الحسين بويعقوبي..
من خلال مشاركتي في ندوة جمعية ايمال بالدشيرة في موضوع “الأمازيغية اليوم : أي مسارات؟طرح النقاش حول سبل إنجاح ورش تفعيل القانون التنظيمي للأمازيغية و طرحت كجزء من الإستراتيجية العامة التي يمكن اتباعها إمكانية التفكير في نموذج ناجح على مستوى جهة معينة بامكان تبنيه من طرف كل الجهات المغربية، دون أن يعني ذلك توقف باقي الجهات في انتظار النموذج “الناجح”.
ويعود مرد هذا المقترح إلى تفاوت الجهات المغربية في علاقتها بالأمازيغية، إن على مستوى عدد الناطقين بها وكذا على مستوى الدينامية المجتمعية بخصوص هذا الموضوع ومدى الوعي به. وهذه المعطيات ذات البعد التاريخي والسوسيولوجي والأنثروبولوجي لا تنفي وطنية الأمازيغية واعتبارها ملكا لجميع المغاربة كما ينص على ذلك الدستور نفسه وكما عبرت عنه الحركة الأمازيغية مند عقود في شعار “الأمازيغية مسؤولية وطنية”.
ومن هذا المنطلق فوثيرة تفعيل الأمازيغية في الواقع ستختلف حسب المناطق ومدى وجود بيئة حاضنة لهذا التفعيل. وأخذا بعين الإعتبار لهذا المعطى فيبدو أن جهة سوس ماسة بإمكانها أن تقدم نموذجا ناجحا يحتذى به في باقي المناطق للأسباب التالية:
1. كثرة الناطقين بالأمازيغية بمعدل % 70 حسب الإحصاء الرسمي (2014), ووجود بيئة ثقافية مساعدة من خلال مختلف الأشكال الثقافية الأمازيغية الحية.
2.وجود منتخبون كثر محليا وإقليميا وجهويا ناطقون بالأمازيغية، ويتبنون أو يتعاطفون مع هذا الموضوع وحتى غير الناطقين منهم، يفترض أنهم يفهمون ما يقال شفويا بالأمازيغية، وليس لهم مبدئيا أي اعتراض عليها.
3.وجود دينامية مجتمعية كبيرة من خلال الجمعيات المهتمة بالأمازيغية مند السبعينات من القرن الماضي نتج عنها تطوير الأشكال والممارسات الثقافية التقليدية وإنتاج أشكال جديدة (سينيما وموسيقى ومسرح…)، مع ما رافق ذلك من ظهور مطالب هواتية حول الأمازيغية.
4.وجود شعبة الدراسات الأمازيغية بجامعة ابن زهر بأكادير منذ 2006 وماستر في نفس المجال منذ 2007 وتكوينات أخرى في مختلف الشعب تحضر فيها الأمازيغية موضوعا للبحث، إلى جانب وجود أساتذة متخصصين في الموضوع وينتمون لمختلف التخصصات. وهذه التكوينات هي التي ستوفر الأطر لإنجاح ترسيم الأمازيغية.
5.وجود دينامية مهمة على مستوى الإبداع الكتابي بالأمازيغية في مختلف الأجناس الأدبية وعمل معجمي مهم لتهيىء اللغة في انسجام مع ما يقوم به المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
6.هذه المعطيات أسهمت في جعل تجربة تدريس الأمازيغية على مستوى أكاديمية سوس ماسة متميزة، قبل أن تتأثر بدورها بالسياق العام الوطني بخصوص هذا الموضوع.
هذه المعطيات قد تتواجد في جهات أخرى بدرجات متفاوتة مما يسمح لها أيضا بتقديم نموذج في التفعيل. فالقطاعات الحكومية المدعوة لوضع مخطط التفعيل في غضون ستة أشهر لم تكن تعير الموضوع أي اهتمام وليس لديها أي تصور قبلي مما سيجعل دور المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أساسيا في هذه المرحلة لمواكبة التنزيل كما سيجعل دور المجتمع المدني العامل تاريخيا في هذا الموضوع محوريا لمواكبة هذا التفعيل إما بالإقتراح أو بالمتابعة النقدية وتقديم المشورة.
من خلال هذا التصور، يفرض مجال التربية والتكوين نفسه مجالا استثنائيا يحتاج لقرارات وطنية تسمح بتدريس الأمازيغية لجميع المغاربة أفقيا وعموديا في جميع الجهات، لكي يتمكن المغاربة جميعا بعد بضع سنوات من إعادة تملك هذه اللغة.
التعليقات مغلقة.