المجاعة تهدد دول شمال افريقيا والشرق الأوسط بسبب أزمة الحبوب..

اشترت مصر كميات من القمح الألماني مؤخرا. خطوة قد تفتح المجال أمام دول عربية للتوجه إلى السوق الألمانية. لكن هل يمكن لألمانيا سدّ النقص الحاصل عربيا بسبب الحرب في أوكرانيا؟

تبحث الكثير من دول العالم، المستوردة للحبوب، عن مصدر جديد لتعويض النقص الحاصل بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا وما خلفته من تراجع كبير في المحاصيل، خصوصا الأوكرانية منها التي كانت تعدّ المصدّر الأول للحبوب في اتجاه بلدان كثيرة، منها بلدان عربية.

صادرات أوكرانيا من الحبوب تراجعت بشكل كبير، فالحكومة الأوكرانية أكدت أن عام 2022 سيشهد حصاد حوالي 50 مليون طن من الحبوب، مقارنة بـ86 مليون طن عام 2021، بسبب فقدان أراضي زراعية كثيرة لصالح روسيا، وهناك توقع بأن تتراجع نسبة تصدير الحبوب بـ38,6 على أساس سنوي.

واستفحل النقص أكثر نظراً لتأثير الحرب على الإنتاج الروسي من القمح خلال الأسابيع الأولى للحرب بسبب العقوبات المفروضة على موسكو. وزاد المشكل بعد قرار الهند، التي عوّلت عليها عدة بلدان لمساعدتها، بحظر تصدير القمح هذا العام للحاجة المحلية لها، خصوصا بعد موسم جفاف أثّر على الإنتاج.

ألمانيا منقذاً محتملاً؟

تظهر ألمانيا، نظرياً، واحدة من الدول التي قد تساعد العالم في تخطي أزمة الحبوب، فهي ثاني منتج للقمح في الاتحاد الأوروبي بعد فرنسا، كما حصدت 42 مليون طن من الحبوب خلال عام 2021، بتراجع 2 بالمئة عن عام 2020.

تركز ألمانيا بشكل كبير على القمح الشتوي الذي يزرع على مساحة 2.9 مليون هكتار بإنتاج بلغ 22 مليون طن. كما تملك ألمانيا سمعة كذلك في إنتاج الشعير بإنتاج يصل إلى 11 مليون طن، وهو الموجه بشكل كبير لتعليف المواشي، فيما تبقى الطاقة الإنتاجية للذرة ضعيفة بـ4 مليون طن، ما يدفع برلين إلى استيرادها من الخارج.

يمكن لألمانيا تحقيق الاكتفاء الذاتي الخاص بالحبوب حسب بيانات رسمية، بل يمكنها حتى التصدير، كما فعلت هذا الأسبوع بتصدير نحو 63 ألف طن من القمح الألماني إلى مصر، في صفقة شراء مباشر.

حسب مقال للخبير الألماني أولاف زينكه، من مجلة « أغرا هويته » الخاصة بالمجال الزراعي، فقط 20 بالمئة من نسبة الحبوب المنتجة في ألمانيا موجهة للاستهلاك البشري المباشر، فيما 58 بالمئة موجهة لتعليف الماشية، وحوالي 9 بالمئة موجهة للإنتاج الطاقي.

تملك ألمانيا، وفق الخبير ذاته، سمعة جيدة في القمح عالي الجودة، وهي تتنافس في هذا الإطار مع دول أخرى منها كندا ودول البلطيق (ليتوانيا، لاتفيا، إستونيا). حسب بيانات رسمية، صدرت ألمانيا في موسم 2020/2021 حوالي 11,7 مليون طن من الحبوب (القمح، الشعير) نحو الخارج، بانخفاض بنسبة 8.2 في المئة عن الموسم السابق.

صحيح أن ألمانيا استوردت كذلك من دول في الاتحاد الأوروبي، لكن حجم صادراتها من القمح نحو هذه الدول إيجابي (أكثر من الواردات) بما يصل أو يتجاوز خمسة بالمئة.

حجم الإنتاج محدود

لكن هل يمكن لألمانيا تعويض أوكرانيا؟ قامت هذه الأخيرة بتصدير 33.5 مليون طن من الحبوب في موسم 2021/2022 وفق أرقام destatis. الرقم يبقى أكثر من طاقة التصدير الألمانية بحوالي الضعفين، ومع الحاجة المحلية لن تصل الصادرات الألمانية إلى مستوى أوكرانيا، خصوصا أن ألمانيا تعاني في بعض الفترات من الجفاف.

لكن في الجانب الآخر، يمكن لحجم الإنتاج الألماني أن يرتفع ليصل إلى ما كان عليه في سنوات سابقة، ما يتيح لألمانيا تصديرا أكثر لحبوبها، وتحديدا للقمح، الذي سبق لألمانيا أن صدرت 10,9 مليون طن منه عام 2014 حسب بيانات موقع الإحصاء statista.

تتجه صادرات القمح الألماني إلى دول أوروبية في الأساس، في حين تفضل دول أخرى خارج القارة القمح الأوكراني نظرا لسعره المنخفض عن القمح القادم من فرنسا وألمانيا وغيرها من الدول الصناعية.

غير أن الخطوة المصرية قد تشجع دولا أخرى على طرق أبواب القمح الألماني، علما أنها ليست الأولى هذا العام عربيا، فقد اشترى العراق 100 ألف طن من القمح الألماني. وتمت عملية الصفقة العراقية في مناقصة، ما يجعل شراء القمح الألماني ممكنا بأسعار تفضيلية خلال الأشهر المقبلة، خصوصا مع استمرار تراجع اليورو.

تعد السعودية من أكبر زبائن القمح الألماني، وكانت أكبر سوق لصادرات القمح الألماني خارج أوروبا خلال سنوات خلت، قبل أن تنفتح السعودية على القمح الروسي بعدما خفضت معايير الجودة المطلوبة في القمح المستورد، فهل تعود الرياض للقمح الألماني خصوصاً مع الأزمة الحالية ومع انخفاض أسعار اليورو؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد