ايها الرئيس الجزائري متى ستقطعون أنبوب الصراخ والعويل

بقلم يوسف الغريب

بكل صدقٍ.. غامرتنا أحاسيس الفرحة والحبور لحظة توقيعك لبيان رئاسي يحمل قطع أنبوب الغاز المعلوم.. لأننا اعتقدنا حينها أن آخر ما يربطنا مع نظامكم قد ولّى وانقطع.. و تستريح أذننا من هذا الضجيج المزعج القادم من مكبرات أبواقكم الدعائية.. و تصريحات مسؤوليكم الغوغائية..
لكن للأسف لم تدم فرحتنا سوى يومين..فبعد قطع الأنبوب لم ينقطع الصراخ والعويل والنباح.. عبر بيان رئاسي جديد يتوعد بلدنا بالرد جراء قتل ثلاث مدنيين عزل إثر هجوم وحشي من طرف الدولة المحتلة ( لي هما حنا)
قبل التفصيل ومن حيث الشكل
كل بيانات الإدانة وبهذا الجحم الدولي لا تكتب بلغة الإنشاء واسلوب ذغذغة العواطف وبدون مقدمات طللية ذات الصلة باحتفالات عيد الثورة والشهداء.. فالمسألة داخلية وليس عيدا للبشرية جمعاء..
ثانياً :
يتمّ تشخيص الحدث (الإجرامي) بتحديد المكان والنقطة بالضبط وهو متوفر بشكل عادي عبر السيد ( غوغل)
وهي الغائبة في البيان الرئاسي بإستعمال كلمة بين ورقلة وموريتانيا..
ثالثا :
يتحدّث البيان عن فتح تحقيق في الحادثة من نتائجه أنها تشير إلى هجوم المغرب على الحافلتين.. ولا تؤكد ذلك..
والفرق كبير بين تحصيل أدلّة مادية.. وبين احتمال وافتراض أدلة وهميّة.. هي نفس الضبابية التي حدّدت المكان بكلمة ( بين) ورقلة وموريتانيا وانعكست بشكل واضح لدى إدراة تحرير جريدة الشروق الجزائرية التابعة للجنيرال شنقريحة وهي تعدّل صيغة الخبر على صفحتها بالفايس بوك 15 مرة خلال 25 دقيقة بالعودة إلى تاريخ التعديلات التي يتيحها موقع التواصل الاجتماعي، قبل أن تضطر أخيرا إلى القول بأن الأمر تم داخل الصحراء لا داخل حدود الجزائر ولا داخل حدود موريتانيا
ولعل مصدر هذا الإرتباك هو رفض موريتانيا السكوت على الإشاعات المتداولة حول مقتل الضحايا الجزائريين داخل أراضيها بعد استهدافهم من طرف الجيش المغربي، ببيان رسمي صادر عن المؤسسة العسكرية الموريتانية أمس الثلاثاء..فالقول بأن الضحايا قتلوا داخل الصحراء، أي عمليا داخل المنطقة العازلة خلف الجدار الأمني، يعني تلقائيا أنهم ليسوا مدنيين، بل عسكريين وأن المنطقة أصبحت ساحة حرب حسب وكالة الأنباء الجزائرية وبنشرة خاصة ببلاغات القصف والدك لتخندقات العدو المغربي وجدار العار..
هي ليست طريق آمنة حسب وكالتكم الإخبارية الرسمية.. فماذا تفعل القوافل التجارية هناك..
هي أسئلة لن يجيب عنها البيان الرئاسي بالمرة. وكأنّه يبحث عن ذريعة للانتقام من موت اللواء “جمال بوزيد”، الذي نعاه الرئيس الجزائري و قائد الجيش و تطرقت لرحيله وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية دون أن تذكر الأسباب الحقيقية و لا حتى ظروف وفاته التي قيل بأنها بسبب مرض كان يعاني منه.. علما أنّه سقط في الهجوم الذي تعرضت لها قافلة عسكرية صحراوية – جزائرية، مزودة بعتاد حديث و مكونة من سبع عربات، كان بينها شاحنة عملاقة لمنظومة الانتسير S1 الروسية مع فريق كامل من الخبراء الجزائريين،..
كان ذلك قبل يومين من اجتماع
مجلس الأمن الأخير.. وحسب مصادر إعلامية متعددة فإن السبب الحقيقي لتأجيل الاجتماع عشية الأربعاء يعود بالأساس إلى خلق توازن ردعي على الساحة الحربية هناك..
لكن الجيش المغربي لم يترك الفرصة تمر دون تطهير المنطقة من كل ما يشوش على أمننا وطمأنينة وطننا..
هذا هو السياق العام لسيناريو الحافلة التجارية.. لبلد يعيش على حافة الإنهيار ومعزول دوليا ومنهزم دبلوماسيا وعاجز عن عن تنفيذ التزاماته وتعهداته مع شركائه ذات الصلة بالغاز الطبيعي..
وكأي منهزم.. حين لا يرضى بالهزيمة.. يحاول خلط الأوراق بالذهاب إلى الفتنة ودق طبول الحرب عبر البيانات والمنصّات الإجتماعية لا غير… وقد انطلقت قبل قليل..
لأن الدولة التي تصدر بيانا رئاسيا لاستيراد البطاطا بشكل استعجالي لا تملك نفس حرب لمدة نصف ساعة دون أن تنهار كليّا..
أوقفوا الصراخ والعويل المسعور
فنحن ما زلنا نحلق عاليا بعد منع طائراتنا..
وما زالت مدننا تشع نورا وخضرا وجمالا.. بعد قطع الأنبوب..
فمتى ستقطعون أنبوب الصراخ والعويل
فقد جعلتم من الجزائر أكبر سوق عالمي للكذب والبهتان.


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading