بعد مغادرته السجن .. محمد الوحداني وسؤال المرحلة القادمة
يغادر المناضل الباعمراني محمد الوحداني السجن نهاية نونبر 2015، بعد أن قضى سنة كاملة وراء قضبان وجدران اقتيد اليها بغير حق، لأنه فضل رفع صوته عاليا، رافضا و فاضحا لوضع اجتماعي واقتصادي وثقافي لا يرضاه أحد لوطنه وقبيلته، إلا من يجد ضالته فيه وولف أن يقتات من دماء الفقراء و المهمشين كدراكويلا العصر الجديد. وعكسهم تماما فضل محمد الوحداني الوقوف الى جانب المظلومين بدل الإنسحاب والإنعزال في معركة الحق ضد الباطل، فما فتئ يصرخ ويكتب ويراسل كل الجهات المعنية بشؤون البلاد والعباد بالحجة والبرهان والدليل والأمارة، كاشفا المستور والمسكوت عنه في تسيير إقليم ايفني، وبسرعة فائقة جاء الجواب عنوانه، من السجن الى السجن.
إذن أضحى سؤال محمد الوحداني والمرحلة القادمة سؤالا مشروعا، أمام تجربته النضالية الميدانية بإيجابياتها وسلبيالتها بنجاحاتها وإخفاقاتها، وتجربته السجنية بالامها ومحنها و دروسها و عبرها، و تجربته المسؤولاتية المجهضة المثمتلة في رئاسة بلدية أيفني، فبلا شك ستكون ولدت لدى الرجل منظور و رؤى جديدين في التعامل مع المنطقة ساكنتها ومطالبها وكل ما يجري فوقها، خاصة وأنه وطني منتمي الى الجماهير يحس بها وينفعل معها، خلق برفقتها تاريخا لا ينكره إلا جاهل أو جاحد، فهل ستكون نخب وجماهير أيت باعمران في موعد مرحلة ما بعد إطلاق سراح محمد الوحداني؟
سيعانق محمد الوحداني الحرية غدا، أو على الأقل حرية لقاء العائلة والأصدقاء والتجوال و بعض ما تيسر من ديمقراطية بلدنا الغالي، ومعها يطرح سؤال أي خيار لمحمد الوحداني بعد مغادرة زنزانته المشؤومة، أكيد أن كثيرون يطرحون نفس السؤال ولا يملكون الإجابة، ولكن أغلبهم مجتمعون على أن أسير أيت باعمران ناضل وضحى، اعتقل، استنطق وسجن لأكثر من مرة دفاعا عن أيت باعمران، وبذلك يكون قد دخل تاريخ المغرب عامة والباعمراني خاصة من بابه الواسع، وهي القوة التي نرى أن الوحداني يمتلكها دون غيره. فهل تعمل النخب الباعمرانية على استثمار قوة الرجل و ايمانه العميق بضرورة تحقيق تنمية حقيقية وعلى كافة المستويات في بلاده، لتحقيق اجماع تاريخي نبني به مستقبلنا متجاوزين نزعة حساسية الإنتماء السياسي طبيعة ونوعية التكوين الفكري، هاته النزعات التي تجعلنا متباعدين وممزقين مما يضعف ويحد من فعالية معركة التنمية التي تتطلب أن يكون لأيت باعمران جسم جمعوي حقوقي و تنموي قوي ورصين لن يزعزع أمام ما ستأتي به الأيام مرة أخرى من ضربات، وأكيد أن الضربات القادمة ستكون أقوى مع تنامي أطماع النهب والترامي على أراضي القبائل من قبيل المطار والواجهات البحرية وغيرها مما يسيل لعاب الإقطاعيين ومن يسير في فلكهم من سماسرة ومافيا.
فكما قال الشاعر:
محمد الوحداني إذن نموذج المثقف الذي اختار صف الإلتصاق بالجماهير جنبا الى جنب، ولم يقوقع نفسه في أبراج عاجية، ولذلك أدى الثمن غاليا، كما سجل التاريخ أنه لم ينجرف أمام أية موجة أيديولوجية حزبية كانت أو غيرها، تجعل منه ورقة للمساوامات والمزايدات السياسوية، فايديولوجيته الحقة هي اعادة الاعتبار لأيت باعمران تاريخيا اقتصاديا اجتماعيا وثقافيا حتى تخرج من بحر الظلمات التي تتقادفها امواجه الهيجاء زهاء نصف قرن من الإستقلال.
إن للأمال في أنفسنا……لذة تنعش منها ما ذبل
لذة يحلو بها الصبرعلى……غمرات العيش والخطب الجلل
أم نترك محمد الوحداني يحزم أمتعته ويجمع حقائبه، ويحرق مذكراته، ويغير إسمه، و يغادر الى وجهة مجهولة، يولد فيها من جديد، يرى فيها أحلاما جميلة راودته في سانتاكروز ديمار بكينيا، فمن يدري إن كان ذالك أفضل له.
عبد النبي إدسالم
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.