اللغة الأمازيغية والكتابة: على هامش احتفاء رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية بصدور مئة كتاب

 

img-20161217-wa0027-1

محمد أكناض.//

ليست غاية رابطة “تيرا” للكتاب بالأمازيغية من الاحتفاء بصدور مئة كتاب احتفاء..بهذا الرقم في حد ذاته،فهو رقم عادي بسيط بالنسبة للغة ذات ثرات أدبي ضخم وعريق، وإنما الغاية   هي لفت النظر إلى أن اللغة الأمازيغية ليست مجرد لغة شفوية ،كما يعشق أن يصفها بعض من أصنام الماضي الذين يستكثرون عليها أن تكون لغة للكتابة ، وإنما هي لغة تمارس كتابيا،  لغة يبدع بها في مجالات شتى، و أكثر من ذلك أن من يبدعون بها، أو يبدعن عاشقون لها  مخلصون، يجدون المتعة في الإبداع بها، بل منهم من لا يجد متعة الكتابة إلا بها.

نعتبر هذه المسألة أساسية مادام هنالك حتى   من بعض المسؤولين من  لايزال  ينافح مستميتا من أجل الحيلولة بينها ويبن الكتابة حاصرا إياها في شرنقة  “التواصل”المبهمة، وكأن اللغات الأخر ليست للتواصل، ولكنها الرغبة القديمة الدفينة عند بعض مسؤولينا في التدليس والتلاعب بالألفاظ ،العقبة الكأداء التي تمنع هذه البلاد من انجاز أي قطيعة مع التخلف.

فخلافا لما هو شائع لدى العامة، فالكتابة  واكبت اللغة الأمازيغية منذ عهود  تاريخية سحيقة ليس فقط لأن الأمازيغ احتكوا بشعوب ذات تراث  فكري حضاري  راق، كالفراعنة،والإغريق والرومان،…وغيرهم ،و ساهموا في هذه الحضارات ونبغوا فيها،بل لأنهم اخترعوا للغتهم منذ القدم أبجدية خاصة هي الأبجدية الليبية التي منها انحدرت أبجدية “تيفيناغ”المرسمة اليوم في بلدنا لكتابة اللغة الأمازيغية،

وعلى امتداد التاريخ الاسلامي في بلاد الأمازيغ، تواصلت الكتابة بهذه اللغة، ورغم الصمت المريب للمؤرخين العرب الأمازيغ حول هذه النقطة بالذات،فإن بعض الشواهد التاريخية  الوضاءة أجلى من أن  من أن تطمسها أهواء المؤرخين هؤلاء،فالبكري مثلا يحدثنا عن الكتاب الديني الذي وضعه صالح بن طريف البرغواطي لأهل تامسنا، واستمر العمل به طيلة أربعة قرون على الأقل،والكتابات في المذهب الإباضي غزيرة،وعقيدة محمد بن تومرت  التي كان يلقنها لأهله المصامدة بالأمازيغية  تحدث عنها أكثرمن مؤرخ ،وفي الجنوب المغربي لا زالت تتداول مخطوطات الفقهاء بالأمازيغية  ك “بحر الدموع” و “الحوض”للفقيه محمد علي اوزال…وهذ ه مجرد أمثلة بسيطة ،يحب مسؤولونا ألا يعيروها أي اهتمام، عند ما يقررون بشأن هذه الللغة التي ظلت  بالنسبة لهم مجرد لغة شفوية .

وعندما تبلور الوعي الهوياتي لدى الشباب الأمازيغي، ابتداء من أوائل الأربعينيات في الجزائر،ومنتصف الستينيات في المغرب، فإنه  أولى أهمية كبرى لتأهيل هذه اللغة للكتابة، فبدأت تظهر أولى الإبداعات الأدبية المكتوبة بها منذ ذلك العهد ،و هكذا وخلال أربعين عاما مضت، تحقق تراكم  لا يستهان به  في هذا المجال،  إذ ظهرت أعمال رصينة بهذه اللغة بفضل جهود بعض الأفراد الرواد الجريئين الذين تجشموا هذا المجال فكتبوا بلغتهم الأم ،وبفضل جمعيات شجعت الإبداع بهذه اللغة كجمعية البحث والتبادل الثقافي التي تولت نشر العديد من هذه الإبداعات،  ثم منظمة تاماينوت،ولكن بظهور المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية،  وقع تحول كمي ونوعي في هذا المجال ،إذ صيغت  قواعد  املائية ونحوية للكتابة ، وحسم في حرف الكتابة رسميا،وصدرت مئات المؤلفات حول أشكال الثقافة الأمازيغية،ومنها تدوين أجزاء مهمة من تراثها الأدبي الشفوي،وصدرت عشرا ت الأعمال الإبداعية  بها،وعندما سمح بان تحدث مسالك  أو شعب للغة والثقافة الأمازيغية في بعض الجامعات المغربية،كجامعة ابن زهر باكادير وجامعة فاس،و جامعة محمد الأول بوجدا، كان ذلك دفعة قوية لدراسة أجزاء مهمة من الأدب الأمازيغي الشفوي منه والمكتوب ،فدرست أعمال إبداعية مختلفة ،وأنجزت بحوث في الإجازة والماستر وفي الدكتوراة تمحورت حول هذه الأعمال  ،وتبلورت لدى الشباب طاقات إبداعية  جديدة،اغتنت بفضلها اللغة الأمازيغية…

في هذا الخضم برزت “تيرا”رابطة الكتاب بالأمازيغية التي تأسست في يوليوز 2009 كإطار حاول أن يجمع قسما من المبدعين والمبدعات باللغة الأمازيغية، ممن كانوا في إطارات جمعوية أخرى و كان هاجس الكتابة يصل بينهم،واغلبهم سبق ان صدرت لهم أعمال إبداعية بهذه اللغة،وخلافا لأغلب الجمعيات الأخرى اختصت الرابطة بالأدب  الأمازيغي المكتوب.

كانت الرابطة منذ تاسيسها تعمل على ثلاثة محاور:

1- تكوين الشباب في كتابة بعض الأجناس الأدبية الحديثة التي مازالت لم تترسخ بعد في الأدب الأمازيغي المكتوب،كالقصة القصيرة،والمقالة،والمسرح.

2-تكوين المبدعين في إملائية الكتابة بالأمازيغية.

3-تنظيم قراءات دورية في الأعمال الإبداعية الجديدة.

4-تنظيم جائزة سنوية للإبداع في الأدب الأمازيغي المكتوب باجناسه المختلفة.

5-مساعدة الشباب على إصدار إنتاجاتهم الإبداعية بشراكة مع وزارة الثقافة.

6-نتظيم لقاءات أدبية، خاصة اللقاء الرسمي الذي تتدارس فيه إحدى قضايا وإشكالات الأدب الأمازيغي المكتوب.

المشاركة في المعارض الوطنية والجهوية للكتاب.

وإذ تحتفل رابطة  تيرا للكتاب بالأمازيغية ،فهي نهنئ المبدعين والمبدعات ممن آلوا على انفسهم أن يجعلوا لغتهم لغة الإبداع العصري المواكب لعنفوان الحياة وانعطافاتها،وإصرارهم على الإبداع يعتبر أحسن رد على من لا يزالون يحلمون بإعادة عقارب ساعة الزمان إلى الوراء .


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading