تبنى المانيا دبلوماسية شبيهة بالولايات المتحدة ومختلفة عن فرنسا واسبانيا، حيث تركز على دول إفريقية ابتداء من الساحل وتهمش نهائيا منطقة شمال افريقيا، رغم دعوات بعض قادتها مثل الملك محمد السادس للمستشارة أنجليكا ميركل لزيارتها.
وتحولت إفريقيا إلى ساحة دبلوماسية نشيطة خلال السنوات الأخيرة من خلال استقبال كبار رؤساء الدول وكذلك عقد مؤتمرات ثنائية تتجاوز القمة الكلاسيكية المعتادة وهي الإفريقية-الفرنسية إلى قمم جديدة مثل القمة الأمريكية-الإفريقية، والقمة الصينية-الإفريقية والقمة الإفريقية-التركية. ويعود هذا أساسا إلى عاملين رئيسيين، الأول ويتجلى في بعض المشاكل التي تشهدها القارة مثل الهجرة والإرهاب، وهي مشاكل محدودة، أما الثاني فيتجلى في استراتيجية هذه القارة للاقتصاد العالمي بفضل الثروات الطبيعية الضخمة التي تتوفر عليها.
وفي هذا الصدد تأتي زيارة المستشارة الألمانية أنجليكا ميركل الى بعض دول إفريقيا خلال العشرة أيام الماضية، حيث بدأت زيارتها من دولة مالي التي تعاني من غياب الاستقرار جراء الإرهاب ثم النيجر وإثيوبيا. وتؤكد الدبلوماسية الألمانية أن الاهتمام بالقارة الإفريقية يدخل ضمن مساعدة القارة على الاستقرار ثم إرساء سياسة التعاون بدل ارتهان هذه الدول بمساعدات غربية.
وتعتبر المانيا بسياستها هذه منافسة لدولة رئيسية في الغرب الافريقي وهي فرنسا خاصة في النيجر ومالي هذه الأخيرة التي تدخلت فيها فرنسا عسكريا لمواجهة القاعدة في المغرب الإسلامي. وكتبت مجلة لوبوان الفرنسية أن سياسة برلين هي أبعد من الاهتمام بالهجرة التي تستقبل مئات الآلاف منها مؤخرا بل هي ذات بعد استراتيجي هام للغاية.
ويبقى المثير في توجه دبلوماسية برلين نحو القارة الافريقية هو تهميشها لشمال افريقيا، فهي لم تزر أي بلد مغاربي الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا بينما ليبيا وضع غير مستقر ولا يمكن أن تزورها، علما أن مصادر دبلوماسية ألمانية تحدثت في البدء عن احتمال ضم موريتانيا لهذه الزيارة، ولكن لم يحدث. وقامت بتهميش شمال افريقيا رغم دعوات جزائرية ومغربية للمستشارة ميركل بزيارتها.
ويبدو أن دبلوماسية المانيا تستوحي من الدبلوماسية الأمريكية، حيث زار رؤساء أمريكيون من جورج بوش الأب مرورا ببيل كلينتون وجورج بوش الإبن والرئيس الحالي باراك أوباما القارة الافريقية مرات عديدة ولكن دون الالتفات الدبلوماسي لمنطقة الشمال الافريقي,.
ويبدو من خلال هذا التهميش فقدان المنطقة لثقلها الاستراتيجي خلال العقد الأخير، وقد يكون هذا مرتبطا بالنزاعات بين أعضاءها وخاصة المغرب والجزائر، حيث عادة ما تطالب الدولتين بأن تكون الزيارة لكل واحد منهما خاصة وليس ضمن جولة، وهو ما ترفضه الكثير من الدول الكبرى.
في الوقت ذاته، يقتصر الاهتمام الدبلوماسي الألماني على المغرب والجزائر وتونس من خلال مطالبة هذه الدول بضرورة قبول مهاجريها الذين هاجروا إلى المانيا بطرق غير قانونية خلال الثلاث سنوات الأخيرة.
التعليقات مغلقة.