ايدوي بلينيل صحفي فرنسي من اصول كاريبية ولد في 31 غشت 1952 وانتمى للتيار التروتسكي اليساري الى غاية منتصف السبعينات ، عمل صحفيا في جريدة عصبة العمل الشيوعي الفرنسية قبل ان ينتقل للعمل في لوموند الفرنسية سنة 1980 حيث عمل مديرا للتحرير من سنة 1996 الى 2004 قبل ان يغادرها بعد ان انجز كتاب تحدث فيه عن بعض اسرار لوموند الفرنسية الذائعة الصيت . حققت الجريدة ارقام مبيعات استثنائية في عهد ادراته للجريدة واصبح اسم ايدوي بلنيل مزعجا للحكام والسياسيين مما اخضعه لتحقيات واستدعاءات ومحاكمات مختلفة ومتعددة . اسس سنة 2008 جريدة الكترونية مختصة في التحقيقات المثيرة و المشمولة بطابع السرية في ملفات كبرى وحققت MEDIA PART نجاحات كبرى ولا تزال تؤثر بشكل كبير في المشهد الاعلامي والسياسي الفرنسي والاوروبي عموما. صحفي متميز بتحقيقاته المشهودة والمؤثرة في الحياة السياسية الفرنسية ، من اخر تحقيقاته المثيرة للجدل هي المعلومات التي كشفها مؤخرا عن تقاعس الساسة الفرنسيين الماسكين بزمام الامور في الايليزيه عن التصدي بما تقتضيه المرحلة في مواجهة وباء كورونا ، تحقيق صحفي من شانه ان يزعزع اركان الرئيس الفرنسي ماكرون ومن معه في دفة الرئاسة والحكومة. تحقيق اثبت بان فرنسا الرسمية كانت اخر بلد اوروبي يغلق اجواءه الجوية مع الصين مهد وباء كوفيد 19 كما ان التحقيق الذي اجراه الصحفي الفرنسي ايدوي بلنيل حول تملص وزير الصحة وتلكؤها في تجهيز المستشفيات وفي توفير الكمامات الضرورية بالاعداد الكافية ، كما ان التقرير تطرق الى فضيحة اجراء انتخابات بلدية في عز الازمة الوبائية وخلص التقرير المثير الى ان الدولة الفرنسية الرسمية فضلت الاقتصاد والانتاجية والارباح المالية على صحة المواطن الفرنسي وهذه خلاصة كافية لوحدها لتدين السياسات العمومية الفرنسية في مجال تدبير الازمات الوبائية.
ايدوي بلينيل صحفي مستقل و متمرن وذو شبكة علاقات قوية وممتدة داخل دواليب الدولة الفرنسية وخارجها، لذلك وضع هاتفه تحت المراقبة لمدة كبيرة منذ الثمانينات والتسعينات واتهم بالعمالة تارة للروس وتارة اخرى للامريكان . مواقفه متميزة من عدد من القضايا الخلافية في فرنسا فهو مدافع شرس بدون هوادة عن الاقليات الدينية واللغوية والثقافية كما انه من مناصري المهاجرين ضد الحملات الاعلامية التي تقوم بتشويههم . اصدر كتب عديدة حول التربية والاعلام والسياسة ، يعتبر كتاب من اجل المسلمين الذي الفه ، كتابا ترافعيا ضد الافكار الجاهزة والنمطية التي تستهدف المسلمين في فرنسا حيث جابه بشجاعة الحملات الاعلامية التي يقودها اليمين المتطرف ممثلا اساسا في الجبهة الوطنية بقيادة لوبين الاب والبنت وبعض المثقفين من امثال الان فينكلكروت صاحب كتاب الهويات الشقية او المؤلمة وفورست وليفي … و اخرون ضد المسلمين المتهمين دائما بالارهاب و الاساءة لقيم الحداثة الغربية. كما هاجم الصحفي هيرفي بلينيل ،ساركوزي وسياساته التمييزية والعنصرية ضد المهاجرين المسلمين تحديدا من اجل دغدغة عواطف الفرنسيين ودفعهم للتصويت عليه في الانتخابات :” اما اليمين الجمهوري فقد ادرك بدوره القدرة الاستقطابية للخطابات التي تخلط بين قضايا الهجرة والانحراف والعجز عن الاندماج والتنافر الحضاري والاسلام.فبعد خطابه في دكار سنة 2007 والذي تجرا فيه على الاعلان دون ان يرف له جفن بان الانسان الافريقي لم يدخل التاريخ بما يكفي ،عاد نيكولا ساركوزي سنة 2012-من خلال خطاب غرونوبل- ليعزف على الوتر الذي يذغذع احاسيس العنصريين ،املا في استقطاب اصواتهم في الانتخابات التي كانت على الابواب “[1]
وقد كانت ميديا بارت سباقة في كشف العلاقة “المشبوهة” التي جمعت ساركوزي عندما كان وزير داخلية فرنسا و العقيد معمر القذافي و تطورت التحقيقات الصحفية المثيرة فيما بعد لتكشف عن دعم مالي غير قانوني بمليارات الدولارات الليبية لدعم حملة ساركوزي الرئاسية .
يعتبر ايدوي بلنيل نموذج الصحفي المؤمن بقضايا الحريات الفردية والجماعية و المتشبع بقيم الديموقراطية و حقوق الانسان في شموليتها لذلك فهو لا يهادن في الدفاع عن مواقفه بكل شجاعة ومسؤولية ويقوم بعمل توثيقي وتحقيقي يمكن ان يحتذى به من كل الاقلام الصحفية المؤمنة بالحقيقة والمحترمة لسلطة الاعلام كسلطة مستقلة لا تقوم للديموقراطية في بلد من البلدان قائمة الا بها . فالمعرفة والمعلومة سلاح بيد المواطن من اجل تكوين رأي عام في صالح القيم الانسانية ، كتابات وتحقيقات امثال يديوي بلنيل تعطينا الامل في امكان وجود اعلام مستقل عن كبريات مختبرات صناعة المعلومات وتوجيه الناخبين نحو الاتجاهات اليمينية والشعبوية المتطرفة التي لا تبني سوى عالم مليء بالاحقاد والضغائن ويعطي مبررات للاقصاء والتهميش ويمهد للحروب .
يقول ايدوي بلنيل:”دفاعا عن كل االلواتي وكل الذين يريد الخطاب المهيمن ان يصهرهم ويحصرهم في عقيدة واحدة ، تحصر بدورها في اصولية ظلامية .تماما كما بالامس ، اعيد اناس اخرون الى ماهية واحدة وتعرضوا للسخرية والافتراء من خلال عصيدة ايديلوجية من الجهل والارتياب والتشكيك مهدت الطريق للاضطهاد.
ان هذا ليس رهانا تضامنيا فحسب،بل رهان الوفاء لتاريخنا وذاكرتنا وارثنا ودفاعا عن المسلمين ،كما يمكن ان يكون دفاعا عن اليهود ودفاعا عن السود وعن الغجر الروم، او ايضا دفاعا عن الاقليات والمظطهدين ، او باختصار – دفاعا عن فرنسا”[2]
في كل المعارك الحقيقية نجد الصحفي المميز يساري الهوى ايدوي بلينيل في واجهة المدافعين عن الحرية والديموقراطية ومحامي الحركات الاجتماعية لذلك نراه مدافع شرس عن اصحاب السترات الصفراء في فرنسا وساند نضالات الشعوب في كل اصقاع العالم ويقول عن نفسه انه ينتمي الى اليسار الثقافي وليس السياسي..
بوبكر أنغير: باحث في قضايا التنمية والديموقراطية وحقوق الانسان /حاصل على دبلوم السلك العالي في التدبير الاداري من المدرسة الوطنية للادارة.
[1] اديوي بلينيل : من اجل المسلمين ترجمة عبد اللطيف القرشي ص 22-23
[2] نفس المرجع ص 48-49
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.