه لم يكن فقط مناضلا عاديا ولم يكن فقط على علم ومعرفة بالثقافة واللغة الأمازيغية اللتين ناضل وضحى من أجلهما لعقود عديدة، ولكن نظرا لإلمامه ومعرفته بالعديد من اللغات والحضارات والثقافات العالمية باعتبار تعامله مع هذه الأخيرة طيلة مدة طويلة ووفق عناصر في المنهج والتحليل والتناول والدراسة صارمة ودقيقة.

إن الغاية من تقديم هذه المعالم الكبرى أو الشذرات السريعة من حياة وفكر المرحوم علي صدقي أزايكو تكمن في تحصين وصيانة الذاكرة الثقافية والفكرية الوطنية الخاصة بالحركة الثقافية الأمازيغية، من خلال تكريم واحد من أكثر المثقفين والمفكرين المغاربة إخلاصا للثقافة الأمازيغية وإبراز إسهاماته نضاليا وفكريا، ودليل هذا الإخلاص والوفاء يتجسد في ركام من الأبحاث والدراسات والأعمال التاريخية والإبداعية الشعرية والترجمات والمشاركات في الندوات التي أنجزها أزايكو.

يعتبر علي صدقي أزايكو من الرواد الأوائل الذين كانوا وراء انبثاق الحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب، كرس حياته للنضال من أجل القضية الأمازيغية، وأدى ضريبة النضال بسبب التعبير عن رأيه بخصوص المسألة الثقافية بالمغرب لما نشر مقالا تحليليا بعنوان “في سبيل مفهوم حقيقي لثقافتنا الوطنية” في العدد الأول من مجلة “أمازيغ” الممنوعة. كان ذلك سنة 1981، لتتم محاكمة الكاتب سنة بعد ذلك في أول محاكمة ثقافية يشهدها المغرب المستقل.

تافنكولت، مراكش، الرباط

بقرية إيكران ن تاوينخت، قيادة تافنكولت، إقليم تارودانت على قدم الأطلس الكبير الجنوبي، كانت ولادته العام 1942، قضى طفولته بقريته وبين ظهران سكانها الأمازيغ الذين يتداولون أنماطا ثقافية وتراثية أمازيغية مختلفة ومتنوعة، وكان لهذا المحيط بدون شك تأثير كبير في تكوينه الثقافي.

بمدينة مراكش، التحق المرحوم بالتعليم الابتدائي وهو في الثامنة من عمره، ثم بالتعليم الثانوي، ومن طالب معلم بالمدرسة الإقليمية للمعلمين بمراكش إلى طالب أستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط، وطالب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس في نفس الوقت، وفي هذه الأثناء توج مسيرته التعليمية بالحصول على شهادة الإجازة في التاريخ. وقضى الفترة ما بين 1970 و1972 بجامعة السوربون حيث هيأ دكتوراه السلك الثالث في التاريخ بإشراف المرحوم جاك بيرك، وقد نال ديبلوم الدراسات العليا في التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط سنة 1988 بميزة حسن جدا.
تقلد المرحوم أزايكو مناصب عدة في مجال التعليم. وهكذا فقد كان أستاذا بإعدادية إيمي ن تانوت في الفترة ما بين 1962 و1964. وفور حيازته على الإجازة، تم تعيينه أستاذا للسلك الثاني في مادة التاريخ بمعهد المغرب الكبير بالرباط في الفترة ما بين 1968 و1970. وعمل أستاذا بشعبة التاريخ بجامعة محمد الخامس بالرباط. وأثناء إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بمقتضى ظهير أجدير في أكتوبر 2001، عين أزايكو عضوا بمجلس إدارته، وفي نفس الوقت أستاذا باحثا في مركز الدراسات التاريخية والبيئية.
ويعتبر أزايكو شاعرا حداثيا متميزا ذا تجربة شعرية عميقة ، في الشكل والمضمون، أصدر ديوانه الشعري الأول بعنوان “تيميتار” سنة 1988، وهو ديوان يعود إبداع القصائد المتضمنة به إلى سنوات الستينيات والسبعينيات والثمانينيات.

وبالنظر لقوة ومتانة الدلالات الرمزية لإبداعه الشعري، تمكنت قصائده من ولوج فضاء العالمية ولاسيما مع ترجمة الكثير منها إلى اللغة الفرنسية من طرف الكاتب الأمازيغي باللغة الفرنسية محمد خير الدين والباحث الفرنسي Claude Lefébure كل على حدة، كما أن جل إبداعاته الشعرية مغناة من قبل مجموعة أوسمان الغنائية والفنان مبارك عموري. وأصدر سنة 1995 ديوانه الثاني الذي حمل كعنوان “إيزمولن “وهو الذي نال جائزة المغرب للكتاب سنة 1996 بتصويت كل القراء البالغ عددهم أربعين قارئا، والذين قرأوا الديوان، غير أن منظمي الجائزة أنداك كان لهم رأي أخر.

إنتاج علمي غزير

وطيلة مسيرته العلمية، اشتغل أزايكو بالتأريخ للبادية المغربية، والعمل على تاريخ المغرب الوسيط والحديث في جانبه الاجتماعي، وكانت أطروحته الجامعية في موضوع «تاريخ وادي نفيس» بإشراف جاك بيرك، وقام بتحقيق كتاب «رحلة الوافد: لحظات من تاريخ أدرار ن درن أطلس مراكش وسوس في القرن 18» للتاسافتي، وساهم بفعالية وإنتاجية في إنجاز الموسوعة المغربية “معلمة المغرب” التي تصدرها الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر وكان يشرف عليها المرحوم محمد حجي والأستاذ أحمد توفيق ـ صديق الطفولة لأزايكو ـ وكعادته لم تخرج مشاركات أزايكو في مواد المعلمة عن نطاق الدفاع عن اللغة والثقافة الأمازيغيتين وإبراز عبقريتهما، إذ كانت المواد التي ساهم بها كلها تنصب في دراسة الطوبونيميا الأمازيغية ودراسة المؤسسات الاجتماعية والإدارية والقانونية التي ابتكرها الأمازيغ عبر التاريخ. وأصدر أزايكو بحثا قيما بعنوان “الإسلام والأمازيغ”، عن منشورات مجلة تاماكيت الصادرة بأكادير. وعن منشورات مركز طارق بن زياد للدراسات والنشر لسنة 2002 أصدر مؤلفا بعنوان “التاريخ المغربي والتأويلات الممكنة” ضمنه رؤيته للعديد من القضايا في تاريخ المغرب. وعن منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لسنة 2004 صدر له كتاب بعنوان “نماذج من أسماء الأعلام الجغرافية والبشرية المغربية”.

في المجال التربوي، أنجز المرحوم أزايكو بتعاون مع صديقه الأستاذ عبد الغني أبو العزم “المعجم المدرسي الأمازيغي المصور” وهو موجه لتعليم اللغة الأمازيغية للأطفال. وعرفت له العديد من الجرائد والمجلات نشر مجموعة هامة من القصائد والمقالات والأبحاث العلمية، ومنها: أمازيغ- الكلمة (لسان حال جمعية علماء سوس) – أراتن- تايدرين- تيفاوت- البلاغ المغربي- صوت الجنوب- تاسافوت- أوال…

التجربة الجمعوية

جمعويا، أسهم المرحوم أزايكو في تأسيس أول جمعية أمازيغية وهي الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي سنة 1967 وتحمل مسؤولية الكاتب العام بمكتبها الأول، وفي سنة 1974 أسس جمعية ثقافة ومعارف. وأسس سنة 1981 الجمعية الثقافية أمازيغ رفقة كل من عبد الحميد الزموري ومحمد شفيق. وفي سنة 1990 أسهم في تأسيس جمعية «أكراو» رفقة كل من عبد الحميد الزموري، محمد شفيق، عبد المالك أوسادن وغيرهم. غير أن هذه الجمعية حرمت من وصل الإيداع القانوني ورفضت سلطات الداخلية الاعتراف بها حينئذ. وكان المرحوم أزايكو حريصا على دعم مختلف جمعيات الحركة الثقافية الأمازيغية، ولا أدل من ذلك حضوره في أنشطتها .

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد