الوزير وجميلة.. وتبرير ما لا يبرر.

المرحومة جميلة قد تكون واحدة من بين جميلات هذا الوطن لم يصرّح بهن في صندوق الضمان الاجتماعي رغم تفانيهن في العمل ولسنوات…
لكن الإستثناء في موضوع الفقيذة هي أنّها مشغلة عند محام يتقلّد مسؤولية حكومية.. مكلف بحقوق الإنسان.. الذي يفترض فيه حسب القانون والأخلاق أن يدافع عن حق الجميع بمافيه حق الانخراط الواجب في الصندوق.. لنجد أنْ أول من يدوس على هذا الحق المدني هو الوزير نفسه.. وهنا تكمن خطورة الموقف.. ذات الصّلة بمصداقية المؤسسات الدستورية في البلاد.. فالوضع بهذا الشكل يتجاوز الوزير كشخض ذاتي.. إلى المؤسسة الحكومية وبيان الثقة الذي عبّر فيه عن العمل تحت سقف مشروعنا الديمقراطي الحداثي..
هذا هو الإشكال الحقيقي الذي كشفت عنه حادثة المرحومة جميلة..
ولنعد إلى صلب الموضوع من زاويه الحقيقية.. ومن خلال مارافق ذلك من توضيحات عائلية من جهة.. أو من طبيعة العلاقة بين الوزير والمرحو مة جملية.. حد وصفها بالأبوية… وهي بالفعل كذلك من منظور الحركة الدعوية التى تخضع لهذا الترابية حد الخضوع والخنوع لمشروعهم الفكري والعقائدي الذي لا يؤمن بهذه القوانين الوضعية المدنية..
فالأمر ليس فيه نسيان.. أو تهاون أو اغتصاب حق.. بل هو انسجام مع مشروعهم المجتمعي الذي جاء ليغير جاهلية القرن العشرين.. ( كتاب جدير بالقراءة)..
وغير بعيد ألم يتجاوزوا القوانين الشرعية المنظمة لمؤسسة الزواج بالمغرب.. ألم يؤسسوا بنوكا بأسلوب ( دارت).. ألم يجتهدوا في الترويج للاقتصاد الإسلامي.. والبنوك الربوية.. والطب والتداوي بالأعشاب و وغيرها..
هذه منظومة متكاملة تؤمن ببدائل لكل القوانين المنظمة للحياة المدنية اليوم.. وبكل إنجازاتها ومكتسباتها الحقوقية لصالح الإنسان.. لذلك لا أشك في كون الوزير قد أحسن إلى المرحومة وأكرمها قيد حياتها.. ولا أشك في أن الفقيذة نفسها غير مرتاحة في عملها.. أبداً.. لذلك أعتبر عدم التسجيل أو عدم مطالبتهابذلك.. راجع إلى هذه القناعة العقائدية ذات الطابع الدعوى الرافض لهذه القوانين المدنية.. تماما كالتأمين عن الحياة.. عن الأمراض.. ولعل استحضار تعامل البعض أثناء أزمة الوباء هاته والاقتراحات البديلة ووو. حتي أن هناك من أخرجنا من دار الإسلام..
عموما لوسكت الوزير.. لكان أحسن بكثير على الأقل سيكون منسجماً مع قناعاته وأن اختلفنا معه.. يستحق كل الاحترام..
لكن وبهذه التبرير لما لا يبرر أصلا.. يجعل من الحدث نفسه فرصة أساسية لفتح نقاش عمومي حول تحصين مشروعنا الديمقراطي الحداثي ضد كل من يحاول استغلال هذا الهامش الكبير للحرية والتداول من أجل مشروع انتكاسي وتراجعي عن كل المكتسبات التى انتزعها الشعب المغربي عبر نضالاته تضحياته..
آن الأوان للوضوح والكشف عن الوجوه.

يوسف غريب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد