المحامية كوثر بدران تفك لغز قصة زواج مختلط كانت له تبعات دبلوماسية بين المغرب وايطاليا
حاورها محمد سماحة//
قضية المقاول الايطالي “روبرتو إلمار هافنر” او قصة الطفلين ” ايليا وزكريا” التي اتهمت أمّهما بخطفهما وتحركت المحاكم الاوروبية ضدها، كما شغلت القضية بال الرأي الدولي وصدرت فيها أحكام أوروبية وحكم مغربي ووصلت الى مستوى وزراء خارجية ايطاليا والمغرب .
والسيدة المغربية المتزوجة من الايطالي دون عقد شرعي والتي انجبت منه طفلين، وانتهت علاقتهما بحرمان الزوجة من كفالتهما والحكم لصالح الزوج بعد عشر سنوات من العلاقة الزوجية، مما اضطر الزوجة طلب النجدة من ألمانيا التي تحمل جنسيتها لكن القانون لم يكن في صالحها وصدر ضدها حكم بالإدانة وإرجاع الابنين للزوج، ولما لم يبق لها ملاذ توجهت الى المغرب فتوبعت من طرف الزوج الايطالي مرة أخرى، وحكم عليها بتطبيق اتفاقية لاهاي التي تتهمها بالخطف الدولي للأطفال.
بعد هذه المقدمة التي استسقيتها من اخبار الصحف الايطالية والألمانية ،هل هي مطابقة للحقيقة أم أنها منافية للصواب؟
أولا : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،اشكرك على حماسك ومهنيتك وكيفية استدراجي الى هذا الحوار الخاص. ثانيا : هذه القضية ليست جديدة كما يظهر من مقدمتك الجميلة وقد عرفت اطوارا مختلفة ،اما فيما يخص المظلومية فموكلي أولى بهذا المصطلح من غيره. وليكن في علمك انها أول قضية زواج مختلط كان فيها الزوج الأجنبي هو الضحية بحيث لدي ملفات عديدة تكون المرأة فيها هي المظلومة والمعنفة سواء كانت مغربية أو أجنبية.
كيف تم اقحام الاستاذة كوثر بدران في هذه القضية التي نعلم انها كانت بيد اشهر المحامين الايطاليين، فهل هذا يعني ان الاستاذة كوثر المغربية اصبحت تنافس اكبر المحامين الايطاليين في عقر دارهم؟
فقط للتوضيح الدكتورة كوثر لم تقحم هذا الملف من فراغ ونحترم ونقدر مجهودات الزملاء الايطاليين وليست هناك أي منافسة وأنا ايطالية مثلهم ولست غريبة عن الدار.
يوم الاربعاء 11 اكتوبر الفارط التقيت بالسيد هافنر بمكتبي وطلب مني مؤازرته في القضية بعد إفادته من أحد معارفه من أهل القرار بالتعامل معي،اذ لم يبق لديه عدا باب مكتبنا كمحطة أخيرة حين احتار العقل وصعب معه الحل.وبحمد الله وعونه تم بيننا التعاقد وتسلمت الملف وان كنت أرى في هذا تكليفا أكثر منه تشريفا.
ماهي المحطات والأشواط ولو باختصار التي قطعتها الاستاذة في هذا الوقت القياسي لإعادة هذين الطفلين الى بلدهما الاعتيادي؟
أول خطوة كانت يوم 20 اكتوبر قمنا خلالها بزيارة سفارتنا المغربية بروما التي لقينا فيها من سعادة سفير المملكة السيد حسن أبو أيوب الاستضافة والترحاب واستقبلنا السادة القضاة الاستاذة “خديجة الحلي” والأستاذ” مصطفى الزروقي” أحسن استقبال وأفادونا بكل تفصيل وقضاء وأحكام.
في الخطوة الموالية استعنت بفريق عمل متخصص وأجريت اتصالات على جميع الجهات وأرسلت موكلي يوم السبت 21/10/2017 ليسبقني الى المغرب الى محكمة مراكش لحضور عملية التنفيذ والتي رافقه فيها بعض أقاربه وتمثيلية عن السفارة الايطالية بالرباط على أمل أن ألحق بهم يوم الاثنين مع وفد صغير من ضمنه دكتورة نفسانية (طبيبة العائلة لسنين) لتساعدنا في ترحيل القاصرين.
في هذا اللقاء الذي حضر فيه موكلي والمدعي عليها أمام السيد النائب العام للمحكمة الابتدائية بمراكش لم يكن الجو ملائما وشهد صعوبة كبيرة في عملية التواصل مابين الوالد ووالدتهما والطفلين ،مما تقرر معه تأجيل لقاء جديد حتى أكون حاضرة لإيجاد أي تسوية مرضية للطرفين.
يوم الاثنين 23/10/2017 وصلنا الى المغرب وحضرنا اللقاء المرتقب، قررنا قطع الطريق عن كل المبررات والأسباب التي تعوق عملية تسريع التنفيذ فعمدت على اقتراح ضمانات للزوجة مونية تضمن لها حق رفقة أطفالها الى ايطاليا وشقّة للسكن والتكفل بها ماديا وبالطفلين لمدة ستة أشهر ،اضافة الى مصاريف العلاج والرياضة والدراسة وأداء مبلغ شهري محدد لكل من زكريا وايليا حتى يصلا سن البلوغ ، وبالسماح لهما بصلة رحمهما والحق لها مثل الأب في زيارة الطفلين وقتما شاءت. كما يمكن ان تعود للعيش مع زوجها لتربي ابناءها ان التزمت بمسؤوليتهما، فعمدت على كتابة هذه النقط على ورقة وتم التوقيع عليها لحلحلة الوضع وتيسير عملية التنفيذ.
الامر لم يكن في البداية سهلا كما كنا نأمل ،ولا اكثر صعوبة في الأخير كما كنا نتصور، لكن صبرنا ومجهوداتنا لم تذهب سدى واستطعنا بفضل الله التوصل الى الحل النهائي رغم بعض العراقيل والحواجز.
من بينها رفض السيد النائب العام للتوقيع واضطرارنا للذهاب الى الرباط لمقابلة مسؤول السلطة المركزية سعادة القاضي حسن ابراهيمي الذي لقيت منه خير استقبال وعاملنا أحسن معاملة وطمأننا اننا سنعود بالطفلين الى ايطاليا وفي الوقت الذي حددناه مسبقا ولدى عودتنا للسيد النائب العام من جديد كان مستعدا للتوقيع وسلّمنا محضر التسليم الذي بموجبه عدنا الى ايطاليا برفقة الطفلين وأمهما بهذا نكون قد ربحنا اول قضية دولية على مستوى عالي طبقت فيها اتفاقية لاهاي بين ايطاليا والمغرب.
نشرت احدى الصحف الالكترونية مقالا قبل يومين عنونته ب “اتفاقية دولية” تنقذ طفلي والدة مغربية من براثن “زوج إيطالي” تتحدث عن المادة 13 من ميثاق لاهاي التي تعطي الحق للأم أن تقتسم الكفالة مع الزوج ،وأن الزوج استعان بسفارة بلاده لخطف ابنيها ووزارة العدل نصحتها بعدم تسليمهم وهذا ما جعلكم توافقون على ذلك هل هذه الرواية صحيحة؟
هذا شيء خطير وكذب وافتراء وبهتان وكان على هذه الجريدة ان تتريث قبل نشر الاكاذيب وتمس بقضية سبق أن حكمت فيها محكمة فينيسيا بايطاليا ومحكمة كولونيا بألمانيا ومحكمة مراكش بالمغرب التي كانت مطالبة بتعجيل تطبيق اتفاقية لاهاي الدولية وإعادة الطفلين إلى إيطاليا (حسب رؤية مصلحة الأطفال العليا ) والحكم نهائي ولا طعن فيه، أما مسالة تدخل السفارة الايطالية فهذا من واجبها لخدمة جاليتها داخل المغرب كما ان الملف عرف تدخل الخارجية الايطالية وبعلم الدبلوماسية ، وكل الكلام عن المادة 13 فهو مجانب للصواب وهذه في اعتقادي مجرد دعاية مجانية اما لبعض الراقصين على الجراح والآلام أو لمسترزقين بقضايا المستضعفين.
كلمة حرة توجهونها بهذه المناسبة
ثقتنا في العدالة المغربية كانت كبيرة منذ البداية وتجاوب النيابة المركزية بالرباط لمطلب التنفيذ كان مهنيا محضا ، وأتعاب فريقنا لم تذهب سدى ،وبفضل الله وعونه حققنا المبتغى فأفرحنا قلوبا وأسعدنا نفوسا وأعدنا الفرحة للطفلين “ايليا وزكريا ” ورسمنا البسمة على محياهما بان لا يحرما من حنان أمهما فتنازلنا عن متابعتها وطوينا الملف نهائيا وقررنا أن ترافقهما الى بلدهما الأول ايطاليا حتى تشاركهما نفس الفرحة وتنسيهما أتراح وهموم الأمس.
بهذه الخطوة الجريئة وبهذا الانجاز الكبير نكون قد أنهينا مشكلة أرّقت الشعب الايطالي برمته وقطعنا الطريق عن كل الحاسدين والحاقدين عن مغربنا الجميل وأوقفنا كل الاشاعات الضالة والادعاءات الكاذبة التي تمس بنزاهة عدالتنا وبتبصر قضاتنا وبالنقلة النوعية التي تسهر محاكمنا على اتباعها ، كما أنه من غير المنطقي أن لا ننوه بالايجابيات ونقتصر فقط على التقصير والسلبيات.
هل هناك اي اضافة في الختام استاذة ؟
في الختام اشكر الله على عونه وفضله وإحسانه ،كما اشكر بالمناسبة وزارتي خارجية المغرب وايطاليا على جهودهما ومساعدتهما في حل هذه القضية كما اشكر كل من :
- حضرة السيد حسن ابو ايوب سفير المملكة المغربية بايطاليا
- حضرة السيدة باربارا بريكاتو : سفيرة الجمهورية الايطالية بالمغرب
- الدكتور سيد حسن ابراهيمي : قاضي بالسلطات المركزية بالمغرب
- الاستاذة خديجة الحلي : قاضية بالسفارة المغربية بايطاليا
- الأستاذ مصطفى الزروقي : قاضي بالسفارة المغربية بايطاليا
- الدكتورة وحيدة جميلة استاذة القانون الدولي بالمغرب.
- وكل من ساعدنا من سلطات ومسؤولين وقضاة ومحامين وأمن من المغرب ومن ايطاليا.
اشكركم استاذة عن لباقتكم ومهنيتكم وأبارك لكم باسم جريدتنا وقرائنا الأفاضل بهذا الانجاز العظيم الذي شرف بالمغرب وبالمرأة المغربية داخل وخارج الوطن، وهنيئا لأسرة هفنر وايليا وزكريا وأمهما مونية بهذه الفرصة الكبيرة التي جمعتهم ببعض من جديد آملين لهم أن يفتحوا صفحة بيضاء وأن يجمعهم الله في بيت واحد ولما لا أن يوثقوا زواجهما ويكبر أبناؤهما في عزهما وكرمهما.
اشكرك على كلمتك الطيبة وعلى احساسك وإنسانيتك كما أشكر جريدتكم الموقرة على دورها الكبير في اظهار الحقيقة والبحث عن الجديد ومتابعة أهم الأحداث. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.