سيرا على عادتي خلال السنتين الماضيتين، شاهدت الحلقة الأولى من الجزء الثالث من المسلسل التلفزيوني الناجح شعبيا “بابا علي” على القناة الأمازيغية، مباشرة بعد وجبة الفطور.
ولعل أهم ما أثار انتباهي هو طبيعة الألبسة التي استعملها الممثلون، خاصة الرجال والأطفال، حيث يظهر أنها لم تخضع لأي دراسة قبلية. فالملابس في الإنتاج السينمائي ليست فقط أزياء يحملها الممثلون، بل إنها تحمل من الخطابات والأفكار والتمثلات ما لا يقال شفويا، وتؤتث فضاء التصوير وتؤثر في المشاهد بشكل كبير.
وهذا ما يجعل مخرجي الأفلام خاصة ذات البعد التاريخي يولون اهتماما كبيرا لطبيعة الملابس وشكلها وألوانها، وقد يتطلب منهم ذلك شهور ا عديدة من البحث في تاريخ الملابس، كي تنسجم وطبيعة الموضوع المطروح. ولنا في تجربتي “عمر المختار” و “الرسالة” خير أنموذج للعمل الذي يجب القيام به على مستوى إختيار الملابس.
لا أستطيع الحسم في الخلفية المؤطرة للمكلف بالملابس في مسلسل “بابا علي”، لكن الأكيد أنها غير مستوحاة من اللباس المحلي المغربي/الأمازيغي.
صحيح لا نتوفر على تسجيلات قديمة أو صور تسمح لنا بمعرفة لباس المغاربة قبل القرن العشرين، لكن ما حفظه لنا الأرشيف الفرنسي يسمح بصنع ألبسة تقترب من لباس الأمازيغ في القرون الماضية.
أما الأطفال فبدل الغطاء الموضوع على الرأس، كان بالإمكان الاشتعال على تسريحة الشعر التقليدية، إما بالحلق الكلي للشعر، وهو معروف لدينا، أو استثمار “أزاك”، الذي لازال بعضنا يحتفظ بصوره صغيرا.
ومن أغرب المشاهد في بابا علي علاقة باللباس، نقاء الألبسة وجودة البلغة الحمراء، وكأن الممثل يتوجه لصلاة العيد، بدل أن يكون هاربا في الغابة يتصيده الأعداء.
أما طريقة تقديم أفراد العصابة وهيأتهم، فهي بعيدة كل البعد عن الصورة التي يمكن أن يكون عليها قطاع الطرق في المجتمع المغربي.
إذا كان نجاح مسلسل “بابا علي” على المستوى الشعبي باهرا، فإن الصورة التي سيتركها لدى المتفرج وطنيا ودوليا على مستوى اللباس بعيدة كل البعد عما كان عليه لباس الأمازيغ في قبائلهم قبل تأثرهم بالعصرنة الغربية.
فنحن لا نعرف قبيلة قريش إلا من خلال ألبسة فيلم “الرسالة”، ولا نعرف لباس الليبيين المقاومين إلا من خلال فيلم عمر المختار. ونتمنى أن تكون أفلامنا ومسلسلاتنا، خاصة ذات البعد التاريخي، خير سفير لنا في بيوتات من لا يعرفنا.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.