الوطن الآن : حوض الريف.. ذلك السجن الكبير!- عبد الرحيم اريري

 
أرقام صادمة كشفها الدكتور محمد بكاري رئيس جماعة زومي بالريف الغربي في دراسة نشرتها الزميلة «العلم» بتاريخ 21 ماي 2014 حول تبعات المقاربة المغربية بخصوص زراعة الكيف. بكاري بين أن هناك ما يفوق 40 ألف فرد مبحوث عنهم من طرف الأجهزة القضائية والأمنية. وبسبب تهمة الكيف يقبع في السجون حاليا ما يفوق 16 ألف سجين بما في ذلك النساء.
ما بسطه الدكتور بكاري يبرز أن منطقة الريف تحولت إلى سجن كبير. علما أن عدد السجناء المنحدرين من حوض زراعة الكيف (16 ألف سجين) يمثل 27 في المائة من مجموع سجناء المملكة. وهذا الرقم لوحده كاف كي تزلزل الأرض تحت أقدام النخب البرلمانية والحزبية والحكومية. فمن أصل كل 84 مغربيا يسكن في حوض الريف والريف الغربي هناك مواطن مودع بالسجن بسبب الكيف. وهي نسبة جد عالية بالنظر إلى أن المعدل الوطني هو سجين لكل 642 مواطنا. بمعنى أن شبح السجن يطارد ريافة وجبالة سبع مرات أكثر مما يطارد إخوانهم في باقي التراب الوطني. والمثير في المفارقة أن سكان الحسيمة وشفشاون وتاونات ووزان الذين يعيشون بالوسط القروي لا يحصلون من الإنفاق العمومي سوى على الفتات مقارنة مع ما ترصده الدولة بالمجالات الترابية الأخرى.
فإذا كانت حصة الحوض المعني بزراعة الكيف تصل إلى 27 في المائة من مجموع السجناء بالبلاد، فإن عدد سكان هذا الحوض لا يتعدى 4.4 في المائة من مجموع السكان، والنسبة التي يحصلون عليها من الميزانية العامة للدولة لا تتجاوز 17 درهم لكل مواطن في السنة (للمقارنة تصل النسبة بالعيون إلى 12000 درهم في السنة وبالدارالبيضاء تصل إلى 9900 درهم للفرد في السنة). بدليل أن المتجول في بني زروال أو سيدي المخفي أو الرتبة أو تابرانت أو سيدي أحمد أو إساكن أو زومي إلخ… سيقف مذهولا أمام سياسة التواطؤ لتحنيط الوسط القروي بهذه المنطقة وإبقائها داخل «العصر الحجري». وحتى المشاريع الطرقية المهيكلة المفروض أن تفتح الريف والريف الغربي على العالم تم تجميدها من طرف الحكومة الحالية. فلا الطريق السريع الرابط بين الحسيمة تازة يعرف سرعة في الانجاز، ولا الطريق السريع الرابط بين فاس وطنجة عبر وزان تمت برمجته والإعلان عن طلبات عروض لإنجازه ولا الطريق الرابطة بين شفشاون بالمدار المتوسطي (للتلاقي عند نقطة الجبهة) برمج في الميزانية الحالية أو المقبلة.
وحدها بعض الأصوات الشريفة المنتمية لهذا الفريق البرلماني أو ذاك تصدح وتصرخ مطالبة بمراجعة سياسة الدولة في التعامل مع الفلاحين الذين يزرعون الكيف، خاصة بعدما فشلت المقاربة الزجرية والقمعية فشلا ذريعا في ثني الناس عن زراعة هذه النبتة.
فوزير العدل الحالي تبنى ملف السلفيين الذين «فركعوا» المغرب وزرعوا الخلايا الجهادية ببلادنا وأدرج أسماءهم في لائحة العفو بمجرد ما تم تنصيب الحكومة، فهل ستكون له الجرأة لطرح ملف 40 ألف فرد مبحوث عنهم بسبب الكيف وفتح نقاش وطني جاد مع الأحزاب والجمعيات الحقوقية والخبراء لطي هذا الملف طيا نهائيا؟
مصلحة المغرب تقتضي ذلك.

العدد568
عبد الرحيم أريري

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد