المقاربة الفنية في التدريس 

كانت و لا تزال تلك البذرة التي غرسها أستاذ عظيم يوما في صدورنا وقلوبنا هي نفسها نغرسها اليوم في قلوب تلاميذنا. إنها بذرة ” الفن والعطاء ” يا سادة. هو زرع فحصدنا، نحن نزرع فيحصدون. فبعد اشتغالنا في مجال التعليم والتدريس متدرجين في دلك في عدة مستويات، ومشتغلين بعدة لغات وفق ظروف متفاوتة في طينة صعوبتها، واشتغالنا كدلك في العالم القروي باستعمال ثلاث لغات (أمازيغية، عربية، فرنسية) في أقسام مشتركة شأننا شأن زملائنا في ذات المجال، كما أن اشتغالنا لمدة تتجاوز 17 سنة من العمل لحد الآن ، كل هذه المعطيات كافية على حد اعتقادنا بأن نتعلم شيئا كنا نعتقد انه بسيط ألا وهو الجواب على السؤال الذي يضني تفكيرنا عدة مرات ، هو ما هي أنجع الطرق التي اتبعناها لمساعدة التلاميذ على التحصيل ؟ ولماذا بالذات هي التي تيسر عملية التحصيل والتعلم؟

إن التدريس باستعمال المقاربة الفنية واستثمار الطرق النشيطة في التدريس يساهم لا محالة في خلق جو تربوي يسوده الاطمئنان لدى التلميذ(ة) ويساعده على التفاعل الايجابي مع الدروس.  كما ان المقاربة الفنية سواء اكانت باعتماد التشكيل أو الأنشطة التشكيلية تساهم في تزيين القسم والاعتناء بفضاء الدرس والتحصيل وهذا الاعتناء ينعكس إيجابا على التلاميذ فيخلق راحة نفسية لدى الطرفين (المدرس والتلميذ). كنا ولازلنا نؤمن بأن أحسن طريقة لتعليم أبنائنا التلاميذ هو الاشتغال على خلق إرادة التعلم لديهم أو خلق الحافز والرغبة لديهم، رغبة التحصيل. فهذه الرغبة هي تلك الحالة النفسية أو الطاقة الايجابية التي تجعل من التلميذ مقبلا على التحصيل والتعلم وان اختلفت الفضاءات والسياقات، وهذه الطاقة أو الرغبة هي ذاتها التي تجعل من سرعة تعلم التلميذ خارج أسوار المدرسة تفوق تعلمه داخلها.

           إن من وسائل خلق الإقبال على التعلم أو خلق رغبة التعلم لدى التلاميذ نجد اعتماد الأنشودة التربوية سواء أكانت أنشودة أمازيغية أوعربية أوفرنسية فاعتماد تقنية التنشيط بالأناشيد تساهم في خلق تلاميذ منسجمين في ما بينهم. فكما يتعاونون في بناء وإنجاح لحن معين فهم يتعاونون على بناء درس كذاك، فللأنشودة وظائف تربوية شتى، لعل من أبرزها كونها تمرر بنيات لغوية وتكسب التلاميذ معجما وزادا معرفيا بطريقة سلسة وبسيطة.  الأنشودة تيسرعلى التلاميذ القراءة وتحببها بفضل وجود اللحن، فتخلق بدالك الوعي الصوتي للحروف والكلمات واعتماد الحركات في تقديم النشيد يخلق جاذبية للدرس لأن الأصل في الطفل هو الحركة فبالحركة ينمو ويتعلم. 

إننا من خلال عرضنا لهده التجربة لا ندعي بتاتا الكمال بل لنا نواقصنا وعيوبنا بل فقط عملنا على توثيق هده التجربة قصد التقاسم مع زملائنا وأساتذتنا في العمل التربوي. ومن أجل خلق أرضية للنقاش حول موضوع زرع الحياة داخل الفصل الدراسي، فالمقاربة الفنية تساهم في ضبط النفس قبل ضبط القسم وان ما عرضناه في هذه التجربة هو ثمرة سنتين من التفاعل والاجتهاد بمعية ومساعدة سكان قرية تمروت ومساعدة الإدارة التربوية وبتنسيق مع الأستاذات العاملة بذات المؤسسة وان اعتماد الانفتاح والتشاور والتقاسم كلها أساليب تساعد الأستاذ على المضي قدما في تعليم وإصلاح الناشئة . فتفعيل الحياة المدرسية إذن أضحى أمرا ضروريا لا محيص عنه لأنقاد الممارسة الصفية من الرتابة والملل اللذان يلحقان بها ادا تم الاقتصار على التطبيق الحرفي للمناهج المقررة لوحدها.

بقلم ذ.الفنان عمر ايت سعيد

هوامش :
Hélène Beaucher, « Références bibliographiques du dossier « musique et éducation » », Revue internationale d’éducation de Sèvres [En ligne], 75 | 2017, mis en ligne le 01 septembre 2017, consulté le 11 juin 2019. URL : http://journals.openedition.org/ries/5991 ; DOI : 10.4000/ries.5991
الدمرداش عبد المجيد سرحان : المناهج المعاصرة – الطبعة السادسة – الكويت – مكتبة الفلاح – 1998م .
ألن أ. جلاتهورن : قيادة المنهج – ترجمة سلام سيد أحمد وآخرين – الرياض – جامعة الملك سعود – عمادة شؤون المكتبات – 1995م .
بدر عمر العمر : تطوير التعليم مسؤولية مشتركة – المؤتمر التربوي الثاني والعشرون تحت عنوان : التكامل بين مؤسسات إعداد المعلم وسوق العمل في دول مجلس التعاون – الكويت – جمعية المعلمين الكويتية – من 10-13 أبريل 1993م.

ملاحظة :
نشكر مديرية اكادير اداوتنان التي سمحت لنا بنقل وتقاسم هده التجربة.

  1. نشكر  في الفيديو الاول قناة تمازيغت عبر الصديق عبد السلام بدوي وكذا سي عبدالنبي .
    2. تصوير التجربة الثانية كان بعدسة الصحفي والمصور المبدع عبد المجيد العواد الدي نشكره على ابداعه فياخراج و تصوير هده التجربة.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد