على التصريحات المنحازة التي أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة ، التي استفزت الشعب المغربي بدأً بأعلى هيئة فيه وانتهاءً عند أصغر مواطن، والتي نعثت المغرب بالمحتل لصحرائه الجنوبية، اتخذ هذا الأخير عدة تدابير كرد فعل فوري على هذه الإنزلاقات الخطيرة للأمين العام، والتي بينت عن مدى انحيازه، في الوقت الذي يجب أن يقف على نفس المسافة بين الأطراف المتنازعة، باعتباره مسؤولا أمميا وطرفا محايدا.
استياء المغرب من هذا التصريح جعله يخفض من عدد مبعوثي المينورسو في الصحراء المغربية، كما أنه قام بتعبئة جماهيرية تمثلت في مسيرة مليونية احتضنتها العاصمة المغربية، كاحتجاج صريح على تصريح بان كي مون ،الذي ضرب بعرض الحائط مبادئ الأمم المتحدة التي أقيمت لحفظ السلام العالمي من خلال تسوية النزاعات بشكل سلمي بعيدا عن كل أنواع التوتر والصراع. هذه التصريحات، والتي أفقدت المغرب ثقته في الأمين العام للأمم المتحدة كطرف محايد يبحث عن حلول سلمية لهذا النزاع، من شأنها أن تزيد من حجم التوتر وربما تؤجج الصراع فيؤدي بذلك إلى زعزعة الإستقرار بالمنطقة أو ماهو أكبر، كالعودة إلى حمل السلاح، وهو أمر ليس في صالح المغرب ولا المجتمع الدولي ككل. فما هي أهم الخطوات التي بإمكان المغرب اتخاذها لتهدئة الوضع في انتظار أن يصل إلى تسوية عادلة وواقعية ونهائية بخصوص الصحراء.
إن النزاع القائم حول الصحراء المغربية، لا يشكل فقط خطرا على سيادة المغرب ووحدته الترابية وإنما هو خطر يحدق بالشمال الإفريقي وبمصالح الدول التي لها شراكات مهمة مع القارة الإفريقية. فالمغرب يعتبر الحلقة الرابطة بين القارتين الأروبية والأمركية والقارة الإفريقية من جهة وبين العالم العربي وهذه الأخيرة من جهة ثانية، كما أنه يمثل النقطة الحيوية التي تسهر على الإسقرار والأمن بهذا المجال الجغرافي.
إن الإنفتاح المغربي على افريقيا هو بمثابة مدخل أساسي لإعادة تشكيل وبلورة العلاقة المغاربية الإفريقية ومن خلالها العربية الإفريقة، ففي إطار تبني المغرب للجهوية الموسعة، يهدف إلى أن يجعل من الأقاليم الجنوبية قطبا اقتصاديا على الصعيد الإفريقي فتكون بذلك الحلقة الرابطة بين العالمين العربي والإفريقي وكذا بين القارة الإفريقية والأقطاب العالمية الكبرى، لاسيما أن المملكة المغربية تمثل منذ زمن مضى نقطة عبور نحو افريقيا ووسيطا مهما بين هذه الأخيرة والدول العظمى بفضل رؤاها القائمة على تنويع الشراكات وتوسيع الحوار السياسي وكذا تقوية العلاقات التجارية وتفعيل الهجرة نحو الجنوب للنهضة بالقارة الإفريقية وللحد من الهجرة نحو الشمال بالإعتماد على مقوماتها ومؤهلاتها الذاتية، بالإضافة إلى محاربة الإرهاب والتطرف في المنطقة باعتباره شبحا يؤرق العالم بأسره.
يعتبر المغرب منبعا للإزدهار والأمن، ومن هذا المنطلق أولى أهمية بالغة لأقاليمه الجنوبية وقام بمجهودات يشهد لها، لكي تصبح هذه المنطقة همزة وصل بين الشمال الإفريقي وجنوبه من جهة وبين افريقيا والعالم من جهة أخرى، مجهودات سعت لتحويل الصحراء المغربية إلى بؤرة اقتصادية مهمة بافريقيا وجسرا رابطا بين الأقطاب الإقتصادية الكبرى ومنطقتي المغرب العربي والساحل، ومحطة هامة للمبادلات التجارية بين الشمال والجنوب.
إن المغرب عبر نهجه لسياسة الجهوية الموسعة وإطلاقه المشاريع التنموية بهذه الأقاليم يؤكد على أن سياسته ليست مجرد كلمات، ففي عهد جلالة الملك محمد السادس، عرفت الصحراء المغربية إقلاعا اقتصاديا هاما سيساهم في إدماج الشباب الصحراوي وخلق فرص شغل مما سيؤدي إلى الرفع من جودة البنيات السوسيو اقتصادية وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان.
أما فيما يخص علاقة المغرب بافريقيا فلم تكن مجرد حسابات وإنما قناعات ومبادئ، حيث دعمت المملكة المغربية معظم حركات الاستقلال والتحرر في افريقيا. وسياسة الهجرة نحو هذه الأخيرة هي نموذج يجب الاحتذاء به، خاصة وأن له بعدا قاريا ودوليا وليس فقط محليا، فقد أبانت عن مدى وعي وفهم المملكة لما تعانيه الشعوب الإفريقية من من فقر وأمراض وحروب أهلية أنهكت الكيان الإفريقي، وجعلت فرص التنمية فيه ضئيلة إلى منعدمة. في هذا الإطار قام المغرب بالتوجه إلى افريقيا والإستثمار في دول عدة وفي مجالات متنوعة كالقطاع البنكي والإتصالات والبنيات التحتية والتجارة والصناعة… الشيء الذي جعله شريكا قادرا على الدفع بالعجلة الإفريقية إلى الأمام ومساعدة هذه البلدان على بناء صرحها الإقتصادي والتنموي لتعم بذلك الفائدة على القارة السمراء. هذه الدينامية سيكون لها الدور الحاسم في خلق ثروة محلية قادرة على امتصاص البطالة في هذه الأوساط وبذلك تحد من موجة الهجرة نحو الشمال، وتكون بذلك قد ساهمت بشكل إيجابي في تحريك عجلة الاقتصاد وأمنت الاستقرار السياسي بالقارة الإفريقية.
كما تجدر الإشارة إلى أن المغرب، عنصر أمن واستقرار على الصعيدين الجهوي والعالمي، فقد جعل منه جلالة الملك محمد السادس، درعا واقيا ضد اتتشار التطرف والإرهاب ونموذجا يحتذى به لمجموعة من الدول الأروبية وهذا مؤشر جيد على الدور الذي يمكن أن يضطلع به في تحصين المنطقة من خطر الجماعات الجهادية أي إبراز دوره كصمام أمان بالمنطقة ونموذج للوسطية والتسامح والإنفتاح.
وعلى الرغم مما سبق ذكره، فلا بد للدبلوماسية المغربية من تكثيف جهودها، فما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة، ليس في صالح المغرب إذا أراد الوصول إلى حل سياسي نهائي يدعم مقترحه القاضي بمنح الحكم الذاتي للأقآيم الصحراوية في ظل السيادة المغربية، خاصة وأن هناك دولا من داخل الكيان الإفريقي وغيره ذات وزن تدعم جبهة البوليساريو وتقوم بكل المناورات من أجل إضعاف أطروحة المغرب لدى المنظمات الدولية. لذا وجب على الدبلوماسية المغربية البحث عن مزيد من الدعم لقضية الصحراء خاصة لدى الدول المؤثرة في السياسة الدولية الإفريقية كالدول الأنكلوفونية الوازنة وضمان حيادها في حال تعذر عليها كسب تأييدها، والتأكيد على الدور الرائد الذي لعبه المغرب في دعم قضايا تحرر الشعوب الإفريقية من يد الإستعمار والدور الإنساني الذي قام به في مختلف الأزمات والكوارث التي عاشتها القارة السمراء. من هذا المنطلق يجب على المغرب أيضا العودة للإتحاد الإفريقي لتأييده في حل قضية الصحراء لصالحه.
هذا على المستوى الأفاريقي، أما على المستوى العالمي فلا بد من التأكيد على أن المغرب هو شريك استراتيجي يسهر على سير الأمور بشكل سلس في الشمال الإفرقي وبهذا على السير العام للمشاريع الكبرى التي تهم القوى العظمى وبهذا يضمن تأييدها خاصة وأنها قادرة على التأثير في القرار أكثر من غيرها، وذلك عبر توحيد الخطاب لدى جميع الفاعلين الموكل لهم إبراز الطرح المغربي المتسم بالمشروعية والمصداقية.
كما تجدر الإشارة إلى أن التطور الحاصل في وسائل الإتصال والتواصل، فرصة من ذهب، يجب على المغرب استغلالها لتوصيل صدى الجهود المبذولة من طرف عاهل المملكة لنهوض بالأقاليم الصحراوية وافريقيا ككل، وذلك عبر الدبلوماسية غير الرسمية ، والمتمثلة في الأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني، فالدبلوماسية الموازية المغربية لابد لها من أن تساهم في تكوين آراء إيجابية لصالح المغرب فيما يتعلق بقضية الصحراء وذلك عبر توثيق أواصر الصداقة بين المغرب ودول العالم وتأكيدها على أن المغرب النموذج الأمثل لصمام الأمان بالمنطقة، وبهذا تكون قد ساهمت في صنع سياسة خارجية داعمة لأهدافه وقضاياه المصيرية وكسب دعم العالم والأمم المتحدة، خاصة أنه يشتغل على بناء مجتمع إنساني يتأسس على قيم التعاون والتعايش والإحترام بعيدا عن كل أنواع التوتر والاضطهاد والتطرف.
*دكتور في العلوم القانونية
بن التاجر محمد*
على التصريحات المنحازة التي أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة ، التي استفزت الشعب المغربي بدأً بأعلى هيئة فيه وانتهاءً عند أصغر مواطن، والتي نعثت المغرب بالمحتل لصحرائه الجنوبية، اتخذ هذا الأخير عدة تدابير كرد فعل فوري على هذه الإنزلاقات الخطيرة للأمين العام، والتي بينت عن مدى انحيازه، في الوقت الذي يجب أن يقف على نفس المسافة بين الأطراف المتنازعة، باعتباره مسؤولا أمميا وطرفا محايدا.
استياء المغرب من هذا التصريح جعله يخفض من عدد مبعوثي المينورسو في الصحراء المغربية، كما أنه قام بتعبئة جماهيرية تمثلت في مسيرة مليونية احتضنتها العاصمة المغربية، كاحتجاج صريح على تصريح بان كي مون ،الذي ضرب بعرض الحائط مبادئ الأمم المتحدة التي أقيمت لحفظ السلام العالمي من خلال تسوية النزاعات بشكل سلمي بعيدا عن كل أنواع التوتر والصراع. هذه التصريحات، والتي أفقدت المغرب ثقته في الأمين العام للأمم المتحدة كطرف محايد يبحث عن حلول سلمية لهذا النزاع، من شأنها أن تزيد من حجم التوتر وربما تؤجج الصراع فيؤدي بذلك إلى زعزعة الإستقرار بالمنطقة أو ماهو أكبر، كالعودة إلى حمل السلاح، وهو أمر ليس في صالح المغرب ولا المجتمع الدولي ككل. فما هي أهم الخطوات التي بإمكان المغرب اتخاذها لتهدئة الوضع في انتظار أن يصل إلى تسوية عادلة وواقعية ونهائية بخصوص الصحراء.
إن النزاع القائم حول الصحراء المغربية، لا يشكل فقط خطرا على سيادة المغرب ووحدته الترابية وإنما هو خطر يحدق بالشمال الإفريقي وبمصالح الدول التي لها شراكات مهمة مع القارة الإفريقية. فالمغرب يعتبر الحلقة الرابطة بين القارتين الأروبية والأمركية والقارة الإفريقية من جهة وبين العالم العربي وهذه الأخيرة من جهة ثانية، كما أنه يمثل النقطة الحيوية التي تسهر على الإسقرار والأمن بهذا المجال الجغرافي.
إن الإنفتاح المغربي على افريقيا هو بمثابة مدخل أساسي لإعادة تشكيل وبلورة العلاقة المغاربية الإفريقية ومن خلالها العربية الإفريقة، ففي إطار تبني المغرب للجهوية الموسعة، يهدف إلى أن يجعل من الأقاليم الجنوبية قطبا اقتصاديا على الصعيد الإفريقي فتكون بذلك الحلقة الرابطة بين العالمين العربي والإفريقي وكذا بين القارة الإفريقية والأقطاب العالمية الكبرى، لاسيما أن المملكة المغربية تمثل منذ زمن مضى نقطة عبور نحو افريقيا ووسيطا مهما بين هذه الأخيرة والدول العظمى بفضل رؤاها القائمة على تنويع الشراكات وتوسيع الحوار السياسي وكذا تقوية العلاقات التجارية وتفعيل الهجرة نحو الجنوب للنهضة بالقارة الإفريقية وللحد من الهجرة نحو الشمال بالإعتماد على مقوماتها ومؤهلاتها الذاتية، بالإضافة إلى محاربة الإرهاب والتطرف في المنطقة باعتباره شبحا يؤرق العالم بأسره.
يعتبر المغرب منبعا للإزدهار والأمن، ومن هذا المنطلق أولى أهمية بالغة لأقاليمه الجنوبية وقام بمجهودات يشهد لها، لكي تصبح هذه المنطقة همزة وصل بين الشمال الإفريقي وجنوبه من جهة وبين افريقيا والعالم من جهة أخرى، مجهودات سعت لتحويل الصحراء المغربية إلى بؤرة اقتصادية مهمة بافريقيا وجسرا رابطا بين الأقطاب الإقتصادية الكبرى ومنطقتي المغرب العربي والساحل، ومحطة هامة للمبادلات التجارية بين الشمال والجنوب.
إن المغرب عبر نهجه لسياسة الجهوية الموسعة وإطلاقه المشاريع التنموية بهذه الأقاليم يؤكد على أن سياسته ليست مجرد كلمات، ففي عهد جلالة الملك محمد السادس، عرفت الصحراء المغربية إقلاعا اقتصاديا هاما سيساهم في إدماج الشباب الصحراوي وخلق فرص شغل مما سيؤدي إلى الرفع من جودة البنيات السوسيو اقتصادية وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان.
أما فيما يخص علاقة المغرب بافريقيا فلم تكن مجرد حسابات وإنما قناعات ومبادئ، حيث دعمت المملكة المغربية معظم حركات الاستقلال والتحرر في افريقيا. وسياسة الهجرة نحو هذه الأخيرة هي نموذج يجب الاحتذاء به، خاصة وأن له بعدا قاريا ودوليا وليس فقط محليا، فقد أبانت عن مدى وعي وفهم المملكة لما تعانيه الشعوب الإفريقية من من فقر وأمراض وحروب أهلية أنهكت الكيان الإفريقي، وجعلت فرص التنمية فيه ضئيلة إلى منعدمة. في هذا الإطار قام المغرب بالتوجه إلى افريقيا والإستثمار في دول عدة وفي مجالات متنوعة كالقطاع البنكي والإتصالات والبنيات التحتية والتجارة والصناعة… الشيء الذي جعله شريكا قادرا على الدفع بالعجلة الإفريقية إلى الأمام ومساعدة هذه البلدان على بناء صرحها الإقتصادي والتنموي لتعم بذلك الفائدة على القارة السمراء. هذه الدينامية سيكون لها الدور الحاسم في خلق ثروة محلية قادرة على امتصاص البطالة في هذه الأوساط وبذلك تحد من موجة الهجرة نحو الشمال، وتكون بذلك قد ساهمت بشكل إيجابي في تحريك عجلة الاقتصاد وأمنت الاستقرار السياسي بالقارة الإفريقية.
كما تجدر الإشارة إلى أن المغرب، عنصر أمن واستقرار على الصعيدين الجهوي والعالمي، فقد جعل منه جلالة الملك محمد السادس، درعا واقيا ضد اتتشار التطرف والإرهاب ونموذجا يحتذى به لمجموعة من الدول الأروبية وهذا مؤشر جيد على الدور الذي يمكن أن يضطلع به في تحصين المنطقة من خطر الجماعات الجهادية أي إبراز دوره كصمام أمان بالمنطقة ونموذج للوسطية والتسامح والإنفتاح.
وعلى الرغم مما سبق ذكره، فلا بد للدبلوماسية المغربية من تكثيف جهودها، فما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة، ليس في صالح المغرب إذا أراد الوصول إلى حل سياسي نهائي يدعم مقترحه القاضي بمنح الحكم الذاتي للأقآيم الصحراوية في ظل السيادة المغربية، خاصة وأن هناك دولا من داخل الكيان الإفريقي وغيره ذات وزن تدعم جبهة البوليساريو وتقوم بكل المناورات من أجل إضعاف أطروحة المغرب لدى المنظمات الدولية. لذا وجب على الدبلوماسية المغربية البحث عن مزيد من الدعم لقضية الصحراء خاصة لدى الدول المؤثرة في السياسة الدولية الإفريقية كالدول الأنكلوفونية الوازنة وضمان حيادها في حال تعذر عليها كسب تأييدها، والتأكيد على الدور الرائد الذي لعبه المغرب في دعم قضايا تحرر الشعوب الإفريقية من يد الإستعمار والدور الإنساني الذي قام به في مختلف الأزمات والكوارث التي عاشتها القارة السمراء. من هذا المنطلق يجب على المغرب أيضا العودة للإتحاد الإفريقي لتأييده في حل قضية الصحراء لصالحه.
هذا على المستوى الأفاريقي، أما على المستوى العالمي فلا بد من التأكيد على أن المغرب هو شريك استراتيجي يسهر على سير الأمور بشكل سلس في الشمال الإفرقي وبهذا على السير العام للمشاريع الكبرى التي تهم القوى العظمى وبهذا يضمن تأييدها خاصة وأنها قادرة على التأثير في القرار أكثر من غيرها، وذلك عبر توحيد الخطاب لدى جميع الفاعلين الموكل لهم إبراز الطرح المغربي المتسم بالمشروعية والمصداقية.
كما تجدر الإشارة إلى أن التطور الحاصل في وسائل الإتصال والتواصل، فرصة من ذهب، يجب على المغرب استغلالها لتوصيل صدى الجهود المبذولة من طرف عاهل المملكة لنهوض بالأقاليم الصحراوية وافريقيا ككل، وذلك عبر الدبلوماسية غير الرسمية ، والمتمثلة في الأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني، فالدبلوماسية الموازية المغربية لابد لها من أن تساهم في تكوين آراء إيجابية لصالح المغرب فيما يتعلق بقضية الصحراء وذلك عبر توثيق أواصر الصداقة بين المغرب ودول العالم وتأكيدها على أن المغرب النموذج الأمثل لصمام الأمان بالمنطقة، وبهذا تكون قد ساهمت في صنع سياسة خارجية داعمة لأهدافه وقضاياه المصيرية وكسب دعم العالم والأمم المتحدة، خاصة أنه يشتغل على بناء مجتمع إنساني يتأسس على قيم التعاون والتعايش والإحترام بعيدا عن كل أنواع التوتر والاضطهاد والتطرف.
*دكتور في العلوم القانونية
بن التاجر محمد*
على التصريحات المنحازة التي أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة ، التي استفزت الشعب المغربي بدأً بأعلى هيئة فيه وانتهاءً عند أصغر مواطن، والتي نعثت المغرب بالمحتل لصحرائه الجنوبية، اتخذ هذا الأخير عدة تدابير كرد فعل فوري على هذه الإنزلاقات الخطيرة للأمين العام، والتي بينت عن مدى انحيازه، في الوقت الذي يجب أن يقف على نفس المسافة بين الأطراف المتنازعة، باعتباره مسؤولا أمميا وطرفا محايدا.
استياء المغرب من هذا التصريح جعله يخفض من عدد مبعوثي المينورسو في الصحراء المغربية، كما أنه قام بتعبئة جماهيرية تمثلت في مسيرة مليونية احتضنتها العاصمة المغربية، كاحتجاج صريح على تصريح بان كي مون ،الذي ضرب بعرض الحائط مبادئ الأمم المتحدة التي أقيمت لحفظ السلام العالمي من خلال تسوية النزاعات بشكل سلمي بعيدا عن كل أنواع التوتر والصراع. هذه التصريحات، والتي أفقدت المغرب ثقته في الأمين العام للأمم المتحدة كطرف محايد يبحث عن حلول سلمية لهذا النزاع، من شأنها أن تزيد من حجم التوتر وربما تؤجج الصراع فيؤدي بذلك إلى زعزعة الإستقرار بالمنطقة أو ماهو أكبر، كالعودة إلى حمل السلاح، وهو أمر ليس في صالح المغرب ولا المجتمع الدولي ككل. فما هي أهم الخطوات التي بإمكان المغرب اتخاذها لتهدئة الوضع في انتظار أن يصل إلى تسوية عادلة وواقعية ونهائية بخصوص الصحراء.
إن النزاع القائم حول الصحراء المغربية، لا يشكل فقط خطرا على سيادة المغرب ووحدته الترابية وإنما هو خطر يحدق بالشمال الإفريقي وبمصالح الدول التي لها شراكات مهمة مع القارة الإفريقية. فالمغرب يعتبر الحلقة الرابطة بين القارتين الأروبية والأمركية والقارة الإفريقية من جهة وبين العالم العربي وهذه الأخيرة من جهة ثانية، كما أنه يمثل النقطة الحيوية التي تسهر على الإسقرار والأمن بهذا المجال الجغرافي.
إن الإنفتاح المغربي على افريقيا هو بمثابة مدخل أساسي لإعادة تشكيل وبلورة العلاقة المغاربية الإفريقية ومن خلالها العربية الإفريقة، ففي إطار تبني المغرب للجهوية الموسعة، يهدف إلى أن يجعل من الأقاليم الجنوبية قطبا اقتصاديا على الصعيد الإفريقي فتكون بذلك الحلقة الرابطة بين العالمين العربي والإفريقي وكذا بين القارة الإفريقية والأقطاب العالمية الكبرى، لاسيما أن المملكة المغربية تمثل منذ زمن مضى نقطة عبور نحو افريقيا ووسيطا مهما بين هذه الأخيرة والدول العظمى بفضل رؤاها القائمة على تنويع الشراكات وتوسيع الحوار السياسي وكذا تقوية العلاقات التجارية وتفعيل الهجرة نحو الجنوب للنهضة بالقارة الإفريقية وللحد من الهجرة نحو الشمال بالإعتماد على مقوماتها ومؤهلاتها الذاتية، بالإضافة إلى محاربة الإرهاب والتطرف في المنطقة باعتباره شبحا يؤرق العالم بأسره.
يعتبر المغرب منبعا للإزدهار والأمن، ومن هذا المنطلق أولى أهمية بالغة لأقاليمه الجنوبية وقام بمجهودات يشهد لها، لكي تصبح هذه المنطقة همزة وصل بين الشمال الإفريقي وجنوبه من جهة وبين افريقيا والعالم من جهة أخرى، مجهودات سعت لتحويل الصحراء المغربية إلى بؤرة اقتصادية مهمة بافريقيا وجسرا رابطا بين الأقطاب الإقتصادية الكبرى ومنطقتي المغرب العربي والساحل، ومحطة هامة للمبادلات التجارية بين الشمال والجنوب.
إن المغرب عبر نهجه لسياسة الجهوية الموسعة وإطلاقه المشاريع التنموية بهذه الأقاليم يؤكد على أن سياسته ليست مجرد كلمات، ففي عهد جلالة الملك محمد السادس، عرفت الصحراء المغربية إقلاعا اقتصاديا هاما سيساهم في إدماج الشباب الصحراوي وخلق فرص شغل مما سيؤدي إلى الرفع من جودة البنيات السوسيو اقتصادية وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان.
أما فيما يخص علاقة المغرب بافريقيا فلم تكن مجرد حسابات وإنما قناعات ومبادئ، حيث دعمت المملكة المغربية معظم حركات الاستقلال والتحرر في افريقيا. وسياسة الهجرة نحو هذه الأخيرة هي نموذج يجب الاحتذاء به، خاصة وأن له بعدا قاريا ودوليا وليس فقط محليا، فقد أبانت عن مدى وعي وفهم المملكة لما تعانيه الشعوب الإفريقية من من فقر وأمراض وحروب أهلية أنهكت الكيان الإفريقي، وجعلت فرص التنمية فيه ضئيلة إلى منعدمة. في هذا الإطار قام المغرب بالتوجه إلى افريقيا والإستثمار في دول عدة وفي مجالات متنوعة كالقطاع البنكي والإتصالات والبنيات التحتية والتجارة والصناعة… الشيء الذي جعله شريكا قادرا على الدفع بالعجلة الإفريقية إلى الأمام ومساعدة هذه البلدان على بناء صرحها الإقتصادي والتنموي لتعم بذلك الفائدة على القارة السمراء. هذه الدينامية سيكون لها الدور الحاسم في خلق ثروة محلية قادرة على امتصاص البطالة في هذه الأوساط وبذلك تحد من موجة الهجرة نحو الشمال، وتكون بذلك قد ساهمت بشكل إيجابي في تحريك عجلة الاقتصاد وأمنت الاستقرار السياسي بالقارة الإفريقية.
كما تجدر الإشارة إلى أن المغرب، عنصر أمن واستقرار على الصعيدين الجهوي والعالمي، فقد جعل منه جلالة الملك محمد السادس، درعا واقيا ضد اتتشار التطرف والإرهاب ونموذجا يحتذى به لمجموعة من الدول الأروبية وهذا مؤشر جيد على الدور الذي يمكن أن يضطلع به في تحصين المنطقة من خطر الجماعات الجهادية أي إبراز دوره كصمام أمان بالمنطقة ونموذج للوسطية والتسامح والإنفتاح.
وعلى الرغم مما سبق ذكره، فلا بد للدبلوماسية المغربية من تكثيف جهودها، فما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة، ليس في صالح المغرب إذا أراد الوصول إلى حل سياسي نهائي يدعم مقترحه القاضي بمنح الحكم الذاتي للأقآيم الصحراوية في ظل السيادة المغربية، خاصة وأن هناك دولا من داخل الكيان الإفريقي وغيره ذات وزن تدعم جبهة البوليساريو وتقوم بكل المناورات من أجل إضعاف أطروحة المغرب لدى المنظمات الدولية. لذا وجب على الدبلوماسية المغربية البحث عن مزيد من الدعم لقضية الصحراء خاصة لدى الدول المؤثرة في السياسة الدولية الإفريقية كالدول الأنكلوفونية الوازنة وضمان حيادها في حال تعذر عليها كسب تأييدها، والتأكيد على الدور الرائد الذي لعبه المغرب في دعم قضايا تحرر الشعوب الإفريقية من يد الإستعمار والدور الإنساني الذي قام به في مختلف الأزمات والكوارث التي عاشتها القارة السمراء. من هذا المنطلق يجب على المغرب أيضا العودة للإتحاد الإفريقي لتأييده في حل قضية الصحراء لصالحه.
هذا على المستوى الأفاريقي، أما على المستوى العالمي فلا بد من التأكيد على أن المغرب هو شريك استراتيجي يسهر على سير الأمور بشكل سلس في الشمال الإفرقي وبهذا على السير العام للمشاريع الكبرى التي تهم القوى العظمى وبهذا يضمن تأييدها خاصة وأنها قادرة على التأثير في القرار أكثر من غيرها، وذلك عبر توحيد الخطاب لدى جميع الفاعلين الموكل لهم إبراز الطرح المغربي المتسم بالمشروعية والمصداقية.
كما تجدر الإشارة إلى أن التطور الحاصل في وسائل الإتصال والتواصل، فرصة من ذهب، يجب على المغرب استغلالها لتوصيل صدى الجهود المبذولة من طرف عاهل المملكة لنهوض بالأقاليم الصحراوية وافريقيا ككل، وذلك عبر الدبلوماسية غير الرسمية ، والمتمثلة في الأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني، فالدبلوماسية الموازية المغربية لابد لها من أن تساهم في تكوين آراء إيجابية لصالح المغرب فيما يتعلق بقضية الصحراء وذلك عبر توثيق أواصر الصداقة بين المغرب ودول العالم وتأكيدها على أن المغرب النموذج الأمثل لصمام الأمان بالمنطقة، وبهذا تكون قد ساهمت في صنع سياسة خارجية داعمة لأهدافه وقضاياه المصيرية وكسب دعم العالم والأمم المتحدة، خاصة أنه يشتغل على بناء مجتمع إنساني يتأسس على قيم التعاون والتعايش والإحترام بعيدا عن كل أنواع التوتر والاضطهاد والتطرف.
*دكتور في العلوم القانونية
التعليقات مغلقة.