الهجرة والتجارة عند أمازيغ سوس أو من “تمازيرت” إلى عالم المال والأعمال..

بورتريهات : بقلم الحسن باكريم

مقدمة : يشعر الأمر بفخر كبير سواء كان سوسيا أو من أية جهة في المغرب، وهو يرى مغاربة بسطاء كافحوا من أجل إعطاء النجاح قيمة ثقافية كبرى من خلال نماذج أخنوش وبوفتاس وأيت مزال وعمر التيسير  ومومو الحوس وأمزيل وأسطايب وأكوزال والحاج عابد واللائحة طويلة، هم فقط نماذج من الآلاف من الشخصيات في مجموع المغرب سواء ممن استقروا في مدنه أو من المهاجرين إلى فرنسا وبلجيكا، وغيرهما من الدول، ينفردون بخصائص فريدة في شق طريق الكفاح من أجل نجاح المشروع والانخراط في الأعمال الاجتماعية التكافلية والتضامنية والمساهمة في تنمية قراهم وبلداتهم وبلدهم المغرب. هنا ريبورتاج حول بورتريهات  لهؤلاء الرجال المهاجرين دون ان ينسوا أصلهم قدموا الكثير إلى القبلة التي هاجروا اليه كما قدموا الكثير لبلداتهم الأصلية.

أسباب النزول : كتاب يرصد علاقة “المهاجرين الأوائل من سوس”

ويفتح سؤال المهاجرين السوسيين

صدر عن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كتاب جديد بعنوان “الهجرة إلى الشمال سيرة تاجر أمازيغي”، ويتعلق الأمر بترجمة لكتاب جون واتربوري “North for the Trade : The Life and Times of a Berber Merchant” الصادر سنة 1972، حيث قام بترجمته عبد المجيد العزوزي من الإنجليزية إلى العربية.

ويتناول الكتاب سياق استقرار أمازيغ جنوب المغرب (إسوسييْنْ) في الأوساط الحضرية، خاصة منها الدار البيضاء. ويُعنى الكتاب كذلك بتحليل التغيرات السوسيوسياسية لمغرب القرن العشرين، وعلاقة المهاجرين السوسيين الأوائل بالوسط الحضري، فضلا عن التطرق إلى التحديات الثقافية التي يواجهونها من أجل الحفاظ على هويتهم الثقافية والتعبير عنها، وكدا نجاحهم الباهر في التجارة والاعمال والمال، وفرضهم لثقافتهم وفنهم، التي حملوهما معهم من تمازيرت ( قرى سوس وجبال الأطلس)، وسط مجال حضاري  متعدد ومختلط مع لغة المستعمر ومنافسة مواطنيهم اليهود والفاسيين.

تبعا لذلك، أورد محمد أوبنعل، باحث في علم الاجتماع بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ضمن مقالة له، أن “جون واتربوري يفسر في كتابه نشأة الظاهرة السوسية بتوسع الأحياء الأوروبية، خلال فترة الحماية، بكل من طنجة والدار البيضاء، ثم تزايد المستهلكين المأجورين بما في ذلك المغاربة في الأحياء القديمة والجديدة.

كما أنهم أنشأوا علاقات في البداية مع تجار الجملة اليهود، ليضمن هؤلاء توزيع منتوجاتهم بفضل تجار التقسيط السوسيين؛ بل إن بعضا من كبار التجار السوسيين أصبحوا تجار جملة، ليهيمنوا بذلك على جزء من توزيع المواد الغذائية وغيرها”،

في هذه البورتريهات التي لا تنفد إلى عمق الظاهرة، (وهي طاهرة في حاجة إلى دراسة علمية مبنية على تحقيق أكاديمي والبحث الميداني)، بل ترصد باقتضاب شديد تجربة عدد من رجال سوس هاجروا من قراهم وحققوا نجاحا باهرا في التجارة والمال والاعمال :

الحاج أحمد أولحاج أخنوش: من بيع المحروقات بالتقسيط إلى هولدينك أكوا وافريقيا 

غادر الحاج أحمد أولحاج أخنوش دواره ” أكرض أوضاض” بتافراوت، ترك البيت تحت رحمة صخرة قبعة نابليون لينتقل إلى العاصمة الاقتصادية هناك كان التفراوتيون شرعوا في ترسيخ اقدامهم المالية هناك فتتح أول محل له خاص ببيع المواد البترولية بالتقسيط. تدور الايام فسارت أشغاله بشكل جيد لتصبح في ملكيته سبعة دكاكين. كانت تلك أولى مؤشرات النجاح الذي يبشر بمستقبل زاهر ينتظر ابن أكرض أوضاض.

المستقبل سيتضح أكثر بعد سنوات حينما سيعود إلى أكادير ويؤسس بها مصنعا للرخام. بعصاميته بدأ أحمد أولحاج يخط مستقبله الشخصي حين اعتقلته سلطات الحماية الفرنسية، بسبب تعاونه مع حركة المقاومة، سجن الرجل ودمر مصنعه بالكامل. على نهج نملة تسقط حبتها من الأعلى فتعود لتلتقطها سار أخنوش. وكرر المحاولة بعد خروجه من السجن، رغم أنه وجد أعماله قد انهارت إلا أنه عاد من جديد إلى مجال البترول وأسس صحبة محمد وكريم شركة “إفريقيا”، التي يعرفها المغاربة اليوم بمحطاتها الموزعة على كل الطرق المغربية.

أخنوش الأب سيتجه لاستيراد البترول من الخارج، أول صفقاته الكبيرة، سيستورد عبرها 200 ألف لتر من البترول الخالص من الاتحاد السوفياتي السابق.

واجهته مشكلة التخزين فصنع لها من مخلفات القواعد العسكرية الأمريكية خزانات بسيطة وبدائية، سنة 1974 وبسبب الظروف الدولية سيعيش المغرب أزمة بترولية خانقة فيصبح أحمد أولحاج رجل المرحلة بامتياز، استدعاه القصر الملكي وطلب منه أن يمد مختلف مرافق الدولة بمخزونه من البترول.. الحس الوطني لأخنوش لم ينته بخروج الفرنسيين من المغرب، وخلال المسيرة الخضراء مول المتطوعين بالغاز مجانا،

وقد أفاد انخراطه في العمل السياسي في تطوير مجموعته البترولية التي أصبحت تسمى اليوم “أكوا”، والتي يسيّرها حالياً ابنه عزيز أخنوش، وتضمّ 40 شركة برأسمال يقدّر بخمسة ملايين درهم، تحتلّ عائلة أخنوش المركز الثالث في لائحة أغنياء المغرب، بثروة قدرتها مجلة “فوربس” أكثر من 1.4 مليار دولار.

 

الهجرة والتجارة عند أمازيغ سوس

مولاي مسعود أكوزول: من صاحب دكان صغير إلى صاحب زيوت مكناس و”شيميكولور”

ولد مولاي مسعود أكوزال في دوار صغير يُدعى إفولوسن، وتعني بالأمازيغية “الدِّيَكة”، في بلدة إدا وكنيضيف، وكغيره من أبناء سوس اضطر إلى مغادرة بلدته بحثا عن عمل، فكانت الوجهة مكناس، وهناك كان المُستقرّ، حيث مارس التجارة ثم دخل عالم المال والأعمال من أوسع أبوابه.

ذاق مولاي مسعود أكوزال مرارة اليُتم منذ نعومة أظافره؛ إذ توفي والده وهو لم يتخطّ بعد عتبة السنة السادسة من عمره، ولما بلغ من العمر اثني عشر عاما، هاجر إلى مدينة مكناس، ولم يمنعه يُتمه من أن يشقّ طريقه بثبات ونجاح، وبَنى مجْده لبنة فوق أخرى، سائرا على خُطى والده الذي كان يمارس التجارة، حتى ارتقى إلى مصاف أثرى أثرياء المملكة.

في سيرته الذاتية المعنونة بـ”مولاي مسعود أكوزال رجل من أعلام الجهادين”، التي ألّفها محمد نبرز، يروي مولاي مسعود أنه غادر بلدة إداوكنيضيف، في أوّل سفر له خارج بلدته، يوم 6 نونبر 1946، على متن حافلة تسير بالفحم، استغرقت في قطع المسافة بين أكادير والدار البيضاء يومين كاملين، وكان المغرب حينها يرزح تحت الاستعمار.

بدأ مولاي مسعود أكوزال مشواره المهني في دكان بمدينة مكناس لبيع المواد الغذائية، وكان يهتم ببيع زيت الزيتون بالتقسيط، وفي نهاية الخمسينيات أصبح لديه مجموعة من الدكاكين المتخصصة في بيع زيت الزيتون بالتقسيط والجملة، ثم طوّر تجارته وأسس شركة لإنتاج زيت الزيتون والزيت المخصص للطهي، وحملت الشركة اسم “زيوت مكناس”، عام 1973 تمكن من شراء شركة “ديليكلوز”، ثم شركة “كلين”، وكلتاهما متخصصتان في مجال الصباغة، وفي مطلع الثمانينيات، انتقل إلى مجال تجميد الأسماك، وحصل على قرض مصرفي بقيمة 90 مليون درهم (9.3 مليون دولار)، استثمره في مجال الصباغة، واقتنى شركة “شيميكولور” المعروفة، ليحتكر بذلك قطاع صناعة المواد الكيماوية المستعملة في الصباغة.

الحاج عبد الله الصويري: مول البراد وبطاريات “بيريك” 

المرحوم الحاج عبدالله الصويري المنحدر من قبيلة أيت إحيا بقيادة تنالت إقليم اشتوكة ايت باها، والمنتمي للأسرة العلمية بمنطقته وهو عبدالله بن سيدي محمد اليحياوي الأقاريضي .

اشتغل في مجال التجارة بالتقسيط بمدينة الصويرة قبل ان يقتحم عالم المقاولة، لاسيما في مجال النقل والصناعات.  ومن شركات التي أسسها وشغل بها عدد من ابناء منطقته، شركة براد الهلال بطريق مديونة وشركة البطاريات بيريك بعين برجة وشركة لصناديق الخضر بنفس الحي بالدار البيضاء، وأنابيب المغرب بعين السبع، ونقل الهلال الخط الرابط بين الدارالبيضاء وتافراوت عبر طريق الصويرة.

ساهم الحاج عبد الله الصويري في عدة أعمال خيرية بقبيلته وبمناطق مختلفة في بناء المساجد والمدارس العتيقة والمواسم الدينية وشق الطرقات وتزفيتها وتأسيس جمعيات تنموية، نذكر منها المدرسة العلمية الفوكرضية العتيقة بايت إحيا ومسجد “تينغريت” والطريق الرابط بين تافراوت وتنالت ” أملن دار ورتان”، ومشاريع أخرى ومبادرات إنسانية مختلفة لا يتسع ملف العدد لدكرها مفصلة. تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه الفردوس الأعلى

عبد الله أبا عقيل: من الحصان الأبيض وسوبير لوكس إلى مطاحن البوغاز

رحمه الله، لكن طيفه يحضر بقوة كلما جرى الحديث عن الصناعة والسياحة في المغرب، عبد الله أباعقيل، المنحدر من قرية إدا وبعقيل بتافراوت، هو من رواد الصناعة والمشاريع السياحية في المغرب، بل إن تجربته في الحركة الوطنية وحسه الوطني الرفيع دفعاه إلى اقتراح برنامج إنقاذ للوضع الاقتصادي في طنجة الذي عرف تراجعا خطيرا بعد وضع حد لوضعها الدولي، لكن الرجل لم يكن يكتف بالاقتراح، بل أراد أن يعطي المثال فكان أول من انخرط في الصناعة الكهروكيماوية بالمغرب عبر شركة Electrochimie africaine التي خرجت منها البطاريات الجافة “سوبير لوكس” التي دخلت جميع البيوت المغربية على صهوة الحصان الأبيض.

وأطلق بعدها مطاحن البوغاز، وشركة Eurafrique للصناعة الفندقية وأسس الشركة المغاربية للأشغال الكبرى، ذاك مسار رجل أعمال فريد بدأ تاجرا في مدينة طنجة، حيث وصل عدد محلات البقالة التي كان يملكها غداة الاستقلال 160 محلا، لكن الرجل لم يكن منشغلا فقط بالمساهمة في بناء الاقتصاد الوطني، بل كان منخرطا في القضايا التي شغلت الحركة الوطنية إبان الحماية، فكان في الصفوف الأمامية يزود المقاومة وجيش التحرير بالمال وانضم إلى الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال ثم إلى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، رأسمال رمزي لا يفني ينضاف إلى ما تجمع له من سمعة انتقلت إلى أبنائه، مثل طه وعز الدين، الذين تسلموا المشعل من بعده.

الهجرة والتجارة عند أمازيغ سوس

 

إدريس جطو: من تمازيرت إلى  الدراسة في لندن إلى صناعة النسيج ثم إلى عالم السياسة والإدارة

رجل الأعمال السوسي ادريس جطو المعروق بمواظبته على الذهاب بشكل يومي إلى مكتبه حيث يقيم علاقات شخصية مع المئات ممن يشتغلون في مقاولته ‘إذ يحدث أن يتلقى نبأ مرض واحد من العمال أو بلوغ أحدهم سن التقاعد’ يؤكد أحد معاونيه. وقبل أن يعمل مع الحسن الثاني وبعدها مع محمد السادس، كان جطو ابن عائلة متواضعة تمتهن التجارة، ولد الرجل عام 1945، وقسم في صغره الأيام بين مقاعد الدراسة ودكان العائلة.

وبفضل جديته، أحرز منحة لمتابعة دراسته بلندن. وفي هذه اللحظة بالذات اكتشف آفاق صناعات الجلد والنسيج، ولدى عودته إلى المغرب، أطلق مشروعه الخاص، وفي 1981 تم تقديمه إلى الحسن الثاني، إذ أصبح وزيراً للتجارة قبل أن يشغل منصب وزير المالية. وفي عهد الملك محمد السادس سمي وزيراً للداخلية فوزيراً أولاً إثر ذلك، واليوم يشغل رئيس المجلس الأعلى للمحاسبة.

محمد مبارك عزبان: هاجر وعمره 13 سنة، من مساعد تاجر إلى صاحب ماركة عزبان

من خلال استئثاره بحصة 30% من سوق مواد التجميل بالمغرب وصادراته إلى أوربا والشرق الأوسط، يكون محمد عزبان أيقونة للحلم المغربي. ولد عزبان عام 1943 داخل أسرة ‘على قد الحال’ بمنطقة تارودانت، وغادر في سن الثالثة عشر قريته اتجاه مراكش حيث عمل مساعد تاجر داخل محل تقليدي لصنع العطور. وانتهى بأن أصبح بفضل نباهته وحذاقته شريكا لمعلمه لأجل بيع العطور والصابون بالجملة. وفي هذه اللحظة بالتحديد فكر في استيراد منتوجات نصف مصنعة من أوربا كي يهيئها للتوزيع بالمملكة. وقد سارت الأمور بشكلٍ جيد وأسس عزبان شركته بالدار البيضاء، وآلت شساعة أفق الرجل إلى استثماره كل مدخراته، وفي 1970 أطلق خطا للمواد التجميلية ‘عزبان’ ومع النجاح الذي عرفه، تُدار اليومَ أعماله من قبل أبنائه، وإن كان الأب لا يزال ذا كلمة فيما يخص اتخاذ القرارات الاستراتيجية الكبرى، كما يشير إلى ذلك ابنهُ سعيد عزبان، إلى أن توفي مؤخرا بسبب وباء كورونا.

الحسن أمزيل : مـن معالـج كسـور إلـى إمبراطـور الصباغـة

يملك الحاج الحسن أمزيل، وابنه عبد الرحيم، اليوم، عن طريق مجموعتهم «بن حادج إخوان» المالكة لعلامة «صباغات أطلس»، حصة مهمة من سوق الصباغة بالمغرب، بإنتاج معاملهم لخمسة آلاف طن سنويا
فكيف كانت انطلاقة ثرائهم؟ يتبين من كتاب الباحث عمر أمرير، أن مؤسس تجربة ثراء هذه الأسرة هو علي أمزيل المعروف بأطلس، والد الحاج حسن.

ولد حوالي 1880 وتوفي في 1928، وعلى غرار جيله الأول من أبناء مداشر سوس، يغادر مسيد قرية «أداي» بتافراوت، بعدما تعلم فيه القراءة والكتابة، ويقرر صقل موهبته في الحرف اليدوية، بامتهان الحدادة، التي كانت تمنح لممارسيها في ذلك الزمن الغابر، سطوة ومكانة في المجتمع، الذي شرع في التخلي عن الآلات الخشبية لتعويضها بالمعاول والمطارق الحديدية.

في 1901، وبمجرد مرور فترة قصيرة على عقده لقرانه على شابة من الدوار، سيغادر علي أمزيل منطقته، فجرا، دون أن يخبر أحدا بوجهته، تاركا الناس في حيرة التفسيرات، قبل أن تأتيهم أخبار على لسان بعض المسافرين، تشير إلى أن «النعمة» ظهرت عليه، وتجاوزت شهرة مهارته في صنع الآلات الحديدية، حدود منطقة سوس، لتصل إلى الحوز ومراكش، زيادة على «بركته» في معالجة الكسور، قبل أن تنقطع أخباره من جديد.

ويحكي الباحث عمر أمرير، نقلا عن الابن الحاج حسن أمزيل، أن أخبار علي أمزيل، ستأتي من جديد في 1912، حينما التقاه مسافرون من سوس لأداء مناسك الحج، بالحجاز، حيث استضافهم، وأخبروه بوفاة زوجته، وألحوا عليه ليعود معهم إلى المغرب، وفي طريق العودة، حكى لهم عن تجربته لدى أهل الشام والحجاز وفلسطين ولبنان، في الحدادة ومعالجة الكسور وتعليم سكانها أساليب السوسيين في فلاحة وغرس الواحات، وتعلم منهم صنع الصباغات وتلوين الصوف.

وبعودته في 1913 إلى بلدته، سيتزوج من جديد، وبفضل مهاراته المتنوعة، كان له زبناء من النجارين والفلاحين والفقهاء ونساخي الكتب والمصابين بكسور، تمكن بالتعامل معهم من جمع رأس مال، سافر به إلى البيضاء، واقتنى فيها دكانا، بدأ فيه تجارته، التي أقبل عليها الناس، تزامنا مع طفرة عمرانية كانت تشهدها المدينة.

بوفاة علي أمزيل في 1928، سيأتي الدور على ابنه حسن أمزيل، الذي رأى النور في 30 يونيو 1919، ولم يغير كثيرا من مجال اشتغال والده، بتأسيس شركة «بن الحادج إخوان» في 1947، ليكون تاريخ أكبر نقلة نوعية في تجربتهم، إطلاق وحدتهم الثانية لإنتاج الصباغات في 1969.

وبالنسبة إلى عبد الرحيم أمزيل، حفيد الحداد ومعالج الكسور الذي يتولى اليوم مهام المدير العام للمجموعة، مكانة مقاولة أسرته «ضمن رواد قطاع إنتاج الصباغات، ليست نتاج صدفة، بقدر ماهي نتيجة نصف قرن من العمل والتنمية المرتكزة على العنصر البشري»، مضيفا، في معطيات في الموقع الالكتروني للمجموعة أن هذا العنصر البشري، يتمثل في 300 إطار من الرجال والنساء.

ولا تفتخر أسرة أمزيل، فقط، بتطويرها لمصانعها وتزويدها بآخر التكنولوجيات الحديثة التي تمكنها من إنتاج 5000 طن من الصباغة سنويا، وبتوشيح الراحل الحسن الثاني لحسن أمزيل، بوسام ملكي باعتباره «من أعمدة الصناعة الوطنية»، بل أيضا بشهادات الجودة «إزو» والميدالية الذهبية لأحسن رقم معاملات في التصدير، تلقتها الشركة من المجلس الوطني للتجارة الخارجية، أما الرأسمال الاجتماعي للشركة حاليا، فتشير نسخة من سجلها التجاري، إلى أنه يصل إلى 80 مليونا و900 ألف درهم.

حسن الراجي: سلطان الشاي يبيع 50 مليون علبة في السنة (حسن بو وتاي).

توجد أسرة الراجي، المتحدرة من “أكرض أوضاض”، الدوار ذاته الذي ينتمي إليه عزيز أخنوش بتافراوت، على قائمة أثرياء سوس، بفضل منتوجات الشاي، المشروب الأكثر شعبية بالمغرب، والذي تبيع منه أسرة الراجي، لوحدها، حوالي 50 مليون علبة سنويا، في سوق يعرف منافسة شرسة بين حوالي 400 علامة تجارية.
بدايات هذه الأسرة في تجارة الشاي، كانت على يد حسن الراجي، الذي عاش بين 1914 و1996، سليل أسرة وجيهة في تافراوت، بفضل أبنائها من علماء الدين ورجالاتها المقاومين ضد الاستعمار.

وحسب عمر أمرير، تشير المعطيات التي توصل إليها أن حسن الراجي، حل بالبيضاء سنة 1925، قادما مع قوافل التجار، ليلتحق بأخيه بلقاسم، تاجر المواد الغذائية، فحالفه الحظ في الارتقاء سريعا وتكوين ثروة. وتفاصيل حكايته، كما جمعها عمر أمرير، تقول إن مشغله، حينما أراد القيام بزيارة إلى بلدته الأصل، تردد في أمر ترك المحل لمعاونه حسن الراجي، بسبب حداثة تجربته، غير أن هذا الأخير أقنعه، بتمكينه من تلك الفرصة، ولما سلمه المفاتيح، وعلى إثر الأخبار المفرحة التي كان تصل مالك المحل، أطال من مدة عطلته.

وكانت أخبار سطوع نجم حسن في التسيير، تصل أيضا إلى والده، عالم الدين عبد الله الراجي، فقرر مباغتته بزيارة مراقبة إلى البيضاء، حيث وقف على جدية ابنه، وتأكد منها في جلسة جمعتهما ليلا، عندما طرح الفقيه على ابنه ثلاثة أسئلة: “هل تخاف ربك وتستحضره في معاملاتك مع الزبناء؟ وهل تخاف ربك حين تحسب المداخيل بالليل وتكتفي بأخذ أجرتك؟ وهل تخاف ربك حينما تنفق على المحل وعلى نفسك؟ وفيما يقول أمرير، إن الابن لم يكتف بالجواب بالإيجاب، إنما أخرج أمام والده رزمتين من الأموال، واحدة فيها أرباح مالك المحل، والثانية فيها نصيبه، كشف أن الراجي، وبعدما ادخر قدرا من الأموال، افتتح بدوره متجرا خاصا به.

وتتشر بين تجار سوس، حكاية ضربة الحظ الحقيقية التي صنعت مجد آل الراجي، وفيها أن والدهم حسن، غامر حينما عمل بنصيحة تاجر يهودي بالبيضاء، بالعمل على اقتحام مجال الاستيراد من الخارج، عن طريق الاقتراض من البنوك، وهو الاختيار الذي كان تجار سوس الأوائل يتفادونه، واستيراد كميات كبيرة من الشاي. وتضيف الحكاية أن السفينة التي كانت حاملة بكميات الشاي التي وضع فيها الراجي كل أمواله، تأخرت في الوصول إلى المغرب، بسبب معارك الحرب العالمية الثانية، فأصابت الراجي أزمة مالية، خصوصا وأن الأبناك بدأت مساطر استرجاع أموالها منه، غير أن السفينة ستصل أخيرا، بالتزامن مع ندرة شاي في المغرب، فتحولت نقمة الراجي إلى نعمة، عندما جنى أرباحا غير متوقعة في وقت قياسي.

ومنذ ذلك الحين ألصق به لقب “حسن بو وتاي”، وأسس شركة “تمانديس” للاستيراد والتوزيع، وبها كان يستحوذ على 65 في المائة من السوق، بعلامته “العرش”، إلى غاية 1958 تاريخ، تأسيس المكتب الوطني للشاي والسكر، واحتكار الدولة لاستيراد الشاي، فصار حسن الراجي وعائلته يكتفون بإعادة بيعه. وبعد تحرير الدولة للقطاع في سنة 1993، تحولت شركة “تمانديس” إلى “الشركة المغربية للتغذية”، وأصبح يسيرها حميد الراجي، ابن حسن الراجي، فأطلق علامة “سلطان”، التي سيطر بها على حصة 32 في المائة من مبيعات الشاي بالمغرب، وبمواصلته لتحديث شركة عائلته، أطلق علامات جديدة من الشاي، وأخرى راقية وموجهة للمطاعم الكبرى ولخدمات “فن العيش”، قبل أن ينتقل إلى التصدير، الذي يماثل خمسة في المائة من مجموع رقم معاملات الشركة.وبتركيزهم على الإشهار والإعلان واحتضان المهرجانات الفتية والأنشطة الرياضية، مثل “ماراثون الرمال” و”موازين” و”تيميتار”، تفوق آل الراجي على بقية منافسيهم في القطاع، ليتمكنوا، ابتداء من 2010 في توزيع 50 مليون علبة مكن الشاي سنويا.

أحمد أسطايـب: ملـك “القهـوة” من اسمه العائلي خرجت علامة “أسطا”

يوجد أحمد أسطايب، المولود سنة 1945، وأبناؤه على قائمة أثرياء سوس، بصفته المستورد الأول للبن الأخضر بالمغرب من كولومبيا والبرازيل والهندوراس و”كوت ديفوار”، وهو النشاط الذي شرع في ممارسته ابتداء من 1973، عن طريق مقاولته “شركة الصحراء للمقاهي”.

المقاولة المذكورة، تشير نسخة من سجلها التجاري، نشر في احد اعداد جريدة الصباح، أن رأسمالها الاجتماعي، حاليا يبلغ 60 مليون درهم، إذ عرفت تحولات هيكلية، ابتداء من 1998، حينما شرعت المقاولة في توسيع نشاطها، ليشمل التصنيع، بإنشاء وحدة للإنتاج والتعليب، تصل قدرتها إلى 10 آلاف طن في السنة.

وبتوفر أسرة أسطايب، التي اشتقت من اسمها العائلي، علامة “أسطا”، على ست آليات حديثة خاصة بتحميص البن، أصبح بإمكانه أن ينتج خمسة آلاف طن من القهوة في الساعة الواحدة، في بلد يصل المعدل السنوي لاستهلاك القهوة فيه من قبل الفرد الواحد 800 غرام.

هذه الأسرة، المشهورة في منطقة أيت عبد الله الجبلية بتارودانت، تملك 80 ألف نقطة لبيع القهوة ومشتقات البن بالمغرب، ووقعت عقودا حصرية لاستغلال أسماء علامات تجارية إيطالية، مثل “لافازا”، كما أنشأت في 2005 سلسلة مقاه تحت اسم “مونديال إكسبريسو”، تنتشر بأبرز شوارع البيضاء، وواحدة منها بالمركز التجاري “موروكو مول”.

مقاولة اسطايب، التي أنشئت داخل مصانعها مختبرات لتقييم الجودة، وأرست فيها آليات إنتاج أوتوماتيكية، تقوم أيضا بإنتاج أكياس السكر من حجم 10 غرامات، وتوزعها على المقاهي والمطاعم، زيادة على منتوجات الشوكولاتة السوداء ومسحوق الحليب والشاي، وتعد علامة “البلار” من أشهرها.

وزيادة على شركة مقاهي الصحراء، توجد في ملكية الأسرة شركتان أخريان، تجتمعان في النشاط ذاته، وهي “صوديكاف”، التي يبلغ رأسمالها 33 مليون درهم، و”إندوكاف” المتخصصة في استيراد الشاي والتوابل، ويصل رأسمالها إلى 40 مليون درهم.

وبعد تحقيق آل أسطايب، للريادة في قطاع استيراد وإنتاج وتوزيع البن والقهوة، جربوا ميدان الإنعاش العقاري، بتأسيسهم شركة “أسطا إموبيليي”، برأسمال 25 مليون درهم، ومن أكبر مشاريعها العقارية “سيرينا بارك” بمنطقة بوسكورة، الذي سوقت منه الشقة الواحدة بمبالغ تراوحت بين ثلاثة وستة ملايين درهم، بمعدل 14 ألفا و500 درهم للمتر المربع.

ومع كل ذلك لم تسلط الأضواء كثيرا على آل أسطايب، خارج المنطقة التي يتحدرون منها، إلا في السنوات الأخيرة، حينما قرروا، في إطار إستراتيجية التسويق والإعلان لمنتوجاتهم، احتضان الكثير من الأحداث الفنية والرياضية في المغرب، والخروج إلى العلن، بتنظيم مهرجان فني صيفي بمنطقتهم آيت عبد الله، يعرف إيزوران”، ويديره بشكل مباشر، مؤسس “أسطا”، الحاج أحمد أسطايب

الطاهر بيمـزاغ:  مول “الكاشيـر” و”كتبية هولدينغ”

استأثر باهتمام المغاربة، خبر إنجاب امرأة معوزة لخمسة توائم، وتأثر الناس لحال الأسرة، لكن قبل أن تتبلور لديهم أفكار عن طريقة للتضامن وحشد الدعم للأسرة، قامت مؤسسة للأعمال الاجتماعية تحمل اسم “الطاهر”، بما رأته واجبا فاقتنت للأسرة شقة تسع التوائم ووجدت عملا لوالدهم.

وفي الحقيقة، المتكفل بسكن أسرة التوائم، ليس سوى، الطاهر بيمزاغ، مالك هولدينغ “كتبية” لتحويل اللحوم، الذي لم يمر على سطوع نجمه وسط أثرياء سوس، سنوات كثيرة، بعد أن أضحت نسبة 75 في المائة من منتوجات اللحوم المحولة، الموجودة في السوق المغربية، تأتي من مصانعه الموجودة بالمحمدية. بخصوص مسار أسرته، لا توجد معطيات كثيرة، ومن المرجح أن تكون انطلاقتها بالبيضاء، ضمن موجة السبعينات، من تجار سوس بالبيضاء، غير أن الأكيد أن الطاهر ووالده انطلقا بطريقة تقليدية، في مجال الجزارة.

الرئيس المدير العام للهولدينغ، البالغ من العمر حاليا حوالي 50 سنة، لم يكن له حظ في الدراسة، وكان يافعا وبالكاد تجاوز سنه الاثني عشر سنة، حينما شرع في الإشراف على محلين للجزارة في ملكية والده، في بن جدية بالبيضاء، وفي سن العشرين، بدأ انطلاقته في مجال تحويل اللحوم بشراء وحدة صناعية قديمة للتحويل توجد بالمحمدية، تحمل الاسم نفسه، “كتبية”، وكانت مملوكة لمحمد البلغيتي الخنوسي.

معطيات كشفت عنها المجموعة، التي تجوب 500 من شاحنات التبريد التابعة لها المغرب يوميا لتوزيع اللحوم المحولة، تشير إلى أن البداية الحقيقية كانت في الفترة الممتدة من 1985 إلى 1995، تاريخ تحويل شركة عائلية للجزارة إلى المجموعة المجهولة الاسم ”  SAPAK”، لتتخصص منذ ذلك الحين في تحويل اللحوم، وإطلاق سلسلة متاجر للتوزيع.

وفي 2005، سيؤسس الطاهر شركة جديدة، سماها «ديليس فيوند»، متخصصة في جزارة وتحويل لحوم الدواجن، ثم «كازا فيوند» المتخصصة في اللحوم الحمراء في 2006، وأتبعها في 2007 بشركة أخرى متخصصة في تربية المواشي.

وفي النهاية، أصبحت هذه المقاولات، تنضوي تحت مجموعة «كتبية هولدينغ»، التي تتشكل من ثلاثة أقطاب: التربية والجزارة والتحويل، بامتلاكها لـ40 ضيعة لتربية المواشي والدواجن، وسبعة مواقع للإنتاج، فبلغ مجموع العلامات المسجلة باسمها 120 علامة.

الحاج عمر نص بلاصا الحيحي: من بائع البيض إلى مقاول في العقار،

ساهم في إعادة بناء أكادير بعد أن دمرها الزلزال 

وجد عمر التسير “نص بلاصا” نفسه في مواجهة الحياة وعمره لا يتجاوز 12 سنة، كان مجبرا على إعالة أسرته في ما يشبه المعادلة المعكوسة، فاختار تجارة البيض بالتقسيط قبل أن يتحول إلى أكبر «طاشرون» في المغرب.

في أحد دواوير تمنار، «حاضرة» منطقة حاحا وعاصمة الأركان، ولد عمر التيسير، وبدأ عمر حياته في عالم «البيزنيس» بفكرة جهنمية، أعفى من خلالها نساء دواوير تمنار من التنقل إلى السوق، إذ كان يشتري منهن ما جمعنه من بيض، دون أن يسلمهن مقابل البضاعة، لكن الفتى كانت عملته «الكلمة» فأسس علاقة ثقة مع محيطه، وحين يبيع البيض يسلم لمزوديه ما بذمته. هكذا نال الفتى شهرة في منطقة حاحا وأصبح موردا لرزق الكثير من الأسر، مما شجعه على توسيع نشاطه ليصبح في ظرف وجيز بائعا للبيض بالجملة، ومزودا رئيسا لأسواق تمنار وسميمو بهذه المادة الغذائية.

من أرباح عائدات بيع البيض، تفتقت عبقرية الفتى على مسالك أخرى مدرة للدخل، لكن بجهد بدني وفكري أكبر، يتجاوز جمع البيض. فبدأ يبيع الحجر بعد كسره للفرنسيين حين لمس أحد المهندسين الفرنسيين جدية الشاب عمر، واقترح إلحاقه بالشركة التي عهد إليها ببناء طرقات المغرب غير النافع، لكنه كان يفضل العمل بعيدا عن أوامر المشغلين، خاصة في ظل ظرفية سياسية تتميز بصدام بين الوطنيين والفرنسيين. فأسس  عمر مقاولته الصغيرة، واقتنى  عتادا بسيطا وشاحنة وقرر الاشتغال في بعض المشاريع الصغرى، التي يفوضها له أصحاب المقاولات الكبرى، رضي بقسمة ونصيب الزمن، ودخل تدريجيا عالما آخر، خاصة أنه ودع العمل الجانبي بوداع المستعمر الفرنسي للمغرب، حينها آمن أن الفرصة قد لاحت ليساهم في بناء وطن خارج للتو من نفق الاستعمار

في شهر رمضان من سنة 1960 استيقظ المغرب على خبر الدمار الذي ضرب مدينة اكادير، فكانت مقاولة عمر التيسير إلى جانب الجيش الملكي فساهم في بناء مدينة أكادير الجديدة مدينة الانبعاث. بل إنه أنشأ مقرا اجتماعيا للشركة في هذه الحاضرة الجديدة كي يكون أقرب إلى مواقع العمل الذي فتح فيه عشرات الأوراش.

قبل أن تفوز شركة الحاج عمر التيسير، بصفقة بناء الطريق السيار الرابط بين الدار البيضاء والرباط، نالت تنويه الملك الحسن الثاني، بعد أن أنجزت الطريق الرابط بين مراكش وأكادير عبر أمسكرود، وسط جبال الأطلس الكبير، مما فك العزلة على كثير من المناطق التي عانت من ضعف البنيات الطرقية.

لم يكتب لعمر أن يرى نهاية مشروع الطريق السيار، مات قبل أن يتحقق حلم ربط العاصمتين الإدارية والاقتصادية بطريق سريع، لكن أبناءه قرروا استكمال الطريق، قبل أن تقف إكراهات عديدة دون تحقيق أماني ماتت بموت عمر.

على سبيل الختم 

هي حكايات من واقع الهجرة السوسية لرجال عرفوا كيف ينطلقون من لاشيء لصناعة أمجاد مغرب اليوم في التجارة والمال والاعمال، منهم غادر الدنيا ومنهم مازال على قيد الحياة، فكانت بصماتهم حاضرة  بقوة في تنمية قراهم وجهتهم وبلدهم، وليس هذا فقط بل عملوا جاهدين في تكوين أبنائهم وأحفادهم أحسن تكوين، في التعليم العالي، داخل المغرب أو خارجه، والعديد منهم اليوم يحتل مناصب عليا سواء في القطاع العام أو الخاص..وهي حكاية أخرى لرجال ولدوا وفي جيوبهم أموال من تجارة وأعمال آبائهم، هم “جيل من ذهب”، كما سماهم الدكتور عمر أمرير، لازالوا يواصلون بناء مغرب اليوم.

مصادر:

  • كتاب الدكتور عمر أمرير “‘ السوسيون العصاميون بالدار البيضاء” الطبعة الثانية
  • كتاب جون واتربوري “الهجرة إلى الشمال سيرة تاجر أمازيغي”
  • كتاب الدكتور عمر أمرير “قيمة الثقة عند المغاربة..من خلال ذاكرة الحاج الحسن أمزيل”
  • جريدتي المساء والصباح

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading