بعد الطحن.. الإخوان يتحدثون عن الرصاص والفتنة

احمد نشاطي
احمد نشاطي

بقلم احمد نشاطي //
هذا ما يريده الإخوان المسلمون لنا وبنا في المغرب: أتباع كالقطيع بالطاعة والخضوع، وطحن مكين بلا حدود ولا أساس ولو بالرصاص… ومن أجل ذلك، يصدرون الفتاوى بالابتعاد عن الاحتجاج، ليزايدوا به على الأمن والاستقرار، ولذلك سلطوا كتائبهم بمواقع التواصل الاجتماعي تحذر من الفتنة، بكثير من الصور والشعارات والتعابير البئيسة، تكشف أن هذه الكتائب غير مهيأة لمثل هذه المهمة الجديدة، التي أسندت إليها على عجل، إذ ظهرت تدخلاتهم بليدة بلا إتقان، فهم لا يبدعون إلا في تلويث أشخاص بعينهم وهيئات بعينها، وإلا في التهديد والوعيد… كثير من الفايسبوكيين “عاقوا بيهم”، وآخرون لم يستطيعوا الربط، لكنهم سرعان ما سيعرفون صنيع وصنائع الإخوان المسلمين على الشبكة العنكبوتية، خصوصا مع توالي الاحتجاجات، والمظاهرات، بالتزام تام بالسلمية، وفي إطار المطالبات بالذهاب بالتحقيق إلى أبعد مداه، ومحاسبة المسؤولين عن هذا الحادث المأساوي…
وفيما يخرج سياسيون وحقوقيون وفاعلون مدنيون ومواطنون عاديون من أجل الدفاع عن الكرامة والعدالة الاجتماعية ومواجهة الفساد والاستبداد، يشرعن الإخوان المسلمون الظلم والحكرة، والطحن ولو رميا بالرصاص…
أصلا، هذا هو عنوان تلك العقود البائدة في البلاد، وهؤلاء يريدون اليوم أن نعود إليها، قمع وبطش وفساد، وظلم وحكرة واستبداد، أمس بادر عبد الإله بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إلى مصادرة حق الأتباع في الاحتجاج ضد “الطحن”، واليوم يأتي سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني للحزب إياه، ليُشرعن هذا “الطحن”، وقال إن الحادث مؤلم، وإن مثل هذه الأحداث المؤلمة تحدث في كل أنحاء العالم وليس فقط في المغرب، ليشدد، وهنا بيت القصيد، على أن أمريكا من أشهر الديمقراطيات في العالم، ويُقتل فيها السود رميا بالرصاص!
بلغة الفقه: هذا كلام باطل، وبلغة الفلسفة: هذه هرطقة، وبلغة القانون والسياسة معا: هذا برنامج للحكم يقوم على شرعة طحن المواطن، بكل الأشكال الممكنة والغير ممكنة، وما دام السود في أمريكا يُقتلون رميا بالرصاص، فلا يجب على المغاربة أن ينفخوا في القضية، ويبالغوا في الاحتجاج، ويجعلوا من الحبة قبة، فعادي أن يُطحن مواطن مغربي في شاحنة للنفايات، وعادي قمع الناس والبطش بهم، وإذا لم تكفهم العصي والهراوات، فهناك الرصاص، ولم لا “نقتلوا امّهم بالمدافع وبالميترايات من الهيليكوبتيرات…”!
أليس هذا ما فعله الجنرال الدموي أوفقير، مثلا، بجماهير شعبنا في انتفاضة 23 مارس 1965، واستشهد في الدارالبيضاء وحدها نحو ألف مواطن بين أطفال تلاميذ وعمال ونساء وشيوخ؟!
في عهد حكومة الإخوان المسلمين تلظى الشعب بكل المحن، بالزيادات المتصاعدة في الأسعار، بتجميد الأجور، بتبذير أموال الدولة في السفريات والطائرات والحفلات والمهمات فيما يتبعون الفئات المستضعفة بالأمر والنهي أن: “زيروا الصمطة زيروا الصمطة”!!!
في عهد حكومة الإخوان المسلمين، أطلقوا علينا أصحاب اللحي من شيوخ الفتنة، ليدخلوا ويخرجوا فينا بالدعاء بالويل والثبور وبرفع النفير بالتحريض والتكفير… ويلعنوا ماركس وإنجلز ولينين وماو والزنديق السفاح تشي غيفارا، ويعتبروهم آباء العلمانية، ثم يدخلون في لعن أب وأم العلمانية، مع قاموس سباب غير مسبوق في “بني علمان”، ويمكن أن تراجعوا صفحاتهم وفتاواهم وتعليقات أتباعهم وغلمانهم على مواقع التواصل الاجتماعي…
ليس لدينا أي مشكل مع اللحية أبدا، فهناك فرق بين لحية ولحية، بين لحية شيخ تكفيري من تجار الدين، وبين لحية أحد أعمدة النضال التحرري، من قبيل تشي غيفارا، الذي ترك لنا وصيته الثمينة: “كونوا قادرين دوما على الإحساس بالظلم، الذي يتعرض له أي إنسان، مهما كان حجم هذا الظلم وأيا كان مكان هذا الإنسان…”. أو من قبيل عريس الثوار، محمد بن عبد الكريم الخطابي، الذي أوصانا بأنه “إذا كانت لنا غاية في هذه الدنيا فهي أن يعيش كافة البشر، مهما كانت عقائدهم وأديانهم وأجناسهم، في سلام وأخوة”، وليس مثل الوصايا الإجرامية لفقيه الجريمة ابن تيمية، الذي ليس على لسانه وفتاواه إلا القتل والقتل والقتل…
هذا الشعب الأبي لا يريد لا فتنة ولا قتلا ولا تكفيرا ولا ذبحا ولا قطع رؤوس ولا حرقا، هذا الشعب لا يريد من يصادر له الاحتجاج ولا من يستل في وجهه خطاب الرصاص، هذا الشعب يريد حكومة توفر له الحماية من المضاربات والحيل والمناورات والزيادات اللامشروعة في الأسعار، هذا الشعب الذي تصالح مع تاريخه، وتجاوز سنوات الرصاص، يريد مصالحة أخرى مع الكرامة والعدالة الاجتماعية ولا يريد الظلم و”الحكرة”…


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading