اللغة الأمازيغية تخضع للأهواء الشخصية..تحضر هنا وتغيب هناك

الحسين بويعقوبي

إن المتتبع لموضوع تطور حضور الأمازيغية في الفضاء العام المغربي سيستغرب من الطريقة التي يتم التعامل بها مع هذا الملف، حيث تحضر هنا وتغيب هناك، كما سيتساءل إن كانت نفس المرجعية هي المؤطرة للحضور والغياب، وهل يؤطر نفس القانون هذين الفعلين المتناقضين.

فالمعلوم أن حروف تيفيناغ كانت سبب اعتقال المحامي حسن إدبلقاسم في بداية سنوات 1980, وتدخلت السلطة لتزيل تسمية فندق بأكادير كتب إسمه بالحروف الأمازيغية، لكن في السياق نفسه تم التسامح مع مجلة “أمازيغ” التي كان اسمها يكتب بتيفيناغ.

ومنذ بداية سنوات 1990 ، كانت يافطات مقرات الجمعيات الأمازيغية مكتوبة أيضا بالحرف الأمازيغي، كما أن لافتات بعض الأنشطة كتبت في بعض المدن بنفس الحرف في الفضاء العام وكذا عناوين بعض الجرائد الأمازيغية ولم يثر ذلك حفيظة السلطة المحلية، مع العلم أن الأمازيغية لم يكن معترفا بها آنذاك، ولا نص قانوني يؤطر وضعها ولا شرعية قانونية لحرفها.

بل إن جماعة محلية، أملن، بدأت في كتابة أسماء الدواوير بالأمازيغية قبل أي اعتراف، والشيء نفسه لدى بعض المحلات التجارية.

وقد إزداد حضور الحرف الأمازيغي في الفضاء العام، وإن بوثيرة مختلفة حسب المناطق، منذ الخطاب الملكي لأجدير في 10 أكتوبر 2001 وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وخاصة بعد موافقة الملك سنة 2003, باقتراح من المعهد، بتبني حرف تيفيناغ، الحرف الرسمي لكتابة الأمازيغية، وبذلك كتبت به الكتب المدرسية لتعليم هذه اللغة.

ومنذ الاعتراف الدستوري بالأمازيغية لغة رسمية سنة 2011, إزداد حضور هذا الحرف في الفضاء العام، وكتبت به المؤسسات الرسمية كالبرلمان والوزارة والمؤسسات العمومية، كالمحاكم والشرطة كما كتبت به أسماء بعض السفارات والقنصليات الأجنبية … مما جعل من العاصمة الرباط المدينة التي تعرف أكبر حضور للحرف الأمازيغي في الفضاء العام، تبعتها فروع هذه المؤسسات في باقي المدن المغربية.

ومن تم، فالقول بأن الدولة ضد الحرف الأمازيغي قول لا يستقيم بناء على المعطيات السالفة الذكر، لكن في الوقت نفسه، خاصة في بعض اللحظات الحاسمة، كالبدلة الرسمية للمنتخب الوطني المشارك في كأس العالم بقطر 2022 أو الحافلة التي نقلته بين مطار الرباط والقصر الملكي، احتفاء بإنجازه التاريخي أو يافطة المحطة الطرقية للرباط أو محطة القطار أكدال…نجد إقصاء لحضور هذه اللغة وحرفها دون مبرر مقنع.

وهو ما يجعل هذه اللغة، رغم رسميتها منذ 2011 وصدور قانونها التنظيمي منذ 2019، تحضر هنا و تغيب هناك، وكأن ذلك مرتبط أساسا بالأهواء الشخصية لمن له القرار هنا و هناك، ذون مراعاة لا للدستور ولا لأي قانون. ومن تم فالوضع يحتاج للتدخل العاجل ممن له السلطة والصلاحية في هذا الموضوع لفرض احترام الدستور في كل القرارات خاصة ما يتعلق باستعمال اللغتين الرسميتين للمغرب، العربية والأمازيغية، والعمل على إظهار هذا التعدد في الهوية البصرية لبلدنا خاصة في المحافل الدولية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد