النقابة الوطنية للعمال الزراعيين تستعرض الأوضاع المزرية لأكثر من مليون مواطن يكدحون في الحقول والضيعات
أزول بريس – تصريح النقابة الوطنية للعمال الزراعين التابعة للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي بمناسبة الأيام النضالية والتضامنية الوطنية ما بين 16 و23 فبراير 2021
لمواصلة الترافع العمومي على قضايا العاملات والعمال الزراعيين في بلادنا ومن أجل إنصاف هذه الشريحة الواسعة من الطبقة العاملة المغربية تقديرا لتضحياتها الجسام خصوصا في ظل الجائحة التي تجتازها بلادنا، حيث جازف العاملات والعمال الزراعيون بسلامتهم وصحتهم لتمكين الشعب المغربي من غذائه اليومي وتحمل عناء المساهمة الحاسمة في استمرار القطاع الفلاحي مصدرا للعملة الصعبة عندما جفت منابعها الأخرى باعتراف من وزارتي المالية والفلاحة على حد سواء، في شروط استغلال بشع نتيجة لانخفاض الأجور في ظل غلاء كلفة المعيشة وسوء أحوال العالم القروي تحت وطأة التهميش وتوالي سنوات الجفاف؛ في هذا الإطار نقف اليوم في النقابة الوطنية للعمال الزراعيين المنضوية تحت لواء الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي لنعيد التذكير بواقع حوالي مليون و 200 ألف مواطن يكدحون في الحقول والضيعات وفي محطات التلفيف على امتداد التراب الوطني؛ وذلك كما يلي:
- التشغيل، الأجور والمعاشات:
- استمرار العمال والعاملات الزراعيين، العاملين منهم والمتقاعدين وأفراد أسرهم، تحت عتبة الفقر بسبب تدني الأجور والغياب شبه التام للتغطية الصحية والاجتماعية وهزالة المعاشات وانهيار الخدمات الاجتماعية في البادية المغربية.
- استمرار التمييز في الأجور وساعات العمل رغم التزام الحكومة والباطرونا منذ 26 أبريل 2011 بمماثلة الحد الأدنى للأجر الفلاحي SMAG مع نظيره في القطاع الصناعي وباقي القطاعات SMIG، هذا الأخير الذي يزيد بأكثر من 35% عن الأول؛ وهو ما يعدّ استهتاراً خطيرا بنتائج الحوار الاجتماعي وبقواعد المفاوضة الاجتماعية.
- تنامي اللجوء إلى التسريح الجماعي والفصل الفردي للعاملات والعمال بذريعة الأزمة الناجمة عن كورونا خلافاً للتقارير الرسمية التي تقرّ بكون الفلاحة التصديرية استفادت كثيرا من الجائحة.
- تنامي ظاهرة السمسرة في اليد العاملة التي تنحدر أحيانا الى جريمة الاتجار في البشر، على مرأى ومسمع من السلطات المحلية والشغلية والقضائية، وتمدد أخطبوط شركات التشغيل المؤقت غير المرخصة وعدم احترام المرخصة منها لقانون الشغل باعتبارها شركات خدمات مطالبة بأداء SMIG لعمالها وليس
- استفحال الهشاشة في العلاقة الشغلية، وضرب الشغل القار في الضيعات الفلاحية ومحطات التلفيف بدعوى موسمية النشاط الفلاحي، ضدا على واقع وجود أنشطة فلاحية دائمة وعلى وجود عمال يعملون في وضعية “مؤقت'” لدى نفس المشغل لأزيد من عشر سنوات وقد تصل في الكثير من الأحيان الى ثلاثين سنة.
- اللجوء الى الضغط على العمال والعاملات عبر الرفع من وثيرة العمل بشكل يفوق طاقة العامل الواحد وفرض العمل بالقطعة “العطش” وتسريح العمال بدعوى عدم قدرتهم على إعطاء المردودية المفروضة.
- الحماية الاجتماعية وشروط الصحة والسلامة:
- استمرار القطاع الفلاحي على رأس القطاعات التي تعرف انخفاضا مهولا في التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والأقل استفادة من التغطية الصحية الإجبارية. وهو ما اتضح بشكل سافر في ظل الجائحة حيث استفاد عدد قليل جدا من العمال من التعويض الهزيل الذي تم تحديده في 2000 درهم،
- بالنسبة للعمال المصرح بهم إلى حدود شهر فبراير 2020؛ بل صدر بعد ذلك قرار وزارة الفلاحة في أبريل من نفس السنة بحرمان جميع العاملات والعمال من هذا التعويض تكريسا للتمييز وللنظرة الحكومية الدونية للعاملات والعمال الزراعيين.
- ضعف استفادة العمال الزراعيين من التعويض عن فقدان الشغل بسبب الشروط التعجيزية، خصوصا في القطاع الخاص الفلاحي المعروف بالتهرب من الصريح بالعمال لدى CNSS.
- توالي حوادث السير المميتة وتلك التي تنجم عنها عاهات مستدامة في صفوف العاملات العمال الزراعيين بسبب ظروف نقلهم مكدسين بأعداد كبيرة جدا في وسائل نقل لا تليق بالبشر وعلى مرأى ومسمع من قوات فرض تطبيق قانون السير والجولان، و باقي السلطات الحكومية.
- انتشار استعمال المواد الكيماوية في معالجة المزروعات في ظل ضعف المراقبة الطبية والإدارية لمنع استعمال المبيدات المحضورة أو المبالغة في استعمالها وزجر استعمال المبيدات المنتهية الصلاحية، مما يدعو للقلق على صحة وسلامة العاملات والعمال الزراعيين والمستهلكين على حد سواء.
- المفاوضة الجماعية و مراقبة تطبيق قانون الشغل والحريات النقابية:
- تنامي الاعتداء على الحريات النقابية وفي سياق التراجع العام الذي تشهده كافة حقوق المواطنين في ظل حالة الطوارئ الصحية .
- تلفيق التهم للعمال المضربين كعرقلة حرية العمل والضرب و الجرح وحتى بإضرام النار عمدا، لردع النضالات العمالية التي غالبا ما تكون بدافع المطالبة بتطبيق قانون الشغل على علاته أو حماية مكتسبات بسيطة.
- استمرار التحرش الحكومي بالحق في الإضراب والحق في التنظيم النقابي والفصول النادرة التي تدعم حقوق الأجراء عبر السعي لتمرير مشرع القانون التكبيلي للإضراب ومشروع قانون التحكم في نقابات العمال والتعديل التراجعي لمدونة الشغل.
- تملص أغلب مفتشيات الشغل والضمان الاجتماعي وعمالات الأقاليم من واجبها في القيام بمحاولات التصالح وعقد اجتماعات لجان البحث والمصالحة وضبط المخالفات، بذريعة الجائحة، مما نتج عنه تراكم الشكايات الفردية والنزاعات الجماعية وهو ما تؤدي ثمنه العاملات والعمال من حقوقهم الأساسية.
- ضعف أداء جهاز التفتيش الذي أصبحت أغلب تدخلاته صورية بسبب غياب الإطار القانوني الملائم والتحفيزات الكافية ووسائل العمل الضرورية وبعده عن المراكز العمالية، وبسبب فساد عدد من عناصر هذا الجهاز وقلة عدد المفتشين وأطباء الشغل و مهندسي الصحة والسلامة حيث لا يتعدى عددهم الإجمالي في القطاع الفلاحي 37 في مقابل عشرات الآلاف من الضيعات الفلاحية ومحطات التلفيف.
- تراكم آلاف من شكايات العمال وتأخر البث فيها من طرف القضاء حتى تلك المتعلقة بالأجور التي يفترض أن تتم معالجتها بصفة استعجالية؛ وسقوط عدد من الأحكام التي تكون لفائدة العمال في مستنقع “صعوبات التنفيذ” التي تمكن الباطرونا من الإفلات من أداء مستحقات العمال حتى بعد صدور أحكام نهائية لفائدتهم.
- تنامي الاجتهادات القضائية التي تجهز على الفصول القليلة التي تحمي بعض الحقوق الشغلية وتضمن الحريات النقابية والحق في الإضراب.
- نماذج للاعتداء على الحقوق الأساسية للعاملات والعمال الزراعيين في عدد من مناطق البلاد:
لتأكيد وفضح هذه الأوضاع العامة التي تخصّ في أغلبها أزيد من مليون عاملة وعامل زراعي فيما ينطبق كثير منها على عموم الطبقة العاملة في بلادنا، ومن أجل الوقوف عن معاناة و نضالات أخواتنا وإخواننا في عدد من المناطق؛ نجدد عرضها اليوم على الرأي العام الوطني وعلى مختلف الفاعلين وأصدقاء وحلفاء الطبقة العاملة كما يلي:
- في سوس ماسة وبالضبط في إقليم اشتوكة ايت بها: حيث يتبين من متابعة أوضاع عاملات وعمال روزافلور وسوبروفيل و Pepper World وسواس أنهم ضحايا تقصير وتواطؤ السلطات الشغلية والمحلية و القضائية مما جعلهم يعانون مند شهور، أحيانا منذ سنوات، من التشريد الذي طال أزيد من 1700 فردا منهم والحرمان من التعويضات ومن التغطية الصحية، والاعتصام لشهور في ظروف قاسية في مواجهة خطر الجائحة فضلا عن مهاجمتهم في معتصمهم من طرف البلطجية بتحريض من الباطرونا، في غياب أي حماية ودون اعتقال للمعتدين الذي تم تحرير شكايات ضدهم من طرف العاملات الضحايا. ناهيك عن ضرب الحرية النقابية باستهداف مناديب الأجراء والمسؤولين النقابيين بالطرد التعسفي.
- في جهة الغرب حيث يعاني عمال الضيعة التابعة لعطور المغرب ومليح أكري بالقنيطرة وأملاك الدليمي وسيدي الكامل 2 التابعة للأملاك الفلاحية بمشروع بلقصيري من تشريد العمال والتلاعب بالتملص من الاتفاقات مع ممثلي العمال، وتسييد الهشاشة باستمرار عمال في وضعية مؤقت بعد 30 سنة من العمل ومحاولات فرض عقود العمل المحدد المدة على العمال وافتعال المحاكمات وتلفيق التهم للعمال المضربين والتمييز بين العمال بسبب انتمائهم النقابي.
ج- جهة بني ملال خنيفرة: وتحديدا في الضيعتين التابعتين لشركة صوطاكري وضيعات: عمر و شوكبي أكر والحاج سبيل وصفاء العلوي وطارق القباج في كل من الفقيه بنصالح و بني ملال حيث تصر الباطرونا على التحايل لتأبيد عقود الشغل المؤقتة وحرمان العمال من التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
د- في تيداس ولمعازيز بإقليم الخميسات :حيث تشن إدارة شركة عطور المغرب/ الأملاك الفلاحية هجوما شرسا على العمل النقابي وصل إلى حدود الطرد التعسفي بسبب الانتماء النقابي والتهديد المباشر للعمال والتحرش والاعتداء الجسدي على العاملات، كما تصر الشركة على رفض تدويم العمال وتنفيذ الاتفاقات، إضافة إلى التوقيف العمدي والانتقامي للعاملات المرتبطات بضيعة لمعازيز لما يزيد عن عشرين سنة دون التصريح بأيام العمل الفعلية.
- أوضاع العمال الزراعيين في بعض الأراضي الفلاحية المملوكة للدولة التي تم تسليمها للخواص:
كما نعرض بهذه المناسبة واقع العمال الزراعيين في عدد من الضيعات الفلاحية التي تم تفويتها تحت مسؤولية وزارة الفلاحة، للقطاع الخاص في إطار مشاريع الشراكة الفاشلة على أراضي صوديا و سوجيطا والمؤسسات الفلاحية المماثلة ويتعلق الأمر أساسا بالضيعات التابعة لشركات هالسطا (باكيي وكوميز سابقا) ومليح أكري بالقنيطرة وSAAG وأملاك أوملالة وGOLDENEXORESTRADING وجود آكري بسيدي قاسم، وضيعة حوامض تارودانت، وضيعتي السلام وكابي اكرو في بني ملال. حيث يعاني العمال في هذه الضيعات على سبيل المثال لا الحصر من الحرمان من الأجور و الصريح لدى CNSS مع ما يستتبع ذلك من تجويع للأسر وحرمان الأبناء من التمدرس و ضياع للتعويضات العائلية وباقي التعويضات، وغياب التغطية الصحية وانعدام فرص الشغل التي وعد بها المستثمرون في عقود الاستثمار التي وقعوها مع الدولة مقابل حيازتهم لأجود الأراضي الفلاحية المملوكة للدولة.
- مطالبنا العاجلة:
إن الأوضاع المشار اليها أعلاه تشكل لمحة سريعة عن واقع مؤلم يتخبط فيه العاملات والعمال الزراعيون في ظل التجاهل التام من طرف السلطات الشغلية والحكومية عموما، كما يشكل موجزا محينا لمذكرة مطلبية سبق للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي أن وضعتها وذكرت بمضامينها منذ سنوات ورفعت في شأنها آلاف من العرائض لرئاسة الحكومة؛ كما تشكل هذه الأوضاع والمطالب أرضية لنضال يومي تخوضه العاملات ويخوضه العمال الزراعيون عبر ربوع البلاد، وموضوع حملات وطنية سنوية تنظمها جامعتنا دون أن تلقى الآذان الصاغية؛ مما يؤكد الإحساس لدى العاملات والعمال الزراعيين بأن الصمت الرسمي على هذه الوضاع وتجاهلها ليس سوى هدية يومية مستقطعة من خبزهم وعلى حساب كرامتهم، تقدمها الحكومة للباطونا الجشعة؛ وهو ما يستوجب علينا اليوم كنقابة عمالية مكافحة أن نجدد المطالبة بإنصاف العاملات والعمال الزراعيين عبر:
- التعجيل برفع معاناة العاملات والعمال في الضيعات المشار إليها اعلاه .
- برفع التمييز في الأجور وساعات العمل بشكل فوري، تفنيذا للاتفاق على الممثالة بين SMIG و
- حماية حقوقهم القانونية من خلال جهاز تفتيش نظيف وقوي، وتصعيد الجزاءات ضد منتهكي حقوق العمال ثم عبر قضاء نزيه ومستقل يردع الاعتداءات على حقوق العمال وقادر على فرض تنفيذ الأحكام التي تصدر لفائدتهم.
- ضمان الحريات النقابية وحماية ممثلي العمال ومأسسة المفاوضة الجماعية كحق دستوري تضمنه التشريعات الوطنية والدولية في المؤسسات الإنتاجية وعلى صعيد الأقاليم والجهات وعلى المستوى المركزي، وتوفير مناخ توقيع اتفاقيات شغل جماعية تؤدي إلى ضمان الشغل القار واللائق وتحسين دخل العمال ومعاشاتهم وتمتيعهم بالحماية الاجتماعية.
- ربط استمرار حيازة شركات الخواص لأراضي الدولة الفلاحية بشروط تنفيذ الاستثمارات الموعود بها وضمان حقوق ومكتسبات العمال وتمكينهم كمواطنين ومواطنات من السكن اللائق وظروف العيش الكريم في إطار من العدالة الاجتماعية والمجالية لفائدة كافة الساكنة القروية في مقابل الثروات المتنوعة والهائلة التي تنتجها البادية المغربية.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.