المسلمون وتحدي حرية المعرفة عبر الانترنيت.
مند مدة وأنا أفكرفي الثورة المعلوماتية والمعرفية التي خلقها الأنترنيت حين حرر الوصول الى المعلومة والمعرفة (بصحيحها وخطائها) وجعل ذلك حقا للجميع بدون قيد ولا شرط وكيف سيؤثر ذلك مستقبلا في علاقة المسلمين بذينهم. وعلاقة بالمعرفة المنتشرة حول الاسلام فالى عهد قريب كان الفقيه أو الشيخ المصدر الوحيد للمعلومة حول الاسلام دينا وتاريخا وكان الوصول لأمهات الكتب أعز ما يطلب وحتى من وصل اليها ينتقي منها ما يوافق توجهه ويجعل منه حقيقة لا ياتيها الباطل لا من بين يديها ولا من خلفها ينشرها بين العامة فيؤمنون بها بدون نقاش لغياب البديل كما أن مجال تداول هذه المعرفة يظل مغلقا ومسيجا يصعب اختراقه ويعتمد فيه على مؤسسات محكمة الرقابة (الاعلام والمدرسة والمسجد والأسرة) بغية خلق كتلة بشرية من المؤمنين منسجمة الأفكار والتوجه تعيش في عزلة عما يراه الآخرون حول نفس الموضوع وحتى ان تم قبول الاختلاف فلايمكن أن يتجاوز السقف المحدد سلفا من طرف مسيجي دائرة المعرفة حول الاسلام.
ولذلك يجد المسلمون أنفسهم اليوم بفضل الثورة التكنولوجية أمام سيل من الأفكار والمعلومات والمعارف تأتيهم من كل حذب وصوب ولم يعد الفقيه أو القنوات الرسمية المصدرالوحيد للمعرفة حول الدين مما جعل التدين يتخذ أشكالا مختلفة اعتقادا وممارسة وتصورا بل ان المسلم بفضل أدوات التواصل الاجتماعي بامكانه أن يستمع لتحاليل مختلفة بل متناقضة أحيانا حول نفس الاشكال الديني بعد أن كان يستمع سابقا لرواية واحدة كما يمكنه أن يطلع على الأديان الأخرى سواء المتوفرة على كتاب مقدس أو بدون كتاب ويقارنها بدينه كما يطلع على آراء الشيعة و البهائيين والاباضيين وقد يجد نفسه بين فتاوي القرضاوي ونقاشات عدنان ابراهيم ثم ينتقل لقنواة ايران أو السعودية أو أفغانستان ويطلع على منظور مسلمي أندونيسيا ومرافعات المثليين المسلمين وعلمانية مسلمي أوروبا ووجود نساء يؤمن الصلاة في أمريكا…كما يمكن أن يتابع في بيته بدون رقيب ولاحسيب وربما لأول مرة في حياته دفوعات اللادينيين ونقاشات الأخ رشيد أو سلسلة صندوق الاسلام التي تطرح المسكوت عنه في تاريخ الاسلام والمسلمين.
قد لا يبدوا تأثير هذا التحول على المدى القريب لصعوبة التأكد منه حالا لكن الأكيد أن تأثيره سيظهر يوما ما اذا لم ينتج المسلمين خطابا عقلانيا يقنع جيل الأنترنيت.
*استاذ علم الاجتماع بجامعة ابن زهر
التعليقات مغلقة.