المغرب وحفظ أمانة الدين: الدروس الحسنية الرمضانية نموذجا…
محمد أكعبور*
المغرب حمل أمانة الحفاظ على الدين الصحيح والدفاع عن القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف بالسعي إلى إفهامه والاجتهاد والتأصيل والانفتاح على المعارف والعلوم والقضايا الإنسانية الكبرى ، والدروس الحسنية خير مجالس هذه الأمانة والرعاية.
وما ألقي درس حسني منذ أول مجلسها إلى الآن إلا وانطلق من نص قرآني أو حديثي كما أشار إلى ذلكم مؤسس ومبتكر هذه الدروس جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني جليس العلماء .
الدروس الحسنية أكبر مجلس علمي على الإطلاق في العالم العربي والإسلامي ، وهو ابتكار لأمير المؤمنين المغفور له الحسن الثاني قدس الله روحه كما أشرنا في التأصيل والتخريج والفهم الأمثل للصحيح من الدين والتبليغ إلى الجهات العلمية الدينية بالعالم الإسلامي ؛ تحضرها أعلام الفكر والشريعة متخصصون أكاديميون.
تعرض في هذا المجلس المنيف قضية علمية كبرى ثم تعرض على النصوص : نصوص الوحي ونصوص التراث الديني والعلمي. وتعرض على مقاصد ومصالح الشريعة حتى لا يتم التلاعب بالدين، فأهل المغرب ظاهرين على الحق ….وسيظلون.
ابتكر الحسن الثاني رحمة الله عليه هذه الدروس بناء على ما كان يعرف لدى سلاطين المغرب منذ السادة الشرفاء الأدارسة ، بالدروس الحديثية ، وأمر أن تنقل على الهواء مباشرة .
وعلى نفس السير سار نجله ووارث سره أمير المؤمنين محمد السادس حفظه الله بما حفظ به الوحيين ، وبروح جديدة ومواضيع فريدة تناسب وتخص العصر والمستقبل، وأشرك المرأة العالمة في أول تجربة من نوعها بقياد السيدة المكاوي الفقيهة القاضية والعالمة وصاحبة مشروع ضخم وهو نظرية التبرع بالأعضاء البشرية ؛ هذا الموضوع الذي تتخوف جهات وجهات وبأي سبب من الخوض فيه.
إن الحفاظ على أمانة الدين تبدأ أولا بإكرام العلماء في مجالس القصور ودون ادنى قصور والجلوس إليهم والاستماع إليهم، ولا أجد أهلا لذلكم ، إلا أهل المغرب ومنذ زمان ، وفي تطور مستمر في هذا الزمان غير أن كورونا أوقفت هذا المؤتمر العالمي العلمي الديني بالمغربحتى الساعة لعامين .
جلوس الأمراء والعلماء جنبا إلى جنب وبمسافة منعدمة ورؤية كل بالعين المجردة وتتوالى النظرات في الحضرات وبخشوع تذرف العبرات لجلالة المحل والموضوع والمناسبة والشخوص ؛ حضرة أمير المؤمنين أعز الله أمره ورفع قدره وأعلى شأنه.
الدروس الحسنية سر من أسرار هذا الأمر ، جعل في المغرب ، وخص به وأفرد ، من خلالها تعرف العالم على علمائه وأكاديمييه ومختصيه ويتمنى من شاهدها أو سمع حديثها أن يحضرها بل ويحاضر فيها أمام الحضرة المولوية الكريمة.
مجالس تأبى الملائكة إلا أن تأتيها وتحف الحاضرين فيها وتشهد عليهم ولهم بالخيرية النموذجية التي يسعي المغرب دوما إلى التسابق إليها وتعميمها في الناس.
الدروس الحسنية الرمضانية أكبر تجل لتكريم القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وحامليه والمشتغلين بهما تعلما وتعليما وتبليغا.
الدروس الحسنية الرمضانية أكبر مَعلم لتكريم العلماء من أهل المغرب ومن أهل الجوار ومجمع الخير ومغنم الشاد والسامع .
الدروس الحسنية أكبر سفر علمي إلى المغرب للأخذ منه بعد أن كان أهل المغرب يفدون ويرحلون لطلب العلم واليوم يُرحل إليه لأخذ السند وتوثيق العهد بالسلام على وليه.
الدروس الحسنية الرمضانية أكبر تجمع للعلماء في العالم.
الدروس الحسنية الرمضانية مكرمة من مكرمات الدولة العلوية الشريفة على العالم الإسلامي ومبرة من مبرات المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه.
الدروس الحسنية الرمضانية تلكم المجالس المحمدية التي أبى سيدي محمد السادس إلا أن تسير وتساير السياق الجديد فضخ فيها جلالته دماء العصرنة والتحديث بفتحها لانفتاحها على قضايا العصر وهموم الأمة الإسلامية ومن قام بجرد العناوين التي حاضر فيها علماء أعلام من المغرب والعالم العربي والإسلامي بدا بالدرس الافتتاحي وهو درس تأسيسي يقدمها على ما جرى به العرف العملي في التقليد الديني الرمضاني وزير الاوقاف والشؤون الإسلامية وهو ما عليه القول والعمل في العهد المحمدي في شخص الباحث والاديب والمؤرخ والأكاديمي الأستاذ الكبير وبالمجال هو الخبير الدكتور أحمد التوفيق معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الذي لا يرضى بالحديث عن المستجد العلمي والديني مما هو وثيق الصلة بالثوابت الدينية والوطنية حتى يصل بالأمر إلى الأعالي .
الدروس الحسنية الرمضانية أكبر تجمع للفتوى والإفتاء وهي المرجع والمستند فيما تُقرره وتُعرضه من الخلاصات والاستنتاجات.
الدروس الحسنية مظهر من مظاهر الإجماع السكوتي بعد استيعاب المضمون العملي المعروض على الأنظار العلمية .
الدروس الحسنية الرمضانية ذلكم المطمح الذي رجائي حضورها لبركتها وعطرها ونثرها ، عطر القرآن الكريم وعطر السنة النبوية الشريفة وعطر الحظوة العلوية الشريفة.
*باحث في الخطاب والإعلام الديني
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.